هل وقع باشينيان ضحية تجاذب روسي - أميركي؟
واشنطن تُغلق بعثاتها الدبلوماسية في تركيا خوفاً من تظاهرات
في توقيت "جيوسياسي" حساس، استجاب رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان للمطالبات باستقالته التي خرجت إلى العلن بعد الهزيمة الساحقة التي تعرّضت لها يريفان في إقليم ناغورني كاراباخ على يد أذربيجان المدعومة من تركيا.وأعلن باشينيان أمس، قرار استقالته على منصته المفضلة "فيسبوك" التي قادته إلى رئاسة الوزراء بعد ثورة بيضاء ضد رئيس الوزراء السابق سيرج سركيسيان المدعوم من روسيا، وذلك بعد ساعات من اعتراف الرئيس الأميركي جو بايدن بأن المذابح التي تعرض لها الأرمن إبان الإمبراطورية العثمانية عام 1915 هي "إبادة جماعية".كما جاءت الاستقالة غداة تلقي باشينيان اتصالاً من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بعد تقارير عن تعرُّض جنود روس وأذريين لإطلاق نار من الجيش الأرمني في منطقة الخط الفاصل في كاراباخ.
وكان باشينيان تعرض لضغوط للتقرب من موسكو، الحليف التقليدي ليريفان، خصوصاً بعد امتناعها عن تقديم أي مساعدة للأرمن خلال جولة المعارك الأخيرة في كاراباخ الخريف الماضي.وأعلن باشينيان بالفعل قبل نحو 10 أيام في كلمة أمام البرلمان، أنه طالب موسكو بتوسيع وجودها العسكري على الأراضي الأرمنية بوصفها ضامنة لأمن بلاده، مشدداً على "الأهمية الكبرى للتحالف العسكري الروسي ـــ الأرمني المشترك ونظام الدفاع الجوي المشترك".وتصاعد الغضب ضد باشينيان حين أعفى في فبراير عدة جنرالات في مؤسسة الجيش المقربة تقليدياً من موسكو، اتهمهم بالتخطيط لانقلاب.واعتبر مراقبون أن استقالة باشينيان، الذي كان يعتبر مقرباً من الأميركيين لدى وصوله إلى السلطة، قد تكون تمّت بضغط روسي لقطع الطريق أمام أي محاولة لتحسين العلاقة بينه وبين إدارة بايدن التي أبدت بالفعل اهتمامها بالملف الأرمني من خلال قرار الاعتراف بالابادة. وأعلن المكتب الصحافي للرئاسة، أن رئيس الجمهورية أرمين سركيسيان، وافق على استقالة الحكومة "مع الاسترشاد بنصوص الدستور الوطني"، ومن المتوقّع أن تنعقد الانتخابات في 20 يونيو على أن يستمر باشينيان وحكومته بتصريف الأعمال الى حينه.وكان باشينيان رحب أمس الأول، بـ"القرار التاريخي" لبايدن، بعد اعترافه بالإبادة الأرمنية، ليصبح بذلك أول رئيس للولايات المتحدة يصف مقتل 1.5 مليون أرمني على أيدي السلطنة العثمانية عام 1915 بأنه إبادة، في خطوة أثارت غضب تركيا وأذربيجان التي قالت في بيان صدر عن وزارة خارجيتها، إن بايدن "يحرّف الأحداث التي وقعت قبل 100 عام".كما دان الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والأذربيجاني إلهام علييف خلال اتصال هاتفي بينهما إعلان الرئيس الأميركي.وجاء في بيان نشره مكتب علييف، أن الأخير وصف قرار بايدن بأنه "خطأ بحجم تاريخي"، وأن أذربيجان تعتبره "غير مقبول، وألحق أضراراً جسيمة ببوادر التعاون الناشئة في المنطقة".من ناحيتها، أعربت رئيسة البرلمان الأذربيجاني صاحبة غافاروفا في اتصال مع نظيرها التركي، عن تضامن بلادها مع تركيا، معتبرة أن بيان بايدن "لن يصب في مصلحة السلام بالمنطقة".وفي إشارة إلى تخوّفها من اندلاع احتجاجات مناهضة للولايات المتحدة، إثر قرار بايدن، أعلنت السفارة الأميركية في تركيا، أمس، إغلاق مقر السفارة في أنقرة وجميع المقار القنصلية التابعة لها في أضنة وإزمير وإسطنبول، اليوم وغداً، ودعت الأميركيين المقيمين في تركيا إلى توخّي الحذر وتجنب التجمعات.وأوضح بيان السفارة على موقعها الرسمي، "إن هذه الإجراءات تمثل إجراءات احترازية بعد قرار الاعتراف بمسؤولية الدولة العثمانية عن مذابح الأرمن"، مشيرة إلى أنه "يمكن للمواطنين الأميركيين في تركيا التواصل معها عبر الهاتف أو عن طريق البريد الإلكتروني".يأتي ذلك، غداة استدعاء وزارة الخارجية التركية السفير الأميركي ديفيد ساترفيلد ونقلت له "رد فعل قوي".