بنك الكويت الوطني : آفاق نمو الاقتصاد العالمي تتلقى دفعة
بعد حزمة استثمارات بايدن الضخمة في البنية التحتية
لا تزال آفاق النمو العالمي لعام 2021 تشير إلى أداء قوي، فيما يتم تعديلها لتعكس تعافي الاقتصادات من الانكماش الحاد الذي شهدناه العام الماضي، إلى جانب تطبيق سياسات التحفيز الضخمة في الولايات المتحدة، وإطلاق برامج اللقاحات، والذي شهد تبايناً واختلافاً ملحوظاً من دولة لأخرى. ومؤخراً، رفع صندوق النقد الدولي آفاق نمو الاقتصاد العالمي لعام 2021 بنسبة 0.5 في المئة إلى 6.0 في المئة على خلفية تسارع وتيرة نمو الاقتصادات المتقدمة (5.1 في المئة)، على الرغم من أن نمو الأسواق الناشئة سيظل بوتيرة أسرع (6.7 في المئة). وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، قد يبدو المشهد العام أكثر تفاؤلاً، إلا أن بعض المخاطر ما زالت تحيط بالاقتصاد العالمي في ظل تزايد حالات الإصابة بالفيروس، مما أدى إلى فرض قيود جديدة في دول كالهند على سبيل المثال، إلى جانب استمرار المخاوف بشأن السلالات المتحولة من الفيروس حتى في الدول ذات معدلات التلقيح المرتفعة.
وفي ذات الوقت، فإن المخاطر المتمثلة في تحسن معدلات النمو بالإضافة إلى ما تشهده سلاسل التوريد من اضطرابات وارتفاع تكاليف المواد الخام ستؤدي مجتمعة إلى ارتفاع معدلات التضخم، وهو الأمر الذي يستدعى الانتباه. ولم تعكس إحصاءات التضخم الرسمية ذلك التوجه بعد، إلا أن ضغوط الأسعار آخذة في التزايد بشكل واضح، وإذا استمرت على هذا الحال، فقد تتضرر الشركات وتزعزع الثقة وتجبر البنوك المركزية على التخلص من سياسات التحفيز المالي، مما قد يؤثر بدوره على وتيرة الانتعاش.
تحفيز بايدن
أدى تسارع وتيرة برامج اللقاحات، وإعادة فتح أنشطة الأعمال، والطلب المكبوت إلى تلقي آفاق نمو الاقتصاد الأميركي، في ظل إدارة الرئيس جو بايدن، دفعة قوية مع الإعلان عن حزمة مالية تنصب على تحسين البنية التحتية بقيمة تريليوني دولار (9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) بما في ذلك تطوير الطرق والجسور ووسائل النقل العام والإسكان والشبكات والاستثمار في التكنولوجيا الصديقة للبيئة. ويأتي هذا المقترح بالإضافة إلى برامج التحفيز المالي بقيمة 2.8 تريليون دولار، والتي تم تنفيذها على حزمتين منذ ديسمبر الماضي. وإذا تم تنفيذ ذلك بالفعل، فسيكون التأثير على المدى القريب أقل بكثير من التأثيرات السابقة، وذلك نظراً لأن النفقات المتعلقة بهذا البرنامج ستستغرق 10 سنوات، وسيتم تعويضها جزئياً من خلال رفع ضرائب الشركات (وإن كان ذلك على مدى 15 عاماً). ويبدو مدى زخم الانتعاش الاقتصادي جلياً بالفعل من خلال تحسن بيانات الاقتصاد الكلي، بما في ذلك ارتفاع قراءات مؤشر مديري المشتريات الصادر في شهر مارس عن معهد إدارة التوريدات (ISM) لكل من قطاعي الصناعة والخدمات، بالإضافة إلى القفزة التي شهدتها بيانات الوظائف غير الزراعية التي سجلت نمواً تخطى التوقعات بإضافة 916 ألف وظيفة. وظلت معدلات التوظيف دون مستويات ما قبل الجائحة بمقدار 8 ملايين وظيفة (أو 6 في المئة)، ويبدو، على الأرجح، أن بيانات الوظائف ستواصل نموها بمعدلات مماثلة خلال الأشهر القادمة، وهو الأمر الذي سيساهم بدوره في تعزيز عودة الثقة والانفاق الاستهلاكي. وتشير بعض التوقعات إلى وصول معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 8 في المئة هذا العام، مقابل - 3.5 في المئة في عام 2020.وكان مجلس الاحتياطي الفدرالي قد أبقى سياسته دون تغيير في مارس الماضي، وأصر على موقفه بأنه- على الرغم من المخاوف المتزايدة- من غير المرجح أن يؤدي تسارع وتيرة النمو الاقتصادي إلى 6.5 في المئة هذا العام لزيادة التضخم بمعدلات ضخمة، نظراً لاستمرار بعض مظاهر الركود الاقتصادي. إلا أن استمرار الكشف عن موجات متتالية من البيانات الاقتصادية القوية ستضع البنك تحت وطأة المزيد من الضغوط خلال الأشهر المقبلة. وعلى الرغم من أن قراءة مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي بلغت 1.4 في المئة فقط على أساس سنوي في مارس، فإنه قد يشهد المزيد من الارتفاع متخطيا المستوى المستهدف البالغ 2 في المئة في الأشهر القليلة المقبلة نتيجة لتأثير العوامل الاساسية على أساس سنوي. والأهم من ذلك، أن بيانات المؤشر تظهر بالفعل تعرض الشركات لزيادات حادة في أسعار مستلزمات الانتاج، نظراً للقيود المفروضة على الطاقة الإنتاجية، والاضطرابات التي تشهدها سلاسل التوريد، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المواد الخام- وهو ما قد ينعكس في نهاية الأمر على ارتفاع أسعار المستهلك خاصة مع انتعاش الطلب. وعلى الرغم من تأكيد الاحتياطي الفدرالي على استعداده لتحمل ارتفاع معدل التضخم إلى أعلى من 2 في المئة لفترة من الوقت، فقد يضطر إلى التراجع عن سياسته شديدة التيسير بنهاية العام.