طوت الجداوي فترة الستينيات من دون أن تحسم قرارها بالتفرغ للتمثيل أو عروض الأزياء، وظلت حائرة بين ثناء الجمهور والنقاد على موهبتها وتلقائيتها في الأداء، ونجوميتها في مجال الأناقة، وقرّرت التركيز في التمثيل فقط، لتخرج من شخصية الفتاة الأرستقراطية، وأعاد المخرجون اكتشاف قدراتها في تجسيد شخصيات متنوعة، وتعددت أقنعتها على الشاشة، وتضاعف رصيدها الفني خلال فترة السبعينيات.
سيداتي آنساتي
وقدمت نجمة الأناقة الكثير من الأدوار المتميزة في الدراما التلفزيونية، ومنها المسلسل الاجتماعي «للأزواج فقط» عام 1970، المأخوذ عن قصة للأديب أمين يوسف غراب، وإخراج نظمي بغدادي، وبطولة زهرة العلا، وتوفيق الدقن، ومديحة سالم، وبدر الدين جمجوم، كما شاركت في مسلسل «سيداتي آنساتي» للمخرجة أنعام محمد علي، من بطولة النجوم نور الشريف، ومحسن سرحان، وأبوبكر عزت، وصلاح قابيل، وقام بتأليفه وفية خيري، وعاصم توفيق، ومصطفى كامل، وتدور أحداثه في حلقات منفصلة لكل حلقة قصة مختلفة، بطاقم عمل مختلف.وفي نفس العام، أسند إليها المخرج يحيى العلمي دور الفتاة الطموحة «سونيا» في مسلسل «أشجان» بطولة سهير رمزي، وسناء جميل، وزوزو ماضي، وأشرف عبدالغفور، وسيد زيان، ويدور حول فتاة فقيرة تُدعى «أشجان» تعيش في بنسيون مع صديقتها «سونيا»، التي تطمح أن تصبح سيدة غنية، لكنها تتعرض للقتل، وتشاهد أشجان القاتل قبل هروبه، وتتوالى الأحداث.وقدمت نجمة الأناقة دوراً متميزاً في مسلسل «العصابة» للمخرج إبراهيم الصحن، وبطولة كوكبة من النجوم منهم عبدالله غيث، ونبيلة عبيد، وعزت العلايلي، ومحمود المليجي، وبوسي، ومريم فخر الدين، وسعد أردش، وعبدالمنعم إبراهيم، وعبدالوارث عسر، ورشوان توفيق.وشاركت أيضاً في مسلسلين من نوعية الأكشن والإثارة خلال عام 1971، أولهما «جريمة الساعة 11» للمخرج رفعت قلدس، من بطولة زيزي البدراوي، ومحمود المليجي، وأبوبكر عزت، وثانيهما «المجنون» مع النجوم عبدالله غيث، وكريمة مختار، وشفيق نور الدين، وأحمد عبدالحليم.
القاهرة والناس
وفي عام 1972 شاركت الجداوي في مسلسل «القاهرة والناس»، الذي اعتُبر بداية جديدة لمشوارها في الدراما التلفزيونية، لاسيما أنه من أشهر الأعمال الدرامية ذات الطابع الاجتماعي، وامتدت حلقاته من منتصف الستينيات، ودارت أحداثه حول العلاقة بين أفراد أسرة مصرية من خلال سلسلة من الحكايات المنفصلة في كل حلقة، وكتبه المؤلفان عاصم توفيق ومصطفى كامل، وأخرجه محمد فاضل، وشهد هذا العمل ظهور الكثير من النجوم في بداية مشوارهم الفني، ومنهم نور الشريف، ومحمود ياسين، وصفية العمري، وبوسي، وعفاف شعيب، وصلاح قابيل، وصلاح السعدني، وحمدي أحمد وغيرهم.والتقت الجداوي للمرة الأولى المخرج نور الدمرداش في المسلسل الشهير «الدوامة»، الذي عُرض عام 1973 قصة الكاتب إبراهيم الورداني، وبطولة النجوم محمود ياسين، ومحمود عبدالعزيز، ونادية الجندي، ونيللي، ويوسف فخرالدين، ومحمد توفيق، وتدور أحداثه حول أزمة الشاب «محمود» وشعوره بالرتابة والعزلة، ويحاول أصدقاؤه إقناعه بالبحث عن الحب والزواج، لكن سرعان ما تنقلب الأمور، ويقع في دوامة كبيرة لا يدرك لها نهاية.وعادت الجداوي إلى الدراما الاجتماعية من خلال مسلسل «لحظة اختيار» عام 1978 للكاتبة فتحية العسال، والمخرجة علوية زكي، وقامت بدور «ناهد» أمام سيدة المسرح سميحة أيوب، وعبدالرحمن أبوزهرة، وخيرية أحمد، ونعيمة وصفي، وتدور قصته حول أزمة زوجة بعد انفصالها عن زوجها، بينما ابنها يعمل بعيداً عنها، ولكنها تقاوم اليأس، وتبدأ حياة جديدة. وفي العام نفسه التقت للمرة الأولى النجم عادل إمام في المسلسل الشهير «أحلام الفتى الطائر» سيناريو وحيد حامد، وإخراج محمد فاضل، ولعبت رجاء دور «سوسن» المتزوجة من المؤلف حسين رأفت (الفنان عمر الحريري)، وتتطلع إلى الثراء، فتطلب منه الطلاق، وتنقلب حياته رأساً على عقب، ويصبح نزيلاً في مستشفى الأمراض العقلية.وتتشابك قصة «سوسن وزوجها» مع شخصية «إبراهيم الطاير»، التي جسدها عادل إمام وعودته مرة أخرى لنشاطه المعتاد في السرقة، حيث يقوم بعملية ضخمة لتهريب الأموال ويقوم بالاختباء مع الأموال المهربة في مستشفى للأمراض العقلية بالاتفاق مع مدير المستشفى، وبعد موت المدير يهرب إبرهيم بصحبة «المؤلف» ويختبئ من الشرطة والعصابة التي تريد الأموال الموجودة معه، وتتصاعد الأحداث.زائر الفجر
وشاركت الجداوي خلال فترة السبعينيات في ثمانية أفلام، أولها «أصعب جواز» عام 1970، للمخرج محمد نبيه، وقامت بدور الفتاة الريفية «سميرة» مع النجوم حسن يوسف، ومحمد عوض، وميرفت أمين، وعبدالمنعم مدبولي، ونبيلة السيد، ودارت قصته في إطار كوميدي، حول هروب ثلاث شقيقات من منزل والدهن الرجل الريفي الحازم إلى القاهرة، بعد تحديده موعد زواجهن من أولاد عمهن الثلاثة، وتُقِمن عند خالهن الذي يقف بجانبهن.وفي عام 1973، شاركت الجداوي في فيلم «زائر الفجر» للمخرج ممدوح شكري، بطولة ماجدة الخطيب، وعزت العلايلي، ويوسف شعبان، وتحية كاريوكا، وسعيد صالح، ودارت أحداثه في إطار بوليسي حول كشف لغز مقتل صحافية في شقتها، وتتسع دائرة التحقيقات حول ملابسات وفاتها، ومحاولة التوصل إلى الجاني. ولعبت نجمة الأناقة دور «نادية» في فيلم «ليتني ما عرفت الحب» عام 1976، أمام النجوم محمود ياسين، وميرفت أمين، وعادل أدهم، ومحمود المليجي، وعماد حمدي، وإخراج أنور الشناوي، وتدور أحداثه حول فتاة تهرب من ماضيها بالسفر من القاهرة إلى بيروت، وهناك تتعرف إلى شاب مصري يطلب منها الزواج، بينما يطاردها شخص يعرف سرها، وأنها هربت من مستشفى الأمراض العقلية، فتعترف لخطيبها بماضيها المأساوي.وفي العام نفسه، شاركت الجداوي في الفيلم الكوميدي «أزواج طائشون» للمخرج نيازي مصطفي، ولعبت دور «شهيرة» أمام النجوم عادل إمام، وسعيد صالح، وسمير غانم، وصفاء أبوالسعود، ومديحة كامل، وتدور قصته حول معاناة الصديقين «شريف وفكري» من انشغال زوجتيهما الدائم، فزوجة «شريف» تعمل عارضة أزياء، وزوجة «فكري» معلمة، وتتصاعد الأحداث.وعادت نجمة الأناقة، لتجسيد شخصيتها كعارضة أزياء في فيلم «نساء في المدينة» عام 1977، للمخرج حلمي رفلة، وبطولة حسين فهمي، وميرفت أمين، ومحمود المليجي، ومديحة كامل، وفي العام التالي قامت بدور «سلوى» في فيلم «ابتسامة واحدة لا تكفي» تأليف مصطفى يركات، وإخراج محمد بسيوني، وبطولة نور الشريف، ويسرا، ومصطفى فهمي، وإيمان سركيس وهياتم.زواج بالمصادفة
جرف تيار الفن نجمة الأناقة، وتلاحق ظهورها على شاشة السينما والتلفزيون، وتأجل تفكيرها في الزواج عاماً بعد آخر، وشعرت والدتها بالقلق، وألحت عليها بأن تسرع في البحث عن شريك العمر، قبل أن تصل إلى مرحلة العنوسة، وكانت رجاء على موعد مع مصادفة طريفة، حين التقت بحب حياتها ـ كما كانت دائما تصفه ـ الكابتن حسن مختار حارس مرمى المنتخب المصري لكرة القدم مطلع سبعينيات القرن الماضي، وكانت خالتها الفنانة تحية كاريوكا قد طلبت منها أن تؤدي الدور الذي تلعبه الفنانة نبيلة عبيد في عروض مسرحية «روبابكيا» في دولة السودان، بعد اعتذار نبيلة.وانتهت قصة تعارف رجاء والكابتن حسن الطريفة بالزواج خلال أيامٍ قليلة من عودتهما إلى مصر على متن الطائرة ذاتها، ليصبح حارس مرمى قلبها، كما وصفته أكثر من مرّة... هي لم تكن تعرف شيئاً عن كرة القدم، وهو لا يملك أدنى فكرة عن طبيعة عملها كعارضة أزياء، لكنّ صوت العقل الذي طغى على رنين نبضات القلب وقتها، كان مقدمة لقصة حبٍ كبير امتد نحو 46 عاماً، فترة زواجهما التي اعتبرت من الأطول في الوسط الفني المصري، وأثمرت عن ابنتهما الوحيدة أميرة، وانتهت بوفاة حسن مختار في عام 2016، وظلت تعيش على ذكريات «حب عمرها».ذكريات فيلم
وفي تجربة مهمة أضافت الكثير إلى رصيدها السينمائي، شاركت الفنانة رجاء الجداوي في فيلم «لا تبكي يا حبيب العمر» عام 1979، وحقق العمل نجاحاً جماهيرياً كبيراً في دور العرض، وكتب قصته وقام ببطولته النجم فريد شوقي، وأخرجه أحمد يحيى، وشارك فيه النجوم نور الشريف، وميرفت أمين، وعبدالوارث عسر، وأحمد الجزيري، ودارت أحداثه حول طبيب جراح شهير يواجه أصعب عملية جراحية في حياته، وحين يخفق في إجرائها، تنقلب حياته رأساً على عقب. واعتادت الفنانة رانيا فريد شوقي، استعادة ذكريات وأهم أعمال والدها الفنان الراحل فريد شوقي، وذات مرة نشرت بعض الصور من هذا الفيلم، منها صورة تجمع بين «ملك الترسو» و«نجمة الأناقة» مصحوبة بتعليق جاء فيه: «الفيلم الذي أبكى الرئيس أنور السادات، بل كان باعة المناديل يقفون أمام السينما ليشتري الجمهور المناديل حتى يمسحوا دموعهم أثناء مشاهدة الفيلم بدلاً من التسالي المعتادة!».شاروخان ينقذ رجاء من السقوط على المسرح
تعرضت الفنانة رجاء الجداوي لأزمات عديدة مرت بها في حياتها الخاصة، أو خلال مشوارها الفني، وكانت تعاني أزمة عدم الثقة في موهبتها، وأصابتها الرهبة عندما شاركت في مسلسل «العائلة» أمام الفنان الكبير محمود مرسي، واستشعرت أنه غير راضٍ عن وجودها في العمل، وشعرت بتوتر بالغ حين واجهته أمام الكاميرا، لكن بعد انتهاء أول مشهد بينهما، أثنى على أدائها، وقال لها مبتسماً: «أول مرة أحب بنت سمراء».والموقف الثاني عندما أُصيبت رجاء الجداوي بورم في الغدة أثناء عرض مسرحية «الواد سيد الشغال»، ما تسبب في زيادة وزنها، فاعتزلت بسببه عملها كعارضة أزياء، لكنها لم تُحبَط واهتمت بالتمثيل، وأظهرت موهبتها في الأداء الكوميدي والتراجيدي، مما جعلها الممثلة الأكثر حضوراً في السينما والدراما التلفزيونية. وكانت نجمة الأناقة تعتقد أنها ثقيلة الظل ولا تصلح للأدوار الكوميدية، ولكن النجم عادل إمام أقنعها بالتمثيل الكوميدي، وشاركته خلال مواسم عديدة في مسرحيتي «الواد سيد الشغال» و«الزعيم»، وبالفعل وقفت أمامه في المسرح وتخطت أزمتها، وكانت تعتبر أن ظهورها اليومي على خشبة المسرح أصعب اختبار للممثل ولا يحتمل الخطأ أو النسيان، مما أكسبها ثقة كبيرة في قدرتها على مواجهة الجمهور. وواجهت الفنانة رجاء الجداوي موقفاً طريفاً أثناء تكريمها عام 2019، ضمن فعاليات موسم الترفيه بالعاصمة السعودية الرياض، وكان عليها الصعود إلى خشبة المسرح عبر درجات بلا جوانب، وكان هذا الأمر شديد الصعوبة بالنسبة إليها، وخشيت السقوط والتعرض للحرج. وحينما ذكروا اسمها، توجه إليها النجم العالمي شاروخان، وأخذ بيدها، وصعد بها، ومرت أزمتها بسلام.