على طريقة "رُبّ ضارة نافعة"، يرى عدد من أولياء الأمور أن "كورونا" فتحت بابا لا يمكن أن نغلقه أو نتهاون في الاستفادة من إيجابياته في الدمج بين التعليم التقليدي والإلكتروني لدى عودة المدارس، لاسيما في أوقات الطوارئ والكوارث والظروف الجوية الصعبة، إضافة إلى إمكان استخدامه لتوفير فرص التعلم للطلاب المرضى وذوي الأمراض المزمنة، وغيرهم ممّن قد تمنعهم ظروفهم الصحية من الحضور إلى المدارس.

وبينما حددت وزارة التربية خياراتها باستمرار التعليم عن بُعد عند عودة الدراسة التقليدية في سبتمبر المقبل، ليكون عنصرا مساعدا للطلبة والمعلمين، ينتظر أولياء الأمور والطلبة بفارغ الصبر آلية تطبيق الوزارة للتعليم المدمج الذي أعلنته وماهية استخدامات أنظمة التعليم الإلكترونية، وهل سيكون له دور في مساعدة الطلبة، أم سيكون مجرّد برامج ثانوية تذهب إلى بحر النسيان مع مرور الوقت.

Ad

"الجريدة" استطلعت آراء مسؤولي وزارة التربية وأولياء الأمور حول إمكانية استمرار التعليم عن بُعد ومدى تقبّل المجتمع لفكرة وجود نظام مواز للتعليم التقليدي في المدارس، حيث أجمع كثيرون على أهمية استمرار التعليم عن بُعد، في حين خالفهم الرأي قلة قليلة ترى بانتهائه مع عودة الدراسة التقليدية.

بداية، أكد وكيل وزارة التربية بالإنابة فيصل المقصيد أن الوزارة ماضية في استخدام أنظمة التعليم عن بُعد، ولن يتم وقفها عند عودة المدارس في سبتمبر المقبل، لافتا إلى أن الوزارة تسعى لتحقيق أعلى استفادة من أنظمة التعليم الإلكتروني خلال الفترة المقبلة.

وأضاف المقصيد، لـ "الجريدة"، أن الوزارة اتخذت قرارا باستمرار آليات وأنظمة التعليم عن بُعد، حيث يجري دراسة البرامج المستخدمة ومدى الفائدة التي تحققت من خلالها، لاسيما في مجال مصادر التعلم وتطبيقات التعليم الإلكتروني التي تعدّ رافدا كبيرا يساعد المعلم على تنظيم حصصه وإدخال عناصر ومواد تعليمية تضفي نوعا من التشويق، وتساهم في إيصال المعلومة للطالب، لافتا إلى أن استمرار التعليم عن بُعد سيكون كأدوات مساندة للتعليم التقليدي.

وأشار إلى أن وجود أنظمة التعليم عن بُعد وجاهزيتها أمر ضروري، وذلك لاستخدامها في أوقات الطوارئ والكوارث والظروف الجوية الصعبة، إضافة إلى إمكان استخدامها لتوفير فرص التعلم للطلاب المرضى وذوي الأمراض المزمنة وغيرهم ممن قد تمنعهم ظروفهم الصحية من الحضور إلى المدارس.

وبالعودة إلى آراء أولياء الأمور، قال مشعل الراشد إن التعليم عن بُعد كان له دور في استمرار عملية التعليم وعدم توقفها، ونتمنى من الوزارة استمرار هذا النظام لحين تحسّن الظروف الصحية، وانتهاء الجائحة بشكل كامل، لافتا إلى أنّه يتمنّى كذلك من الأسر الحرص على تطبيق الاشتراطات الصحية، وحثّ أبنائهم على ذلك عند عودة الدراسة في سبتمبر.

من جانبها، قالت هاجر الرمح إن التعليم عن طريق الوسائل الإلكتروني مهم ونحن نؤيده بشكل كبير، ولأننا لا نعلم إلى متى تستمر أزمة "كورونا"، فإننا نفضّل استمرار الوزارة بتطبيق هذا النظام الذي نراه ناجحا، كما أن الدول التي عادت إلى المدارس تراجعت إلى الإغلاق مرة أخرى، بسبب ارتفاع عدد الإصابات لديها، وبالتالي، فإنّ فكرة العودة للدراسة، وإن كانت مناسبة حاليا، إلا أنها محفوفة بالمخاطر، ويمكن أن نعود إلى المربع الأول، خاصة أن الأعداد في تزايد يوميا.

عودة تدريجية

بدورها، قالت نسرين دعدوش: كأم أفضّل عودة المدارس، ولو بشكل تدريجي، لما لها من دور فعال في تنشئة الطفل وبناء شخصيته الاجتماعية وسلامته النفسية مع دمجها مع الدراسة "أونلاين" لأخذ الحيطة، وعدم المبالغة بأعداد الطلاب داخل المبنى الدراسي.

وأضافت دعدوش: من وجهة نظري لا شيء يعوّض الطالب عن الاتصال المباشر مع مدرسيه وأقرانه من الطلاب، مهما حاولنا وبذلنا الجهد من جهات أخرى، مستطردة: لكن هذا لا يمنع من الاستفادة من البرامج الحديثة في عمل حصص تقوية للطلاب ومنحهم الفرص التعليمية المتنوعة، حيث تتحقق الاستفادة من البرامج، ويستطيع الطلبة حلّ الواجبات ومتابعة الدروس والمراجعة والمذاكرة من خلال تطبيقات التعليم عن بُعد.

الحل الأمثل

أما داليا نصر فقالت إنني شخصيا أشجع على الدمج بين التعليم التقليدي والتعليم عن بُعد، لأنّ حضور الطلاب في المدارس سيكون مقننا، نظرا للظروف الصحية، وبالتالي لا بدّ من تعويض الطلاب عمّا فقدوه من حصص وساعات دراسية، موضحة أن التعليم عن بُعد هو الحل الأمثل لمثل هذه الظروف.

وأضافت نصر: لأننا بعد انقطاع دام لأكثر من عام بسبب جائحة فيروس كورونا، أصبح من الصعب العودة إلى المدارس، كما أفضّل التعليم المدمج لاكتشاف أهميته للمعلم والمتعلم بالذات في المدارس الحكومية والعربية التي تعتمد اعتمادا كليا على الكتب.

وأشارت إلى أنه يجب علينا مواكبة الدول الأخرى وتحقيق الاستفادة من تجاربهم وخبراتهم أكثر، ويجب من الآن فصاعدا أن نكون دائما مستعدين تحسبا لأي شيء يمنعنا من الذهاب للمدارس، ومن هذا المنطلق نؤيد التعليم المدمج.

سلامة أبنائنا

من جهته، قال عبدالله حسين إن الطالب يستشعر أهمية الدرس خلال وجوده داخل الفصل وأمام المعلم، لافتا إلى أهمية وجود المعلم وشرح تفاصيل الدرس والمساهمة في إيصال المعلومة بشكل واضح.

وأضاف أن تضافر جهود وزارتي التربية والصحة عزز من ثقتنا بسلامة ابنائنا الطلبة لحظة عودتهم الى المدارس، ومما لا شك فيه أن المدارس بذلت جهودا كبيرة في إجراءات السلامة التي تستعد لها خلال شهر سبتمبر القادم، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار استمرار برامج التعليم عن بُعد لحالات الطوارئ، أو ارتفاع إصابات "كورونا" مجددا، مما قد يضطر الدولة للعودة إلى حالة الإغلاق.

أما أسيل المسعد، فهي تخالف هذه الآراء، حيث إنها لا تؤيد التعليم عن بُعد عقب عودة التعليم التقليدي في المدارس، وترى أن التعليم في المدارس وفي بيئة تربوية واجتماعية أفضل بكثير من نقل المعلومات، مستدركة أنه يمكن الاستفادة من التعليم المدمج في حالات الظروف الصعبة، مثل مشاكل الطقس وانتشار الأمراض والطلبة المحتاجين للحضور عن بُعد، بسبب سفر للعلاج وغيره من الظروف.

الاستفادة من تجارب التعليم الناجحة

أيدت معلمة اللغة الفرنسية بوزارة التربية، المدربة الإلكترونية المعتمدة، أفنان العثمان، استمرار التعليم عن بُعد ومواكبة التطورات العصرية أثناء العودة للمدارس، نظرا لأهميته وفاعليته وفوائده وسهولة تطبيقه، مؤكدة أن هذه المواكبة أثناء العودة الى مقاعد الدراسة ستساهم بشكل كبير في التبادل الثقافي والفكري ونقل الخبرات.

وأضافت العثمان: كما يمكن الاستفادة من التعليم المدمج وفق معايير تناسب متطلبات الموقف التعليمي لتحقيق الأهداف التعليمية بأقل تكلفة، لافتة إلى أهمية الاستفادة من تجارب التعليم الناجحة في تحقيق الأهداف الصحيحة بتطبيق التعليم المدمج في الدول المحيطة بنا.

فهد الرمضان ومريم طباجة