قال الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني، عصام الصقر، إن البنك واصل البناء على زخم تشغيلي جيد شهده منذ نهاية العام الماضي، وحقق أرباحاً في الربع الأول من 2021 بلغت 84.3 مليون دينار، مقارنة مع 77.7 مليونا في الربع المقارن من 2020، وبنمو نسبته 8.5 بالمئة.وأضاف الصقر، في مقابلة مع قناة العربية، أن أرباح الربع الأول عكست مرونة نموذج أعمال البنك المتنوع، والسياسة المتحفظة لإدارة المخاطر، إضافة إلى جدوى استثماراته خلال السنوات الماضية في التكنولوجيا.
وأكد أنه استمراراً لبوادر التعافي التي تم تسجيلها مع نهاية 2020، فقد تحسّنت وتيرة تجنيب المخصصات، بدءا من الربع الرابع من عام 2020 وتواصل زخم هذا التحسن في الربع الأول من 2021، مشيراً إلى أن استمرار خفض وتيرة تجنيب المخصصات من شأنه أن يكون له تأثير إيجابي على مستويات الربحية خلال 2021. وشدد على أن المحرك الرئيسي لنمو أرباح البنك يعود إلى استراتيجيته التي تركّز على نمو الإيرادات من العمليات المصرفية الأساسية، بجانب التنويع في الأسواق التي تشكّل فرصا للنمو وكذلك مواصلة الاستثمار في التقنيات الحديثة.ولفت إلى أن البنك يأخذ في الحسبان أن الجائحة لم تنته بعد، ولا تزال تداعياتها تؤثر على البيئة التشغيلية، لذلك سيواصل اتباع سياسة متحفظة لا تؤثر على خططه الاستراتيجية أو مسار نموه المستقبلي.وأوضح أن «الوطني»، وعلى مدى تاريخه الممتد لنحو سبعة عقود، أتقن تخطي العديد من الأزمات وتجاوزها، كما يشكّل أحد دعائم التعافي والانتعاش الاقتصادي في الأسواق التي يعمل بها.
المشورة والدعم
وحول برنامج تأجيل قروض الشركات، أكد الصقر أن عملية السداد خلال الفترة الماضية تسير وفقاً للتوقعات، موضحاً أن برنامج تأجيل قروض الشركات تم تقييمه على أساس كل حالة على حدة.وأشار إلى أن حجم تأجيل قروض الشركات كان أقل من 5 بالمئة من إجمالي محفظة قروض الشركات، فيما لم يكن له أي تأثير جوهري على جانب الإيرادات خلال عام 2020، مؤكداً أن البنك يعمل عن كثب مع عملائه، ويقدّم لهم المشورة والدعم اللازمين لتخطي هذه الأزمة.مركز قوي لرأس المال
وحول استدعاء البنك للسندات الدائمة والسابق إصدارها في عام 2015، البالغة قيمتها 700 مليون دولار، بيّن الصقر أن هذه السندات كانت قابلة للاسترداد بعد 6 سنوات، ونجح البنك في إعادة كامل شراء تلك الأوراق المالية خلال الشهر الجاري.وأوضح أن البنك أصدر في شهر فبراير الماضي سندات بقيمة 700 مليون دولار ضمن الشريحة الأولى الإضافية لرأس المال، وتم استخدام هذا الإصدار في تمويل عرض إعادة شراء الأوراق المالية السابق إصدارها في 2015. وأشار إلى أن سندات البنك سجلت طلباً قوياً من المستثمرين العالميين، حيث تعد الثالثة في غضون 6 أشهر، وهو ما منح البنك أفضلية كبيرة في تسعير هذه السندات، لتكون من بين الأدنى في المنطقة. وأكد الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني أن أولويات البنك ستواصل مسار الحفاظ على مركز قوي لرأس المال، وتوفير مصدات مالية بما يتّسق مع توجهاته تاريخيا، كما سيعمل على تنويع قاعدة التمويل، وتعزيز معدلات كفاية رأس المال وفقا لمتطلبات بازل 3 وقواعد بنك الكويت المركزي.صافي هامش الفائدة
وحول التوقعات بتطور صافي هامش الفائدة هذا العام في ظل انخفاض الفائدة، أكد الصقر أن متوسط صافي هامش الفائدة للربع الأول 2021 بلغ نحو 2.26 بالمئة، بينما بلغ نحو 2.22 بالمئة لفترة الربع الرابع من عام 2020.وأوضح أنه مع ترجيح بقاء بيئة أسعار الفائدة دون تغيير خلال المدى المتوسط، فإننا نتوقّع بقاء مؤشرات صافي هامش الفائدة ضمن هذا النطاق خلال عام 2021 بأكمله، مشيراً إلى أنه بشكل عام، «سجل البنك تحسناً في صافي هامش الفائدة بدءا من الربع الرابع من العام الماضي، وهذا يتماشى مع توقعاتنا، وذلك بفضل هيكل المطلوبات لدينا، الذي يشهد استحقاق آجال ودائع الأجل، واستبدالها بودائع ذات أسعار فائدة أقل تعكس سعر الخصم المنخفض».توليد الأرباح
ورداً على سؤال حول خطط توزيعات الأرباح لعام 2021، أكد أن سياسة توزيعات الأرباح ظلت ثابتة خلال السنوات الماضية، موضحاً أنه حتى في عام 2020 الذي كان عامًا مليئًا بالتحديات وببيئة تشغيل صعبة، حافظ البنك على نفس نسبة التوزيعات، وهذا يدل على قدرته على توليد الأرباح والحفاظ على التوزيعات لمساهميه.وأشار إلى أن البنك سيواصل في 2021 السير في الاتجاه نفسه مع الإبقاء على السياسة المتحفّظة بتعزيز معدلات كفاية رأس المال، والحفاظ على مستويات رسملة مريحة.المرونة التشغيلية
وحول التوقعات المستقبلية لعام 2021، قال إن أبرز التحديات خلال العام الحالي تتمثل في استمرار حالة عدم اليقين تجاه نهاية هذه الجائحة، وتأثر البيئة التشغيلية بهذه الضبابية.وشدد الصقر أن «الوطني» لديه كل من القوة والاستقرار والمرونة التشغيلية لمواجهة كل السيناريوهات المحتملة، مضيفاً أنه من جهة أخرى، فنحن وعلى مدار السنوات الماضية اتخذنا خطوات كبيرة لتهيئة بنكنا للمستقبل عبر استثمارات استراتيجية في موظفينا وعملياتنا ومنصاتنا الرقمية.التركيز على الرقمنة
وحول خطط توسع البنك قال: «لدينا استراتيجية واضحة، ونلتزم بها، وهي التركيز على الرقمنة والتنويع، ومواصلة التركيز على النمو في كل قطاعات أعمالنا، وتعزيز قوتنا التنافسية في أسواقنا الدولية».وأضاف أن «الوطني» يهدف إلى التوسع في قطاعي التجزئة والشركات بالسوق المصري عن طريق الاستثمار في الخدمات المصرفية الرقمية، وتعزيز بصمته إقليمياً في مجال إدارة الثروات.وأوضح أن البنك يسعى في السعودية إلى تعزيز مكانة شركة إدارة الثروات التي قمنا بتأسيسها أخيراً، وربطها بمنصة إدارة الثروات العالمية لدى المجموعة.أداء فصلي جيد لمحفظة القروض
وحول أداء محفظة القروض خلال الربع الأول من 2021، قال الصقر إن «أداء محفظة القروض يأتي بالمقارنة مع مستويات ما قبل الجائحة، لذلك لا بدّ أن نأخذ بعين الاعتبار أن محفظة القروض لدينا سجلت في الربع الأول من عام 2020 نمواً قوياً، ثم بسبب التبعات التي أحدثتها الجائحة شهدت انكماشاً في بقية العام».ولفت إلى أنه عندما نقارن أداء محفظة القروض على أساس فصلي، فإننا نتحدث عن نمو جيد للغاية بلغ 2 بالمئة في الربع الأول من 2021 مقارنة مع الربع الرابع 2020. وتوقّع الصقر أن تشهد محفظة القروض خلال عام 2021 نموا يتراوح بين المتوسط والمرتفع في خانة الآحاد عن فترة الـ 12 شهراً المقبلة، مشيراً إلى أمله باستمرار الارتفاع في الإنفاق الاستهلاكي الذي تم تسجيله مع نهاية العام الماضي، وتتواصل الوتيرة الجيدة لإقراض المواطنين. وتوقّع أن يعود النشاط مرة أخرى إلى وتيرة ترسية وتنفيذ المشاريع الحكومية بالكويت، وأن ينعكس ذلك على نشاط القطاع الخاص، وهو ما سيساهم في خلق فرص التمويل للبنوك.التكنولوجيا المالية
وأكد الصقر أن البنك ينظر إلى شركات Fintech من منظور الشراكة، فالبنوك لديها البنية التحتية التي يمكن أن تستفيد منها هذه الشركات في تقديم خدماتها.وأضاف أن البنك من جانبه ومن أجل الاستعداد للجيل القادم من التكنولوجيا المالية قام بتأسيس المختبر الرقمي لخدمة جدول أعمال التحول الرقمي عبر المجموعة بأكملها، حيث سيعمل المختبر كجسر يتم من خلاله إبرام الشراكات مع المبدعين والمبتكرين في مجال التكنولوجيا المالية، وهو ما يساهم في تقديم البنك لمنتجات مصرفية أكثر تطوراً.تحديات تمويلية
وحول إمكانية إقرار قانون الدين العام، قال الصقر إن جهود إقرار قانون الدين العام لا تزال تواجه انقسامات سياسية، لكن توقعاتنا تشير إلى أنه سيتم التوصل عاجلاً أو آجلاً إلى توافق حول هذا القانون، مما يساهم في تأمين الاحتياجات التمويلية للدولة. وأضاف الصقر أن عدم اقرار القانون سيؤدي إلى نفاد سيولة الاحتياطي العام قريباً، وهو ما من شأنه أن يحد من قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها، ويفاقم المخاطر المالية والاقتصادية للبلاد. وحذّر الصقر من احتمالية تعرّض الكويت لمزيد من تخفيض التنصيف الائتماني إذا لم يتم تطبيق الإصلاحات الاقتصادية ومعالجة التحديات المالية طويلة الأجل، مضيفا أن توقعات البنك تشير إلى بلوغ مستوى العجز في الميزانية العامة للعام المالي 2020-2021 إلى حوالي 10 مليارات دينار، مما يترتب عليه تحديات تمويلية كبيرة.وشدد على ضرورة أن تستفيد الكويت من انخفاض مستويات الفائدة عالمياً خلال الفترة الراهنة، وأن يكون لها وجود في أسواق الدين، موضحاً أنه في ظل انخفاض مستوى الدين العام، فإن أمام الكويت متسعاً يمكن استغلاله لتمويل الاحتياجات التمويلية بتكلفة منخفضة.