نعم، هذا المقال يتناول الحقوق المدنية والبدهية التي يجب أن تحظى بها السيدة الكويتية بموجب الدستور الكويتي، متناولا فيه عددا من الجوانب لعلي أستطيع أن أزيل بعضا من تلك الغشاوة عن أعين البعض، وبالأخص عن أولئك الذين يرفضون أن يفهموا المسألة (عن عمد كما يبدو لي) حتى بعد شرحها مرارا وتكرارا. مبدئيا تم تناول هذا الموضوع وبكثرة خصوصا في آخر عشرين سنة، ومناقشته بشكل موسع في عدد من وسائل الإعلام في الدولة وعلى مستوى المنطقة، خصوصاً أن المرأة لا تمرر جنسيتها وبعض حقوقها المدنية لأبنائها في عدد من الدول، وليس في الكويت فقط، ومنها دول عربية أيضا.
يرجع ذلك لأسباب عدة لعل أبرزها، هو زيادة السكان والتقارب الاجتماعي في عصرنا الذي نعيش، فيمكن للفرد أن يتناول وجبة من وجباته اليومية في دولة مختلفة في غضون أربع وعشرين ساعة، ولعوامل عديدة لعلها صلة قرابة بعض العائلات بأخريات في دول أخرى أو (البخت والنصيب) أو غيرهما، يمكن للمرأة أن تتزوج من رجل غير كويتي (أو كويتي بدون أيضا) وهذا حق أصيل لها وأمر طبيعي إن ارتضت بذلك وذويها وحصل بينهما توافق، فلن يقف أحد في وجه النصيب ومستقبل البنت البتة مخافة الله أولاً، وخوفا من أن يجني عليها بعنصرية ثانياً، تحدث المشكلة عادة إذا ما قرر الزوجان أن يعيشا في الكويت، فأولادهما تتم معاملتهم معاملة الأجانب في جل الأمور الحياتية البسيطة ما بين استخراج إقامات وعنصرية البعض ضدهم، رغم أنهم تربية الكويت وأمهم كويتية، ناهيك طبعا عن المغالطات والتأويلات اللا منطقية التي نسمعها بخصوص المرسوم رقم 15 لسنة 1959 في مادته الثالثة (قانون الجنسية). وهنا نعرض بعض المسائل المتعلقة بالظلم الواقع على أبناء الكويتيات من آباء غير كويتيين: المادة (29) من الدستور الكويتي تنص وبوضوح على الآتي: "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين"، ومن هنا نستنبط أن ما يجري على الرجل الكويتي هو ذاته ما يحق ويستوجب على المرأة الكويتية كذلك، فإن كان لها ميزة أو عليها حق يكن للرجل المثل دون أي زيادة أو نقصان، وعليه تأتيك بعض الأصوات التي تقول إن الدستور أيضا ينص على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر من مصادر التشريع، ولا يصح تمرير الجنسية لأنها تمرر من الأب لا من الأم. هنا يوجد لبس لدى الكثير بأن الجنسية هي ذاتها (النسب) فلا أحد هنا يطلب تمرير النسب من جهة الأم بل الجنسية، خصوصا أن أولئك الأبناء من أم كويتية لها حق تمرير جنسيتها لأبنائها كما هي الحال مع الرجل الكويتي، فإن كانت المسألة خلافا شرعيا مثلا فنستطيع أن نستذكر حديث أشرف الخلق سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) في الحادثة الشهيرة مع الأنصار حيث دعا النبي (صلى الله عليه وسلم) الأنصار فقال: هل فيكم أحد من غيركم. قالوا: لا، إلا ابن أخت لنا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ابن أخت القوم منهم (البخاري). وهنا نجد إشارة واضحة أن من يكون من أبناء الأخت أو من جهة الأخوال هو من القوم ذاتهم، وهذا شيء بدهي في مساواة دين الرحمة والسماحة دين الإسلام الذي لن يفرق بين الأقوام إذا ما كانوا من جهة الأم أو الأب في حقوق المواطنة. أما مسألة الجواب المعتاد بأن (ديرة أبوهم ألزم) وبلد الأب هو المسؤول عن تجنيسهم وخلافه، فببساطة أمهم لها الحق بأن تمرر جنسيتها لهم والنظرة العنصرية في مجتمع يحكمه دستور مدني لا يعتد بها في ظل القوانين والأعراف الدولية، فإن كان بلد أبيهم (ألزم) فبلد أمهم الذي احتواهم ورباهم أيضا ملزم بأمهم وليس من حق أي دولة أن تقصي مواطنة لقرار اتخذته يخص زواجها من شخص أجنبي، فكيف ببلدان العالم الأول إذاً والمواطنات كما المواطنين يقومون بتمرير جناسيهم لأبنائهم. طبعاً الكويتية المتزوجة من بدون يكون ولدها "كويتي بدون" كذلك، وهنا مسائل متشابكة تقع على العائلة بصورة لا يمكن أن نحصرها في مقال أو حتى اثنين. خلاصة القول وببساطة، ابن الكويتية (كويتي) كما أن ابن الكويتي أيضا (كويتي)، فكم وكم من أبناء الكويتيات الذين نعرفهم في حياتنا الشخصية لهم ولاء وانتماء لهذه الأرض أكثر من غيرهم من الفاسدين وسراق المال العام وغيرها من "البلاوي" التي تنافي مسألة الولاء والانتماء لهذه الأرض عنهم، فالولاء ليس أن يكون أبواك من البلد نفسه، فهو يمرر لك منهم ومن تربيتهم بل الولاء يتجسد في أفعال عدة لعل من أبرزها إخلاصك لهذه الأرض الطيبة الطاهرة التي تنجست مؤخرا بأفعال القلة القليلة الفاسدة. عموما إن كانت مسألة تمرير الجنسية لأبناء الكويتيات مسألة تجعل البعض يظهر مستنقع العنصرية الذي يعيش فيه على السطح فإن عجز الميزانية هذه الأيام هو خير ذريعة للامتناع عن إعطاء المرأة الكويتية حقوقها والتي (بالمناسبة) لا تقتصر على جنسية فقط، بل تطول أيضا حقوقا مادية عدة كالبدلات المادية في الرواتب وغيره... وتقبل الله طاعتكم بهذا الشهر الفضيل. على الهامش: سيفوز تحالف المال والسطوة في كل مرة، إلى أن تأتي مرة، مرة واحدة فقط وتنهار المنظومة ويخسر ذاك التحالف كل شيء أمام أعين من تفننوا في عذابهم لسنين طويلة، هكذا يعلمنا التاريخ.
مقالات
ابن أخت القوم منهم
22-04-2021