يواجه لبنان، البلد الصغير الغارق في أزماته، أزمة خارجية كبرى، بعد كشف عمليات تهريب مواد مخدرة إلى السعودية وأوروبا عبر اليونان.ضربتان على الرأس تلقاهما لبنان من الخليج ومن أوروبا، سيكون لهما تداعيات خطيرة في المرحلة المقبلة.
ويطرح القرار الذي اتخذته السعودية، بشأن حظر جميع الصادرات الزراعية من لبنان، تساؤلاً إذا كانت دول خليجية أخرى ستبادر إلى المثل، بينما تؤكد مصادر دبلوماسية أن دولاً عدة تدرس فرض عقوبات جديدة على لبنان والقوى السياسية فيه، بسبب عدم القدرة على إنجاز الحل السياسي والعجز عن ضبط الحدود ومكافحة التهريب. إجراءات قد تدفع إلى إعلان لبنان دولة فاشلة، مع تحوله إلى بلد مارق وخارج على القانون والأعراف وقواعد التعاون بين الدول. لا يمكن لقرار السعودية وقف دخول وعبور منتجات الخضار والفاكهة من لبنان أن يكون أمراً عابراً، فتداعياته لن تقتصر على الجانب المالي والاقتصادي وتأثُّر القطاع الزراعي سلباً، بل ستفتح المجال أمام إجراءات جديدة من قبل السعودية أو دول أخرى. وأن تتكامل عملية اكتشاف تهريب المخدرات بين دول الخليج ودول الاتحاد الأوروبي، فهذا يعني أن لبنان سيكون في عزلة كبيرة مستقبلاً، تتجاوز العزلة السياسية لتصبح اجتماعية ومالية واقتصادية. هذا التطور الخطير يفتح الباب مجدداً أمام المجتمع الدولي لإثارة ملف الحدود اللبنانية والمعابر وضرورة ضبطها، خصوصاً أن مصادر رسمية لبنانية وأخرى أمنية تؤكد أن عمليات التهريب، التي تنطلق من الأراضي باتجاه الدول الأخرى، نابعة في الأساس من خلال تهريب هذه المواد من سورية وإعادة تصديرها من لبنان، مما يعني أن الضغوط الدولية ستتزايد لفرض المزيد من المراقبة على المعابر اللبنانية والحدود، وهو مطلب دولي منذ سنوات كان يتعلق بوجوب مراقبة حركة المرفأ والمطار وكل المعابر الحدودية بين لبنان وسورية. هذا الملف يشكل عنواناً أول من عناوين وشروط المجتمع الدولي للإصلاح في لبنان، ليتمكن من الحصول على مساعدات.معظم الدول التي تتهم لبنان بالتورط في تهريب المخدرات، تعتبر أن حزب الله هو المتهم الأساسي في هذه العمليات، وهذا الأمر سيعيد التذكير بتصنيف الحزب منظمة إجرامية عابرة للحدود، لا تنظيماً إرهابياً فقط. المنظمة الإجرامية هي التي تتهم بتنفيذ عمليات خارجة على القوانين المحلية والدولية، من خلال عمليات التهريب، وخصوصاً تهريب المخدرات. وبحال تم الالتزام والتطبيق الكامل لمندرجات «المنظمة الإجرامية» فإن ذلك يرتبط بإجراءات قاسية جداً، لا بحق الحزب فقط بل بحق كل من يتعاطى أو يتعاون معه مالياً وتجارياً، هذا من الناحية التقنية أو الإجرائية.أما سياسياً فلذلك سياق متشدد أيضاً مع الحزب ومع لبنان، من شأنه أن يثير مجدداً مسألة ضبط المعابر والمنافذ الحدودية، وهو مطلب دولي بقيادة الولايات المتحدة، التي كانت تطالب سابقاً بمراقبة المطار والمرفأ من قبل قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، والتي لطالما دعت إلى توسيع نطاق عملها وصلاحياتها، من خلال استحداث نقطة أساسية لها في مطار بيروت، ونقطة أخرى في المرفأ. الأمر الذي يرفضه حزب الله ويعتبره اعتداء على السيادة.يأتي ذلك بينما شهدت الأيام الماضية إشكالات عديدة بين حزب الله ومناصرين له، وبين دوريات تابعة لقوات الطوارئ الدولية تجري جولات اعتيادية في بعض قرى الجنوب، إذ عمل مناصرو الحزب على تطويق هذه الدوريات ومنعها من استكمال عملها، بالإضافة إلى منعها من وضع كاميرات مراقبة وأجهزة حساسة لرصد حركة السلاح، في نطاق عمل القرار 1701. ولكن الشروط الدولية قابلة لأن تتوسع في المرحلة المقبلة، لتشمل وضع مثل هذه الأجهزة، سواء على الحدود مع سورية أو في المطار والمرفأ، لاسيما بعد اكتشاف عمليات تهريب المخدرات.
أخبار الأولى
لبنان: هل يكون «الحظر السعودي» مقدمة لرصد الحدود والمطار بشروط دولية؟
26-04-2021