لا يزال اقتصاد منطقة اليورو يعاني فرض التدابير الاحترازية لاحتواء معدلات الإصابة المرتفعة بفيروس كوفيد - 19، إلا أننا بدأنا نشهد مؤخراً تسارع وتيرة برامج اللقاحات، مما أدى إلى تعزيز آمال الاقتصاديين في الحصول على فرصة لتخفيف القيود الشهر المقبل، وهي خطوة من المحتمل أن تؤدي إلى انتعاش حاد. وعلقت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد على الوضع قائلة: «إن التقدم في حملات اللقاحات والتخفيف التدريجي للتدابير الاحترازية يعزز توقع حدوث انتعاش قوي في النشاط الاقتصادي خلال عام 2021».
وأضافت لاغارد أنه على الرغم من ذلك، فإن «درجة كبيرة من التسهيل النقدي» لا تزال ضرورية، كما أن «الموقف المالي الطموح والمنسق» من حكومات منطقة اليورو «لا يزال حاسماً».وبحسب تقرير اسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، ارتفعت أسواق السندات الأوروبية بعد قرار البنك المركزي الأوروبي. إذ ارتفع الطلب على السندات الألمانية القياسية لأجل 10 سنوات، مع انخفاض العائدات بمقدار 0.02 نقطة مئوية إلى -0.28%. وحذت سندات الحكومة الإيطالية نفس الحذو.وقالت لاغارد، الخميس الماضي، إن اقتصاد الكتلة لا يزال واقفاً «على عكازين» وبحاجة إلى دعم من البنك المركزي والإنفاق الحكومي، حيث تخضع منطقة اليورو لإغلاق ممتد بسبب فيروس كورونا. كما صرحت لاغارد أن الحديث عن تقليص مشتريات البنك المركزي الأوروبي لسندات الطوارئ «ببساطة سابق لأوانه»، على الرغم من أن مسؤولي البنك على ثقة من أن اقتصاد منطقة اليورو سوف ينتعش بقوة في وقت لاحق من العام الحالي. وتابعت قائلة: «ما يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه حتى يصبح الاقتصاد مستداماً، فعلينا عبور جسر الجائحة وأن نكون قادرين على السير على أرض صلبة». وجاءت كلمة لاغارد في أعقاب صدور قرار السياسة النقدية الأخير للبنك المركزي الأوروبي، حيث أبقى البنك المركزي على سعر الفائدة على الودائع عند مستوى 0.5-% وأكد موقفه أن برنامج شراء السندات الطارئة، البالغة قيمته 1.85 تريليون يورو لشراء السندات يمكن توسيعه أو عدم استخدامه بالكامل، اعتماداً على مدى ما يحرزه من تقدم في تحفيز انتعاش الإنتاج والتضخم.
توسع اقتصاد منطقة اليورو
وفي خطوة إيجابية لاقتصاد منطقة اليورو، عاود قطاع الخدمات خلال أبريل تسجيل نمو للمرة الأولى منذ الصيف الماضي، وجاء ذلك النمو على الرغم من استمرار القيود الاحترازية للحد من تفشي الجائحة، حيث أعلنت المصانع عن تحقيق نمو قياسي.وارتفع مؤشر مديري المشتريات في منطقة اليورو لقطاع الخدمات الصادر عن IHS Markit إلى 50.3 في أبريل، مقابل 49.6 في مارس، وتخطى توقعات الاقتصاديين البالغة 49.1. وتلك هي المرة الأولى منذ ثمانية أشهر التي ترتفع فيها قراءة المؤشر فوق حاجز 50، مما يشير إلى أن أغلبية الشركات قد اعلنت عن نمو أنشطتها مقارنة بالشهر السابق.وتتمثل أهمية قراءة المؤشر بالنسبة لاقتصاد منطقة اليورو في أن قطاع الخدمات يمثل نحو ثلاثة أرباع نشاط القطاع الخاص في منطقة اليورو والشركات التي تعتمد على الاتصال المباشر مع العملاء الذين تحملوا وطأة التدابير الاحترازية. إلا أن البيانات تشير إلى أن القطاع أصبح أكثر مرونة في مواجهة عمليات الإغلاق.وخلال الفترة ذاتها، ارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع إلى 63.3، فيما يعد أعلى قراءة يسجلها منذ بداية المؤشر في عام 1997، حيث ساهم كل من الإنفاق المكبوت وإعادة التخزين والاستثمار في الآلات الجديدة والتفاؤل المتزايد تجاه التوقعات في تعزيز الارتفاع القياسي في كل من معدلات الإنتاج والطلبات الجديدة، وفقا للبيانات الصادرة عن IHS Markit.كما شهد مؤشر مديري المشتريات المركب، الذي يقيس متوسط القطاعين، ارتفاعاً هامشياً ووصل إلى أعلى مستوياته المسجلة في ثمانية أشهر عند مستوى 53.7، مما يشير إلى عودة القطاع الخاص في منطقة اليورو ككل إلى النمو.المملكة المتحدة في حالة تعافٍ
صرح المكتب الوطني للإحصاء في المملكة المتحدة بأن سوق العمل في البلاد كان مستقراً على نطاق واسع خلال الأشهر القليلة الماضية من الإغلاق. بالإضافة إلى ذلك، بدأ أرباب العمل في المملكة المتحدة عمليات التوظيف في مارس في ظل تطلعهم إلى إعادة فتح أنشطة الاقتصاد. وبلغ معدل البطالة 4.9% خلال الثلاثة أشهر المنتهية في فبراير، مقابل 5% في الشهر السابق. وقال المكتب الوطني للإحصاء إن الوظائف الشاغرة زادت بنسبة 16% على أساس شهري في مارس، على الرغم من أن وتيرة التوظيف قد تباطأت في الفترة السابقة مع استمرار إجراءات الإغلاق.كما كشف مسح منفصل للمكتب الوطني للإحصاء أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بمعدل سنوي قدره 0.7% في مارس مقابل 0.4% الشهر السابق. وقاد هذا الارتفاع زيادة في تكلفة النقل والملابس، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وبدء ما يتوقعه معظم الاقتصاديين بالعودة إلى المستويات الطبيعية للتضخم مع انتهاء تدابير الإغلاق. من جهة أخرى، أظهر استطلاع آخر أجراه المكتب الوطني للإحصاء أن مؤشر ثقة المستهلك في المملكة المتحدة ارتفع نقطة واحدة عن مستويات الشهر الماضي ليصل الآن إلى -15، فيما يعد أعلى مستوياته المسجلة منذ الإغلاق الأول.واستمراراً للدراسات الاستقصائية الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء، أظهر أحد الاستطلاعات أن مبيعات التجزئة في بريطانيا نمت أكثر من المتوقع الشهر الماضي، حيث اشترى المتسوقون الطعام لعيد الفصح والملابس ومنتجات زراعة الحدائق المنزلية، قبل تخفيف بعض القيود. كما ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 5.4% في مارس مقارنة بالشهر السابق. وقد تجاوزت تلك القراءة توقعات الاقتصاديين التي اشارت إلى تسجيل ارتفاع بنسبة 1.5%، وأعقبت تسجيل نمو في فبراير، على الرغم من إغلاق المتاجر غير الأساسية منذ أوائل يناير.مقترح بايدن لرفع الضرائب
شهد الأسبوع الماضي تباطؤا على صعيد البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية، مع تحول التركيز بدرجة أكبر نحو الجانب السياسي. إذ يستعد الرئيس جو بايدن للإعلان عن سلسلة من الزيادات الضريبية على الفئات الأكثر ثراء في الولايات المتحدة، بما في ذلك مضاعفة ضريبية الأرباح الرأسمالية على من يحققون أكثر من مليون دولار سنوياً لتوجيه تلك الموارد نحو الزيادة الهائلة المطلوبة لرعاية الأطفال والتعليم.وتبلغ قيمة الحزمة الاقتصادية المقترحة من البيت الأبيض أكثر من تريليون دولار، وقد يتم الإعلان عنها في وقت مبكر من الأسبوع المقبل، وفقاً لبعض المصادر المطلعة على الأمر، وذلك خلال إلقاء بايدن كلمته أثناء جلسة مشتركة للكونغرس لأول مرة منذ أن تولى الرئاسة. وستؤدي الزيادات الضريبية المقترحة إلى عكس بعض التخفيضات الضريبية التي أقرها دونالد ترامب في عام 2017. وسوف يكون للمعدلات الضريبية التي اقترحها بايدن تأثير سلبي على مديري استثمارات الملكية الخاصة وصناديق التحوط، من خلال إلغاء المعاملات الضريبية التفضيلية لأرباحهم - أو «حصة مدير الاستثمار في مكافأة الاداء». وحالياً، يتم فرض ضريبة على تلك النوعية من الأرباح، وفقاً لأدنى معدل لمكاسب رأس المال بدلاً من الدخل العادي، إلا أن بايدن سوف يساوي معاملتهم الضريبية.ويخطط الرئيس الأميركي لاستخدام عائدات الزيادات الضريبية لتمويل ما يتوقع أن يسميه البيت الأبيض «خطة العائلات الأميركية»، والتي ستقدم دعما أكثر سخاء للأطفال حتى عام 2025، وتوفر تمويلاً إضافياً للتعليم الشامل لمرحلة ما قبل الروضة والكليات المجتمعية. ورفض البيت الأبيض التعليق على التفاصيل المحددة للخطة.وستكون هذه الخطة هي ثالث حزمة اقتصادية ضخمة يطرحها بايدن منذ تولي منصبه، حيث قام في مارس بإصدار حزمة تحفيز مالي بقيمة 1.9 تريليون دولار، واقترح لاحقاً خطة حالياً دولار لتطوير البنية التحية، والتي تواجه في الوقت الحالي مصيراً مجهولاً في الكابيتول هيل.وأدت المقترحات إلى زيادة العمليات البيعية في أسواق الأسهم، مما نتج عنه تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1%، بعد أن كان مستقراً قبل إعلان الزيادة الضريبية المحتملة. كما تتبع مؤشر ناسداك المركب، الذي يضم أسهم قطاع التكنولوجيا، خطى المؤشر القياسي ذي القيمة السوقية المرتفعة وتراجع هو الآخر. ثم هدأت العمليات البيعية مع تحول المؤشرات إلى الأداء الإيجابي إلى حد ما.