فتح قرار المملكة العربية السعودية وقف السماح باستيراد أو عبور المنتجات الزراعية اللبنانية عبر أراضيها، والذي يدخل حيز التنفيذ اليوم، الباب واسعا امام تساؤلات حول انعكاسات هذا القرار على السوق الغذائي الكويتي، وما اذا كانت الكويت ستحذو حذو السعودية في منع استيراد المنتجات الزراعية اللبنانية، على خلفية شحنات الخضراوت والفاكهة المحشوة بالمخدرات، والتي تم ضبطها مؤخرا في كل من السعودية والكويت.وتنطلق مبررات هذه التساؤلات من الحيز الذي تشغله الخضراوات والفواكه اللبنانية في حجم مستوردات السوق المحلي، والتي تقدر وفقا لبعض المصادر بما بين 18 و 20 في المئة من الصادرات الخارجية، علما ان السلطات المعنية أعلنت تنسيق المواقف لتعويض أي نقص قد يرتبه منع استيراد المنتجات اللبنانية، تفاديا لأي زيادة كبيرة في اسعار السلع او فقدانها من السوق.
أثار قرار السعودية استنفار الجهات الحكومية ذات العلاقة في البلاد، لاسيما وزارتي الشؤون الاجتماعية والتجارة والصناعة واتحاد الجمعيات التعاونية، والتي تعكف حالياً على التنسيق فيما بينها لوضع آليات العمل المناسبة والحلول العاجلة التي تضمن عدم تأثر السوق الكويتي بالقرار، أو حدوث أي نقص أو زيارة في توريد المنتج الزراعي المستورد داخل الأسواق المركزية والأفرع التعاونية أو الأسواق الموازية.
تعويض النقص
وقال الوكيل المساعد لشؤون قطاع التعاون في وزارة الشؤون سالم الرشيدي إن "هناك تنسيقا وتواصلا يجري بين وزارتي الشؤون والتجارة لضمان استمرار تدفق المنتجات الزراعية المستوردة إلى السوق المحلي، دون تأثر بأي نقص في هذه المنتجات"، مشيرا إلى أنه سيتم تعويض أي نقص قد يطرأ على أي منتج زراعي من خلال زيارة الكميات المستوردة من الدول المجاورة الشقيقة والصديقة.وأكد الرشيدي لـ"الجريدة" أن السوق لن يتأثر بصورة واسعة، لاسيما أن الشحن الجوي مفتوح مع بيروت، متوقعا حل الأزمة الراهنة سريعا، خصوصا أن الجميع يعرف مدى الترابط والتآخي والعلاقات التاريخية التي تربط المملكة العربية السعودية ولبنان، مطمئنا الجميع بأن الأمور طيبة ولا تدعو إلى القلق.الصمد: أعباء إضافية
أعلن مسؤول لجنة تجار الخضراوات والفواكه في لبنان أحمد شاكر الصمد، أن حجم المستوردات من لبنان يقدر بعشرات الشاحنات يوميا، لافتا إلى أن قرار منع الاستيراد والمرور عبر السعودية قد يترتب عليه أعباء إضافية على المنتجات اللبنانية التي تعاني أصلا نتيجة الوضع القائم في لبنان.وقال الصمد، ان مضبوطات الرمان المحشو بالمخدرات في السعودية ليست لبنانية المصدر، لكن مجرد عبورها من لبنان ينعكس سلبا على سمعة المنتج اللبناني، لا سيما في ضوء الازمة القائمة في لبنان، وعدم تحرك المسؤولين لاحتواء الموقف واتخاذ أقصى التدابير الكفيلة بمنع تهريب المخدرات.وأضاف أن قسما كبيرا من المنتجات الزراعية اللبنانية يأتي عن طريق الجو والبحر منذ اقفال الحدود السورية بسبب الاحداث الداخلية، كما أن تداعيات "كورونا" حالت دون زيادة اعتماد الاستيراد البري، إذ تمضي الشاحنات فترة أسبوعين بين لبنان والكويت، مما يؤدي الى إتلاف بعض الشحنات.
تأثير محدود
من جانبه، قال أمين الصندوق في اتحاد الجمعيات التعاونية خالد المطيري، إن "القرار السعودي، الذي نحترمه ونقدر ظروف صدوره، له تأثير محدود على ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية المستوردة، لاسيما من لبنان"، موضحا أنه من منطلق حرص الاتحاد على عدم حدوث أي نقص في السلع والمنتجات سيكون هناك ترتيبات أخرى لسد النقص المتوقع جراء قرار المملكة، متوقعا إنهاء هذه الأزمة قريبا جداً، خصوصا انها مرتبطة بتحقيق بعض الاشتراطات من الجانب اللبناني، من ثم تعود الأمور كما كانت.وفيما بيّن المطيري أن المنتج الزراعي المستورد من بيروت يمثل ما بين 20 و30 في المئة من اجمالي المستورد في السوق المحلي، أشار إلى أن الموردين سوف يستعيضون عن الاستيراد برا بالشحنين الجوي والبحري إلى حين انتهاء المشكلة.وأضاف أن وزارة التجارة مُلمة بالأمور ولديها استراتيجية في التعامل مع الوضع الراهن، مؤكدا أن الفواكه بأنواعها المختلفة أكثر المنتجات التي يتم استيرادها من لبنان.وتوقع المطيري أن يكون النقص في المنتجات الزراعية المستوردة، إن وجد، بسيطا جدا، وسيتم تعويضه من بعض الدول مثل الأردن ومصر والمغرب وجنوب افريقيا وتركيا وغيرها، مؤكدا أن الأمور مطمئنة وتحت السيطرة، ولا يوجد ما يدعو إلى الخوف أو القلق.مدير «سوق لمى» لـ الجريدة•: لن نتأثر
أكد مدير سوق لمى السالمية، أحد أكبر الأسواق المستوردة للمنتجات اللبنانية، تامر ممدوح، عدم تأثره بالقرار السعودي، لاسيما أن جميع المنتجات التي يستوردها من لبنان عبر الشحن الجوي، كاشفا أن السوق يستورد ما بين 5 و7 أطنان من المنتجات اللبنانية كل أسبوع أو أسبوعين حسب الطلب، وفي وقت المواسم، مثل الشهر الفضيل، يمكن أن تصل كمية المنتجات المستوردة إلى 20 طناً في الأسبوع.وعن تأثير «القرار السعودي» على زيادة الأسعار، أكد ممدوح، أن «الأسعار مرتفعة بالفعل، ولا أتوقع زياتها جراء القرار»، موضحا أن السوق يستورد معظم منتجاته من لبنان، مثل الفواكه والخضراوات، ومنتجات أخرى كثيرة يتم استيرادها من هناك، «علما اننا على اعتاب الدخول في موسم الخضراوات والفاكهة الصيفية، وأهمها الخوخ والمشمش والكرز والعنب التي عادة ما تشهد إقبالا من المستهلكين».
«التجارة»: لا تأثير
بدوره، أكد مصدر في وزارة التجارة والصناعة، انه لن "يكون هناك تأثير كبير لعدم وصول الخضار والفواكه اللبنانية إلى البلاد"، موضحا ان "الحركة في سوق الفرضة بمنطقة الصليبية طبيعية جدا، ولا يوجد زحام على أي صنف من الأصناف".وقال المصدر لـ"الجريدة"، ان "هناك بدائل كثيرة متاحة لاستيراد البضائع من عدة دول مثل مصر، باكستان، الهند، الأردن، وغيرها"، مشيرا إلى ان "الفواكه والخضراوات اللبنانية الموجودة في السوق محدودة مثل البرتقال، التفاح، والليمون، وهي أصناف يمكن توفيرها في أي وقت من عدة دول أخرى وموجودة أيضا في السوق".ولفت إلى ان "الأصناف اللبنانية متوافرة حاليا لأنها تأتي عن طريق الجو، وهذا المجال مفتوح ويسمح بدخول البضائع إلى الكويت"، مبينا انه "من خلال مقارنة بسيطة يمكن التأكد ان البضائع المشابهة للأصناف اللبنانية، تملأ السوق بعدة أضعاف، علما ان المنتجات اللبنانية لا تتجاوز 20 في المئة من مجمل المنتجات بالاسواق.إلى ذلك، أكدت مصادر مسؤولة في إدارة سوق الفرضة لـ"الجريدة"، أن "هناك حلولا كثيرة بديلة لهذه البضائع سواء الخضار أو الفواكه، وذلك عن طريق الأردن ومصر وتركيا وغيرها من الدول المنتجة للبضائع بأنواعها".وأشارت المصادر إلى ان "التاجر لديه خيارات متعددة لاختيار الأفضل بالنسبة إليه، لاسيما ان حركة دخول الخضار والفواكه في الوقت الحالي طبيعية جدا ولا تستدعي القلق"، مضيفة ان "البضاعة اللبنانية المنتشرة في الكويت يمكن تعويضها من خلال استيرادها من دول أخرى عن طريق الطيران، علما بأن هذه الأصناف وغيرها متوافرة بشكل كبير في السوق حاليا".التزام بالاتفاقيات
بدورها، أكدت مصادر الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية لـ"الجريدة" أن هناك التزاما باتفاقية التعاون مع لبنان في استيراد المنتجات الزارعية.وذكرت أنه لا يوجد حتى الآن قرار بإيقاف الاستيراد من لبنان ومازالت حركة الاستيراد تعمل بشكل طبيعي، وإن توقف الاستيراد عبر الحدود البرية بدءاً من اليوم، فإن الاستيراد الجوي مستمر، لافتة إلى ان الاجراء السعودي لن يؤثر كثيراً على الأمن الغذائي أو يؤدي الى رفع الأسعار، خاصة أن هناك أكثر من عشر دول أخرى قادرة على تعويض الأصناف التي تستورد من لبنان.وقف 52% من الصادرات اللبنانية إلى الخليج
قال رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك، إن قرار السعودية بمنع دخول الفواكه والخضراوات اللبنانية، سيؤدي إلى وقف نحو 52 في المئة من الصادرات اللبنانية الزراعية إلى الخليج.وصرح الحويك بأن حجم صادرات لبنان من الخضراوات والفواكه يبلغ حوالي 312 ألف طن سنويا، أي ما يوازي 145 مليون دولار وفق أرقام عام 2020، بينها 50 ألف طن فقط للسعودية بمبلغ 24 مليون دولار، و59 ألف طن للكويت بمبلغ 21 مليون دولار، وذلك نتيجة الاختلاف في نسبة الضرائب بين بلد وآخر.ضبطية الرمان توقف التصدير
جاء قرار السعودية بمنع دخول الفواكه والخضراوات اللبنانية إلى أراضيها اعتباراً من اليوم على خلفية ضبط شحنات من الرمان محشوة بالمخدرات. وأعلنت المملكة ان «المنع مستمر لحين تقديم السلطات اللبنانية المعنية ضمانات كافية وموثوقة لاتخاذهم الإجراءات اللازمة، لإيقاف عمليات تهريب المخدرات الممنهجة ضدها».«المزارعين»: تعويض النقص بالمحلي
أكد رئيس اتحاد المزارعين الكويتيين عبدالله الدماك، عدم تأثر حركة الخضراوات في الأسواق المحلية في حال وقف الاستيراد من لبنان، خاصة ما يتعلق بالبطاطس، مبيناً أن الخضراوات المحلية قادرة على تعويض النقص في الوقت الراهن، لاسيما أنها تعتبر ذات جودة عالية، وتغذي السوق بكميات كبيرة من الأصناف الأساسية التي يحتاجها المستهلكون، خصوصا الطماطم والخيار والفلفل.وقال الدماك إن نسبة الاستيراد مرتفعة، وهناك دول بديلة تستطيع الكويت أن تستورد منها دون حدوث فجوة في الأسواق المحلية بما يتعلق بالمنتجات الزراعية.