الهيئة العامة للقوى العاملة... رقابة ردّة الفعل!
إن المبادرة والإمساك بزمام الأمور أولاً، أمران رئيسيان من الضروري أن تتحلّى بهما أي جهة حكومية، سواء وزارة أو مؤسسة أو هيئة، لا أن ترسم خطواتها وتتحرك بناء على "ردّة الفعل" وبعد حدوث المشكلة، بل تكون سبّاقة بما يضمن منع حدوثها، غير أن ذلك لا ينطبق على الهيئة العامة للقوى العاملة، التي باتت نموذجاً للجهة الحكومية التي تعمل وفق "ردّة الفعل"، إذ إن حالة حارس أمن مدرسة ثانوية سليمان العدساني، خير دليل على ذلك، حيث إن راتبه لم يحوّل على البنك منذ 5 أشهر. أين رقابة الهيئة على مثل هذه الحالات والشركات؟ خصوصاً أن القرارات الصادرة عن الهيئة، الخاصة بالتأكد من صرف المستحقات الشهرية للعمالة، تلزم الشركات المسجل على ملفاتها أقل من 5 عمال، تقديم شهادات إثبات تحويل رواتب كل 3 أشهر، أما الشركات المسجل عليها أكثر، فيتم التأكد من تحويل الرواتب من خلال الربط الآلي بين الهيئة والبنوك المحلية، غير أن هذا الإجراء موقوف حالياً حتى إشعار آخر، ومستبدل بإلزام صاحب العمل بكتابة إقرار وتعهّد بسداد وتحويل رواتب عمالته."فيديو" حارس الأمن، الذي لاقى انتشاراً واسعاً كالنار في الهشيم وصدى نيابيا وشعبيا، ما كان له الظهور في حال اضطلعت "القوى العاملة" بمهامها المنوطة، وفعّلت أدواتها القانونية التي تجيز لها التأكد من تسلّم هذا العامل، المغلوب على أمره وآلاف غيره، رواتبهم بصورة شهرية دون تأخير، لا أن يظل مقهوراً طوال 5 أشهر ماضية من دون مصدر رزق، وفي حال عدم حدوث ذلك تتخذ الهيئة الإجراءات اللازمة والحاسمة - وهي كثيرة ومتعددة لديها - الكفيلة بمحاسبة الشركة المخالفة والمسجلة هذه العمالة على ملفاتها، لضمان عدم تكرار الأمر مستقبلاً، بل تكون عِبرةً لغيرها من الشركات العاملة في القطاع الأهلي أو المرتبطة بتنفيذ عقود حكومية مع الدولة.
يؤكد المراقبون لسوق العمل، أن مشكلة "عامل الحراسة" لن تكون الأخيرة، بل ستتكرر مستقبلا، لاسيما أن "الفزعة" الحكومية التي تبنتها جهات الدولة كافة ذات العلاقة، وعلى رأسها الهيئة العامة للقوى العاملة - في أعقاب الموجة الأولى من تفشي جائحة كورونا لضبط وتنظيم سوق العمل، ومحاسبة الشركات التي تسلب حقوق عمالتها، وغير المنتظمة في صرف رواتبها الشهرية - "برُدت"، ولم تعد أولوية كما كانت حينذاك.ويرى المراقبون أن إصرار بعض الشركات على عدم صرف مستحقات عمالتها بمنزلة "تجارة إقامات مقنعة" صار لزاماً على "القوى العاملة" وقفها فوراً واتخاذ إجراءات قانونية حازمة وصارمة حيالها، خصوصا أن الأمر يتخطّى الشأن المحلي، في ظل الانتشار الواسع الذي حققه "فيديو الحارس" على مواقع التواصل، حتى أصبح "تريند" على "تويتر"، واحتل "هاشتاق" "أفرجوا_عن_الحارس" الصدارة كأكثر الموضوعات تداولاً، معتبرين أن هذا كله له تأثير سلبي وينعكس وبالاً على سمعة الكويت أمام المنظمات الدولية المعنية بشؤون العمالة الوافدة وحقوق الإنسان. يشير المراقبون إلى أن تصرّف "القوى العاملة" عقب انتشار الفيديو، من التحقيق في الأمر واستدعاء ممثّل الشركة القانوني، وإمهالها يوماً واحداً لصرف مستحقات عمالتها المتأخرة، جيّد، غير أنه كان يجب أن يسبق حدوث المشكلة لا أن يجيءَ بعدها، لاسيما أن الحارس لم يتسلّم راتبه منذ 5 أشهر، مشددين على ضرورة تسهيل إيصال أصوات هذه العمالة المتضررة إلى مسؤولي الهيئة عبر القنوات الآلية، في ظل إطلاق النظام الآلي الشامل، بما يضمن تقديم العامل شكوى تأخُّر صرف مستحقاته والنظر فيها والبتّ بأقصى سرعة ممكنة.