في أول قمة له في البيت الأبيض منذ توليه منصبه، واصل الرئيس الأميركي جو بايدن العمل على تعهّده بتنشيط تحالفات انهارت في عهد سلفه الجمهوري دونالد ترامب، وسعى إلى إظهار جبهة موحدة مع رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا لمواجهة تنامي قوة الصين، التي اعترضت بشدة على اللقاء.وعكس قرار بايدن دعوة رئيس وزراء اليابان ليكون ضيفه الأول، وبعده رئيس كوريا الجنوبية مون جاي-إن، في مايو المقبل، تعديل الأولويات الأميركية وانتقالها من الشرق الأوسط الى آسياـ واستراتيجية ترميم التحالفات الأميركية للتركيز على الصين باعتبارها التحدي الأكثر إلحاحاً.
الممرات المائية
ووسط تزايد المخاوف من تحرّكات الصين في الممرات المائية المتنازع عليها، أكد الزعيمان التزامهما بمواجهة التحديات من الصين، وضمان منطقة المحيطين الهندي والهادي سلمية وحرّة ومفتوحة، وشددا على أن تحالفهما ودعمهما للأمن المشترك "راسخ".وقال بايدن، في مؤتمر صحافي مع سوغا: "نحن مصمّمون على العمل معاً لمواجهة الصين وفي قضايا مثل البحر الشرقي والبحر الجنوبي، وكذلك كوريا الشمالية، وأننا نعمل معًا لإثبات أنّ الديمقراطيّات يمكنها الانتصار من خلال تحقيق نتائج لمصلحة شعوبها".وقال سوغا: "اتفقنا على معارضة أي محاولات لتغيير الوضع الراهن في البحرين بالقوة أو الإكراه وترهيب الآخرين في المنطقة"، التي تطالب الصين بالسيادة عليها، كما تطالب الفلبين وماليزيا وفيتنام وبروناي وتايوان بالسيادة على أجزاء منها.ومُكرّراً فكرة الاتّحاد بين الديمقراطيّات، تحدّث أوّل زعيم أجنبي يستقبله بايدن في واشنطن عن تحالف أساسه "الحرّية والديمقراطيّة وحقوق الإنسان"، مؤكّدًا أنّ طوكيو وواشنطن ستعارضان "أيّ محاولة" من جانب بكين "لتغيير الوضع الراهن بالقوة أو بالترهيب في بحرَي الصين الجنوبي والشرقي".دبلوماسية الأولمبياد
وإذ أكد بايدن العمل مع طوكيو "لتعزيز شبكات 5G موثوقة وآمنة"، تعهّد سوغا بفعل كل ما في وسعه لاحتواء فيروس كورونا وعقد دورة ألعاب أولمبية "آمنة" هذا العام.وقبل أقلّ من 100 يوم من افتتاح الألعاب الأولمبيّة التي أرجئت العام الماضي بسبب الجائحة، وبعد تقارير نفتها لاحقاً إدارته عن نية بلاده إنشاء تحالف لمقاطعة أولمبياد الصين الشتوي، قال بايدن إنّه "يدعم جهود رئيس الوزراء سوغا لتنظيم ألعاب أولمبيّة بأمان تامّ"، وعبّر، في بيان مشترك، عن فخره وسوغا "بالرياضيّين الأميركيّين واليابانيّين الذين تدرّبوا لهذه الألعاب، ليتنافسوا بروح أولمبيّة".ولعبت الرياضة دوراً في تحسين العلاقات بين الصين والولايات المتحدة في عز الخلاف الصيني - السوفياتي فيما بات يعرف بـ "دبلوماسية البينغ بونغ". وقبل أن يستقبله بايدن، شدّد سوغا خلال لقائه نائبة الرئيس كامالا هاريس على أنه "يجب أن يكون التحالف قوياً للغاية في هذا الوقت".وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، إن هذه القمة وتلك المقرر عقدها مع رئيس كوريا الجنوبية يجب أن تبعث "رسالة قوية" حول "الأهمية البالغة" لعلاقات الولايات المتحدة في آسيا.وفي بيان مشترك، جددت الولايات المتحدة دعمها لليابان "باستخدام مجموعة كاملة من القدرات، بما في ذلك النووية"، رافضة "أيّ عمل أحادي يهدف إلى تقويض الإدارة اليابانية لجزر سينكاكو"، الصغيرة غير المأهولة بالبحر الشرقي، التي ترصدها الصين بسفنها بانتظام في الأسابيع الأخيرة، وتطالب مع تايوان بالسيادة عليها أيضاً.الصين غاضبة
في المقابل، أعربت السفارة الصينية في واشنطن عن القلق من البيان الياباني - الأميركي. وقالت، في بيان، "إن تايوان وهونغ كونغ وشينغيانغ من الشؤون الداخلية للصين. ويتعلّق بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي بوحدة أراضيها وحقوقها ومصالحها البحرية. وتؤثر هذه الأمور على المصالح الأساسية للصين، ولا تسمح بأي تدخّل". وأضافت: "نعرب عن قلقنا الشديد ومعارضتنا الشديدة للتعليقات ذات الصلة في بيان القادة المشتركين. ستعمل الصين بحزم على حماية سيادتها الوطنية وأمنها ومصالحها التنموية".واعتبرت السفارة الصينية أن "هذه التعليقات تجاوزت نطاق التطور الطبيعي للعلاقات الثنائية، وتضر بمصالح طرف ثالث، والتفاهم المتبادل والثقة بين دول المنطقة، والسلام والاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادي، ومما يثير السخرية على نحو أكبر أن هذه المحاولة التي تأتي لإذكاء الانقسام وبناء التكتلات ضد الدول الأخرى، يتم إدراجها تحت راية "الحريّة والانفتاح".وتابعت: "يتعارض مخطط الولايات المتحدة واليابان مع اتجاه العصر وإرادة شعوب المنطقة. ورغم أنه يهدف لهدم الآخرين، فإنه لن يؤدي إلا إلى إيذاء أنفسهم".وأعربت تايوان عن تقديرها لأميركا واليابان بسبب إعادة تأكيد أهمية السلام والاستقرار في مضيقها، الذي أصبح مركز منطقة المحيطين الهندي والهادي والعالم"، داعياً بكين إلى تحمّل المسؤولية للمساهمة بشكل مشترك في الأمن والرخاء في المنطقة.وخلال مؤتمر افتراضي بمركز الأبحاث الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أعرب رئيس الوزراء الياباني عن استعداده لإجراء لقاء مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون دون أي شروط مسبقة، مؤكداً أنه "مصمم على العمل في الخطوط الأمامية في سبيل حل قضية المختطفين وإقامة علاقات مثمرة معه".في هذه الأثناء، أفادت تقارير بأن كيم بصدد تكثيف برنامجه النووي، وأمر الجيش بالتأكد من أن صواريخه جاهزة للقتال. وقال مصدر رفيع المستوى إنه تم إبلاغ المسؤولين العسكريين هذا الأسبوع بأنهم يجب أن يكونوا مستعدين لتنفيذ أوامر الزعيم "في أي وقت".ووضعت القوات في حال تأهب، قبل أن تحتفل الدولة الشيوعية بعيد ميلاد مؤسسها، كيم إيل سونغ، في حدث يُعرف باسم "مهرجان الشمس". وزعم مصدر مقرّب من النظام الكوري الشمالي، أنه من غير المعتاد إصدار مثل هذا الأمر خلال أسبوع المهرجان.