غداة ادعاء مصدر مطلع بـ«فيلق القدس» الإيراني، في تصريحات لـ«الجريدة»، أن بلاده تقف وراء انفجار ضخم وقع داخل معمل إسرائيلي لاختبار الصواريخ ومحركاتها قرب الحدود اللبنانية، ردا على حادث مفاعل نطنز النووي، الذي اتهمت طهران إسرائيل بتنفيذه، ذكر الجيش الإسرائيلي أن صاروخا وصفه بالطائش من طراز أرض جو، أطلق من سورية، وسقط في منطقة قرب مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب.وقال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم بطاريات صواريخ في سورية ردا على سقوط صاروخ أرض جو من طراز «SA 5» أطلق من داخل سورية، وإن الصاروخ الذي كان متجها إلى مفاعل ديمونة سقط في منطقة التجمعات البدوية بالنقب. وأفاد متحدث باسم الجيش بأنه «لا توجد إصابات أو أضرار نتيجة الضربة الصاروخية السورية الطائشة»، مضيفا أن «الصاروخ الطائش لم يصب مفاعل ديمونة ولم يقترب حتى منه»، فيما تحدثت مصادر عن العثور على شظايا للصاروخ في منطقة رمات نيغيف وسط النقب وفي منزل بمنطقة مأهولة بالسكان قرب مدينة بئر سبع.
ولاحقا، أعلن الجيش الإسرائيلي أن عملية اعتراض الصاروخ السوري فشلت، وان منظومة «القبة الحديدية» لم تطلق أي صاروخ لاعتراض الهدف قبل انفجاره في الجو وسقوطه.وحسب الناطق العسكري الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، فإن الصاروخ الذي يصل مداه إلى مئات الكيلومترات لم يكن موجها، بحيث إن الجهة التي أطلقته لم تقصد أن يقع في المنطقة التي سقط فيها.
ثغرات إسرائيلية
وفتح الجيش الإسرائيلي تحقيقا في واقعة ديمونا، التي جاءت بعد ساعات من الانفجار الغامض بمختبر محركات الصواريخ، والذي أمكن تصويره عبر كاميرات نصبت داخل الأراضي اللبنانية، وعزز انتشاره العسكري في منطقة الجولان المحتلة المتاخمة للحدود السورية.وبرزت ثغرات في الرواية الإسرائيلية لما جرى بشأن الصاروخ السوري الذي قطع مسافة طويلة بلغت 400 كلم، وهي التي تفصل بين دمشق ومنطقة ديمونا.وقبل إعلان الجيش الإسرائيلي أنه هاجم بطريات سورية ردا على إطلاق الصاروخ، ذكرت تقارير عسكرية عبرية أن الصاروخ اطلق ضمن مجموعة من الصواريخ السورية لصد غارة جوية إسرائيلية استهدفت مخازن أسلحة ونقاط تمركز للميليشيات الموالية لـ»الحرس الثوري» الإيراني قرب دمشق.وتسبب الصاروخ السوري في إطلاق صفارات الإنذار في منطقة أبوقرينات القريبة من مفاعل ديمونا، ولم تطلق الصفارات في مناطق أخرى في منطقة النقب، كما أن دوي انفجار قوي سمع في بعض المناطق القريبة بمدينة القدس المحتلة، وهو ما يعني أن الانفجار كان كبيرا.وتداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو، قالوا إنها للهجوم الصاروخي، وأظهر أحد المقاطع المصورة مقذوفا جويا يطير في السماء، فيما أظهر مقطع آخر انفجارا هائلا، وتسأل البعض عن احتمال تخطيط طهران لاستغلال الضربات الجوية الإسرائيلية على سورية كغطاء لشن الهجوم باتجاه ديمونا انتقاما لتفجير وحدة توزيع الكهرباء بمنشأة نطنز قبل 11 يوما.ووسط انسداد سياسي وقرب انتهاء مهلة تكليف بنيامين نتنياهو بتشكيل حكومة جديدة، هاجم زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» القومي العلماني وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان تعامل الأجهزة الحكومية مع الحادث، قائلا إن «الوضع الذي يطلق فيه صاروخ برأس حربي 200 كيلوغرام على إسرائيل كان يمكن أن ينتهي بشكل مختلف تماما. نتنياهو ينام مستعدا فقط للانشغال بشؤونه الشخصية».وعلق عوزي روبين خبير الصواريخ الإسرائيلي على افتراض أن يكون صاروخ سوري مضاد للطائرات تجاوز هدفه وحلق لمسافة طويلة داخل إسرائيل قائلا إن هذا «يتفق مع خصائص» الصاروخ SA5.وقال لـ «رويترز»: من الصعب جدا تتبع مسار صاروخ مضاد للطائرات ضل طريقه وهبط في موقع غير مقصود. وتابع: نظم الدفاع الجوي الإسرائيلية قادرة نظريا على تنفيذ عملية اعتراض كهذه بقدر جيد من الاستعداد، لكن ذلك يمثل أقصى حدود قدراتها.تلميح وتهديد
وفي طهران، شككت وسائل إعلام إيرانية بالرواية الإسرائيلية بشأن حادثة ديمونا ووصفتها بالمضحكة، وقالت إن ما جرى قرب مفاعل ديمونا «رسالة لإسرائيل بأن مناطقها الحساسة ليست محصنة»، وأضافت التقارير الإيرانية، نقلا عن مصادر، أنه كان بإمكان الصاروخ أن يتابع طريقه إلى المفاعل، «لكن صناعة كارثة ليس مطلوبا»، مبينة أن المعلومات المتوفرة تفيد بأن الصاروخ من نوع «فاتح 110»، قادر على حمل رؤوس متفجرة، وتشير المعلومات إلى أن الصاروخ من نوع أرض ـ أرض وليس أرض ـ جو، كما ذكرت الرواية الإسرائيلية.وكانت صحيفة «كيهان» الإيرانية المتشددة والمقربة من مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي نشرت السبت الماضي مقال رأي للمحلل الإيراني سعدالله زرعي يدعو إلى استهداف منشأة ديمونا بعد ضربة نطنز، مستشهدا بمبدأ «العين بالعين» المنصوص عليه في الشريعتين الإسلامية واليهودية، وكتب: «يجب اتخاذ إجراءات ضد المنشأة النووية في ديمونا، لأنه لا يوجد عمل آخر على نفس مستوى حادثة نطنز».في هذه الأثناء، استغل نائب قائد «فيلق القدس» الإيراني العميد محمد رضا فلاح زادة مراسم تأبين أقيمت لسلفه اللواء محمد حجازي، الذي علمت «الجريدة» من مصدر مطلع أنه قتل مسموما بمواد مشعة ربما تعرض لها في سورية أو العراق، لتهديد إسرائيل.ومن دون أن يعلق على حادث ديمونا، قال زادة، خلال المراسم التي أقيمت في أصفهان أمس، «إن الكيان الصهيوني يعاني اليوم من مشاكل داخلية، ويجب عليه أن يعلم أن فصائل المقاومة تتواجد قرب مراكزه في المنطقة والعالم»، مضيفا أنه «كما قال قائد الثورة قبل عدة سنوات، فإن الكيان الصهيوني لن يكون موجودا في المستقبل على الكرة الأرضية».خسائر سورية
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء السورية ان «الدفاعات الجوية في الجيش العربي السوري تصدت ليل الأربعاء ــ الخميس لعدوان إسرائيلي بالصواريخ في محيط دمشق، وأسقطت معظم الصواريخ المعادية التي أطلقت من اتجاه الجولان المحتل».وقتل ضابط برتبة ملازم من القوات الحكومية، وأصيب 3، في القصف الإسرائيلي الذي طال قاعدة للدفاع الجوي في منطقة الضمير، التي تتواجد بها مقرات ومستودعات للأسلحة تابعة للميليشيات الموالية لإيران شرق العاصمة دمشق.وتأتي تلك التطورات في وقت تحرز المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، بوساطة أوروبية في فيينا، تقدما بطيئا باتجاه إحياء الاتفاق النووي، رغم معارضة إسرائيل، وتخوف قوى إقليمية من تأثير الخطوة على المنطقة.واشنطن منفتحة على رفع العقوبات عن قطاعات اقتصادية أساسية
فاد مسؤول أميركي رفيع بأن بلاده أطلعت إيران على تفاصيل بشأن العقوبات التي هي على استعداد لرفعها في إطار العودة المحتملة إلى الاتفاق النووي الذي سبق أن انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب.وقال المسؤول الأميركي حول الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة التي يقودها الاتحاد الأوروبي بين طهران وواشنطن في فيينا: «هذه المرة دخلنا في تفاصيل أكثر»، مضيفا: «قدمنا إلى طهران عددا من الأمثلة تتعلق بنوع العقوبات التي نعتقد أننا سنحتاج إلى رفعها من أجل العودة إلى السكة، والعقوبات التي نعتقد أننا لن نحتاج إلى رفعها. أعطيناهم أمثلة كثيرة».ولم يؤكد المسؤول أو ينفي المعلومات التي أوردتها صحيفة «وول ستريت جورنال»، وفيها أن الوفد الأميركي أبدى استعدادا لرفع عقوبات اتخذتها إدارة ترامب ضد القطاعين النفطي والمالي، على أساس اتهامات بالإرهاب موجهة إلى إيران، وكان مسؤول أبلغ الصحيفة انفتاح بايدن على رفع العقوبات عن البنك المركزي وشركات النفط وشركات اقتصادية أساسية.لكن المسؤول لفت إلى أن الولايات المتحدة تطرقت إلى فئة ثالثة وصفتها بأنها «حالات صعبة». وأوضح المصدر نفسه: «لا تزال هناك خلافات، وفي بعض الحالات خلافات مهمة جدا»، متابعا: «نحن أبعد ما نكون عن إتمام هذه المفاوضات، والنتيجة لا تزال غير مؤكدة، حققنا بعض التقدم ونحن منفتحون على أنواع مختلفة من آليات التسلسل التي تتوافق مع مصلحتنا».