وسط عزلة متنامية وقرارات متخبطة وخوف هستيري متصاعد، وبعكس الاتجاه العالمي الرامي للتخلص من قيود «كورونا»، لم تكتفِ الحكومة بالنقص الحاد في أعداد العمالة بمختلف القطاعات، منذ ما يربو على العام، جراء قراراتها غير المدروسة، والمعتمدة كلياً على سياسة «ردة الفعل»، وفي مقدمتها وقف تصاريح العمل من الخارج وتقنين إصدارها، وترك الأمر بيد اللجنة الوزارية المعنية، فضلاً عن عدم السماح للعمالة حاملة الإقامات السارية وغير المنتهية بالعودة إلى البلاد ومباشرة أعمالها ووظائفها.لم تكتفِ الحكومة بكل ذلك، بل أصرت على «زيادة الطين بلّة» ومضاعفة الإضرار بالأنشطة المعتمدة على الأيدي العاملة الأجنبية، باتخاذها قراراً مفاجئاً بوقف الرحلات التجارية المباشرة بين الكويت والهند حتى إشعار آخر، مع منع دخول المقيمين القادمين من دلهي، مباشرةً، أو عن طريق دول أخرى، ما لم يقيموا خارج البلاد 14 يوماً، علماً أن العمالة الهندية تأتي في المرتبة الأولى بين الوافدين الذكور، والثانية نساءً.
وتظهر القرارات الحكومية المتتابعة والحواجز المنيعة التي تقام كل ساعة أمام راغبي دخول الكويت أن التخبط سيد الموقف، فبعد منع الكفاءات التي تحتاجها البلاد من الدخول، جاء حظر دخول الطيران التجاري من الهند، بمنع دخول فئة الخدم التي رسمت الحكومة سابقاً برنامجاً منظماً لدخولها، متجاهلة أن هناك حجوزات طيران مسبقة لعدد كبير منهم، وأن الكثير من فئة العمالة المنزلية انتهت إقاماتها، مما يزيد من إرباك سوق العمل المنزلي داخل البلاد ويعيدنا إلى المربع الأول.ويثير عدد من المتابعين تساؤلات لا إجابة لها عند الحكومة، بأنه إذا كان الهدف من كل تلك الاحترازات حماية الكويت من تفشي جائحة «كورونا»، فلماذا تمنع دخول من تلقوا التطعيم؟ فهل الحكومة لا تعترف بفعالية التطعيم؟ وإذا كان فعالاً فلماذا تصر على منع دخولهم؟!وتساءلوا عن مغزى ذلك القرار أو مدى الحاجة إليه في ضوء الخطة الاحترازية التي وضعتها الحكومة بيديها، وفي ظل تشددها في الفحوصات واشتراط حجر القادمين 14 يوماً، واصفين قرار الحكومة بأنه متسرع لم يتضمن تحديد مهلة معينة، كما يربك العمال والكفلاء ويكبدهم مصروفات كثيرة بلا طائل.ويضيفون: «لماذا لا يتم وضع الوافدين من الدول المحظورة في فنادق مجهزة خصيصاً لمثل هذه الفئة، ليقيموا فيها ١٤ يوماً، كما هو معمول به في كل دول الخليج العربي، بدلاً من إقامتهم في دول أخرى»، معقبين بأن من بعض آثار هذا المنع المستمر ما نراه من ارتفاع كبير في أجور الوافدين أصحاب المهن اليدوية، وهو ما انعكس على ارتفاع أسعار البناء والخدمات.وشددوا على أن الجميع يدعم القرارات الحكومية الخاصة بمجابهة تفشي أو انتشار الوباء، لكنه من غير المبرر وقف الرحلات المباشرة مع الهند، في حين كان من الممكن تطبيق حزمة اشتراطات صحية ووقائية صارمة يتم من خلالها التأكد من سلامة العمالة المستقدمة، وخلوها من «كورونا»، معتبرين أن قرار حظر دخول العمالة الهندية يمثل «مسماراً آخر في نعش سوق العمل».
انتفاء حجية المنع
لماذا لا يتم استثناء الوافدين الذين تلقوا جرعتي اللقاح من قرار حظر الدخول، وكذلك القادمون من دول خارج الدول المحظورة، لاسيما مع انتفاء حجية المنع المقامة على اعتبارهم ناقلين خطرين للوباء؟!ضرر بالغ يرهق المواطن
أكد بسام الشمري، صاحب إحدى شركات استقدام العمالة المنزلية، أن القرار الحكومي بمنع استقدام العمالة الهندية يضر إضراراً بالغاً بسوق العمل داخل الكويت، معقباً: «لم يتبق لنا سوى الفلبين».وقال الشمري لـ «الجريدة»، إن الانعكاسات السلبية الواسعة على السوق جراء هذا القرار تتمثل في انخفاض أعداد العمالة المستقدمة بما ينعكس وبالاً على السوق الذي يعاني نقصاً حاداً في هذا الشأن، فضلاً عن ارتفاع تكاليف استقدام عمالة الجنسيات الأخرى، نظراً لزيادة الطلب مقابل قلة المعروض، مما يرهق كاهل المواطن والمقيم مادياً بصورة أكبر، لاسيما أن تكلفة الاستقدام مرتفعة في ظل وجود المنصات المخصصة لذلك، وتكاليف الحجر الصحي.ولفت إلى أن القرار أغلق أحد أهم روافد جلب العمالة المنزلية إلى الكويت، في حين استبشر الجميع خيراً مع الانفراجة التي حدثت على صعيد استقدامها من الفلبين، «بيد أنه أرجعنا إلى المربع الأول، فلا طبنا ولا غدا الشر».SMS
دول العالم نجحت في وضع خطط وإجراءات متطورة لمواجهة «كورونا» وبدأت تحصد الثمار، وحكومتنا مازالت تتخبط في قراراتها غير المدروسة؛ مرة بفتح البلاد ومراتٍ بإغلاقها... فإلى متى سنبقى في هذه الدوامة؟!