في نيودلهي.. الموت واليأس على أبواب المستشفيات
وصل شيام نارايان إلى أحد مستشفيات نيودلهي في عربة «ريكشا» مقطوع الأنفاس لكنّ أحدا لم يتمكن من مساعدته في هذه المنشأة الطبية التي ترزح تحت وطأة فيروس كورونا، ففي الهند التي تجتاحها موجة ثانية من الوباء، يعاني الآلاف نقصاً في أسرة المستشفيات والأكسجين والأدوية.في مستشفى غورو تيغ باهادور في شمال شرق العاصمة نيودلهي، انتظر شيام نارايان وعائلته بصبر للحصول على سرير فيما يستمر تدفق سيارات الإسعاف وعربات الريكشا التقليدية والمركبات الأخرى التي تنقل مصابين بكوفيد-19.وفي الداخل، الوضع ليس أفضل إذ قد يشغل ثلاثة أشخاص سريراً واحداً في الوقت نفسه.
إلا أن شيام لم يستطع حتى الوصول إلى ذلك، وفي النهاية، وصل إلى الباب لكن بعد دقائق قليلة، لكنه أخرج على حمّالة.. بعدما فارق الحياة.طوال الليل، كانت عائلته تبحث في المستشفيات عن سرير مزود أكسجين كما أوضح شقيقه رام قائلاً «شقيقي لديه خمسة أطفال، ماذا سأقول لزوجته؟».
أرقام قياسية
وتسجّل الهند التي يبلغ عدد سكانها 1,3 مليار نسمة أرقاماً قياسية يومية من حيث عدد الإصابات بالوباء ويرزح نظامها الصحي تحت وطأة الفيروس وتدفق المرضى، وسجلت البلاد الأحد حوالي 350 ألف إصابة جديدة و2767 وفاة في 24 ساعة.لن يضاف شيام نارايان من دون شك إلى حصيلة المتوفين، فقد نُقل جثمانه من دون تسجيل دخوله المستشفى.ويؤكد مستشفى غورو تيغ باهادور أنه يبذل قصارى جهده في مواجهة الأزمة ويعمل الموظفون فيه بلا هوادة.عند مدخله، يشرح أحد الحراس للعائلات المنكوبة أن الأقسام والأسرة ممتلئة، يقف البعض في طابور، ويصعد البعض الآخر في عربات ريكشا ويواصلون بحثهم.
يساند موهان شارما (17 عاماً) المرهق جده البالغ من العمر 65 عاماً، يقدم له الماء ويضبط له قناع الأكسجين برفق.توفي والد موهان بوباء «كوفيد-19» في طابور الانتظار نفسه قبل أقل من 24 ساعة.وقال الشاب «كان يختنق، نزعنا الكمامة عن وجهه وكان يبكي ويقول +ساعدوني، أرجوكم ساعدوني+، لكنني لم أستطع فعل أي شيء، شاهدته فقط يموت».
حداد
لم يكن لموهان وقت للحداد على والده، فقد اضطر لمساعدة جده بسرعة فيما بقيت والدته في المنزل لرعاية جدته المصابة بفيروس كورونا.تمكنت الأسرة من العثور على سرير للجد، لكن الظروف كانت مروعة «كانت هناك ثلاث جثث إلى جواره وخاف قائلاً إنه سيموت، لذلك، أخرجته وهو يستريح الآن» كما أوضح موهان.توشك قارورة الأكسجين للرجل العجوز أن تصبح فارغة، ليس هناك ما يضمن أنه يمكن استبدالها بأخرى ممتلئة.ويصف الخارجون من داخل المستشفيات الممرات المليئة بالأسرة والنقالات التي يشغلها شخصان أو ثلاثة.وروى رافي كومار الذي تمكن من إيجاد مكان لجده الثمانيني بعد انتظار طوال الليل «رأيت ثلاث جثث في ست دقائق، لا أسرة في الداخل، فقط نقالات على كل منها مريضان».في الليلة السابقة، اضطر جد رافي كومار لمغادرة مستشفى خاص نفد فيه مخزون الأكسجين.وتابع «هذا فشل للحكومة، لم تحسّن البنية التحتية منذ العام الماضي، إذا كان الأمر على هذا النحو في عاصمة الهند، يمكنك أن تتخيل مدى سوء الوضع في المناطق الريفية».خلفه، يقوم عرفان سلماني باتصالات حثيثة لطلب المساعدة لشقيقته مونيشا البالغة 40 عاماً، فهي تكافح من أجل التنفس فيما تجلس على الأرض واضعة قناع أكسجين مع أنبوب غير متصل بشيء.وقال «أبذل ما في وسعي منذ ثلاثة أيام، انتقل من مستشفى إلى آخر، لم أر في حياتي شيئاً مروعاً بهذا القدر، ماذا يمكنني أن أفعل؟ لم آكل أو أشرب شيئاً منذ الصباح، أواجه رفضاً تلو آخر».