لا يزال لبنان تحت وقع الصدمة بعد كشف السعودية عن كمية ضخمة من الحبوب المخدرة مهربة داخل شحنة من الرمان مستوردة من لبنان، وهو ما دفع الرياض إلى منع دخول أي منتجات زراعية لبنانية أو عبور أراضيها، في قرار دعمته دول من مجلس التعاون الخليجي.

وبانتظار اجتماع أمني لبناني رفيع المستوى سيعقد اليوم بالقصر الرئاسي في بعبدا، لبحث حيثيات الحادثة وكيفية معالجة أزمة التهريب التي باتت مسألة أمن قومي، فضلا عن التعامل مع تداعيات القرار السعودي، كشف السفير السعودي في لبنان وليد بخاري أمس أن «إجمالي ما تم ضبطه من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي مصدرها لبنان من قبل مهربي المخدرات، بلغ أكثر من 600 مليون حبة مخدرة ومئات الكيلوغرامات من الحشيش، خلال السنوات الست الماضية».

Ad

وقال بخاري إن «الكميات التي يتم إحباط تهريبها كافية لإغراق الوطن العربي بأكمله بالمخدرات والمؤثرات العقلية وليس السعودية وحدها»، متوجها بالشكر الى البطريرك الراعي «على موقفه المستهجن لاستهداف السعودية من خلال تهريب المخدرات إليها».

وبعد البلبلة حول مغادرته لبنان عقب قرار السعودية، أكد أنه «في إجازة اعتيادية» بالرياض، موضحا أنه «أبلغ وزارة الخارجية اللبنانية بهذا الخصوص».

وبعد موقف مماثل من الكويت وعمان، أعربت الإمارات أمس عن تأييدها قرار السعودية حظر المنتجات الزراعية القادمة من لبنان، بعد أن ثبت استخدامها لتهريب المخدرات إلى أراضي المملكة.

وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي دعم السعودية فيما تتخذه من إجراءات لحماية المجتمع من آفة المخدرات، وتأييدها في كل الخطوات التي تتخذها في إطار جهودها الدؤوبة لمكافحة هذه الجريمة المنظمة، وحقها في حفظ وسلامة المجتمع، داعية إلى «تطوير التقنيات المناسبة واتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة للحد من تهريب هذه الآفة الخطيرة، التي تهدد سلامة المجتمعات، وتضر بمصالحها».

من ناحيته، قال ​البطريرك الماروني بشارة الراعي،​ في عظة الأحد، أمس، إن «عملية تهريب مخدرات الى السعودية داخل إحدى المنتوجات الزراعية، وهي ليست ​لبنانية ولا على اسم أي مزارع أو مصدر لبناني ولمطالبة الدولة اللبنانية بإجراء تحقيق سريع لكشف الفاعلين والمهربين وإنزال أشد العقوبات بحقهم، وبالتالي معالجة هذه المشكلة مع السعودية الصديقة. وهي السند الأكبر للمزارع اللبناني من خلال تصدير أكثر من 80 بالمئة من الإنتاج إليها. ونحن من جهتنا اتصلنا ظهر أمس بالسفير السعودي ​وليد البخار​ الموجود حاليا في الرياض، وأبلغناه استنكارنا، وطلبنا إليه نقله إلى المملكة مع التمني بأن تأخذ بعين الاعتبار أوضاع لبنان والمزارعين الشرفاء».

واضاف الراعي: «بالمناسبة نطالب الدولة اللبنانية بالمحافظة على صداقاتها مع الدول العربية، وخاصة مع السعودية، لما لها دائما من مواقف ومبادرات إيجابية لمصلحة لبنان واللبنانيين، وانضمت إليها دول التعاون الخليجي التي نعبر لها هي أيضا عن أسفنا الشديد لما جرى، كما يؤسفنا في العمق تهريب مخدرات عبر دولة صديقة أخرى هي اليونان، هل هكذا أصبح لبنان في أيامنا؟».

من ناحية أخرى، شدد الراعي على أن «لبنان بحاجة إلى حكومة وطنية من اختصاصيين مستقلين عن الأحزاب، يتم تأليفها بمنطوق الدستور وروحه، وبالمساواة الميثاقية، بعيدا عن المحاصصة السياسية واستملاك الطوائف، ورغم إقدام البعض على ربط تشكيل الحكومة بالتطورات الإقليمية والدولية، فهناك أكثر من مسعى عربي ودولي لدفع المسؤولين إلى الإسراع بتأليف الحكومة سريعا. وآخر رسالة بهذا الشأن أتت من قداسة البابا فرنسيس الذي ربط زيارته للبنان بوجود حكومة».

وفي إشارة الى تحرك القاضية غادة عون ضد شركة مكتف للصيرفة وتحويل الاموال، أردف: «لقد أصابنا الذهول ونحن نرى على شاشات التلفزة واقعة قضائية لا تـمت بصلة إلى الحضارة القضائية، ولا إلى تقاليد القضاء اللبناني منذ أن وُجد. فما جرى يشوه وجه القاضي النزيه والحر من أي انتماء، ذي الهيبة التي تفرض احترامها واحترام العدالة وقوانينها. نحن نُصر على أن يكافح القضاء مكامن الفساد والجريمة بعيدا عن أي تدخل سياسي. ونصر على أن تعود الحقوق إلى أصحابها، لاسيما الودائع المصرفية. ولكن ما جرى، وهو مخالف للأصول القضائية والقواعد القانونية، قد أصاب هيبة السلطة القضائية».

واستدرك: «لا يمكننا السكوت عما يجري والتعبير عن مخاوفنا من مثل هذه الممارسات التي تضرب ما تبقى من صورة الدولة، ما يدفعنا إلى رفع الصوت لإعلان رفضنا المطلق لهذا الانحراف، ومطالبة المسؤولين بضبط هذا الانفلات الخطير وتفادي سقوط السلطة القضائية بالكامل، إذ إن سقوطها يشكل الضربة القاضية لدولة الحق والمؤسسات».

أما رئيس ​تجمع الصناعيين​ في ​البقاع​ ​نقولا أبوفيصل​ فذكر أن «السلطات اللبنانية من وزارات وأجهزة أمنية مطالبة في اجتماعها الاثنين في ​قصر بعبدا​ بالخروج بتطمينات وتعهدات للدول الصديقة، للحد من التهريب والممنوعات وضبط المنافذ البحرية والبرية ووضع آلية تحصر عملية مراقبتها بقوى ​الجيش اللبناني​ وحده، وعدم الاكتفاء كالعادة بإصدار بيان».

بدوره، أكد رئيس تجمع مزارعي ​البقاع​ إبراهيم الترشيشي أن قرار ​السعودية​ بمنع دخول الخضراوات و​الفواكه​ او العبور من أراضيها، «نزل كالصاعقة​ علينا وقد فوجئنا به»، مشددا على ان ​المزارعين​ والمصدرين في لبنان بريئون من هذا الموضوع ولا علاقة لهم به، وهذه الشاحنة تخص عصابة من سعوديين وسوريين، ونحن نؤكد وجود تقصير من ​الدولة اللبنانية​ لناحية تعطل السكانر بعد ​انفجار​ ​المرفأ​.

وتابع الترشيشي: «نحن نشدد ونصر على أن بضاعتنا لن نحملها إلا للسعودية، ونحن لا نبحث عن أي بديل، ونريد البقاء في أسواقنا. وناشد السعودية العودة عن القرار، خاصة أننا بلبنان في أمس الحاجة إلى أن يكون كل العرب إلى جانبنا خاصة في السعودية».

إلى ذلك، دهمت شعبة المعلومات​ في قوى الأمن الدّاخلي منزلاً في الضاحية الجنوبية لبيروت يوجد فيه كمية من المخدّرات القادمة من ​البقاع​. وتم توقيف شخص ومصادرة المخدرات.