مأساة مستشفى بغداد تضغط باتجاه إصلاحات تمسّ الأحزاب
• سحب يد وزير الصحة بعد مقتل 82 في «ابن الخطيب»
• حملات تصيب الكاظمي والصدر
أعلنت بغداد الحداد ثلاثة أيام، إثر حريق هائل أسقط 82 ضحية، على الأقل، في أكبر مركز لعلاج المصابين بفيروس كورونا في العاصمة، إثر انفجار أسطوانات الأكسجين اللازمة لغرف العناية المركزة.واختنق مئات المرضى ومرافقوهم بدخان الحريق، وتباطأ عمل جهود الإنقاذ، لتزداد الخسائر في الأرواح وينتشر الذعر حتى الصباح.ووسط غضب شعبي واسع، سلطت فاجعة مستشفى ابن الخطيب المشيّد منذ الأربعينيات، الضوء بنحو مأساوي على سوء الإدارة في مرافق الدولة الحساسة، إلى جانب نقص حاد في فرق الدفاع المدني المنهكة من ملاحقة آثار الحرائق والتفجيرات وويلات الحرب طوال نحو عقدين من الزمن.
ويفجر الأمر أزمة سياسية بوجه رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، الذي تتربص به فصائل موالية لإيران ولا تفوت فرصة إلا واستغلتها للاعتراض عليه، إذ نظم أنصار الميليشيات حملات واسعة، منذ فجر أمس، للسخرية من إدارة الكاظمي بوصفه حاكماً فاشلاً جاء ليحل بديلاً عن حلفاء إيران ذوي النفوذ الواسع والطامحين لإدارة البلاد. ومما زاد الطين بلة هو أن وزير الصحة العراقي حسن التميمي قريب إلى تيار مقتدى الصدر، وهو خصم آخر للميليشيات، وكان هاجم قبل يوم تورطها في هجمات الكاتيوشا ضد السفارات والمطارات، وقال إن ذلك يحاول توريط العراق في الصراع بين إيران وإسرائيل.وأدت الضغوط الشعبية والسياسية إلى منح الكاظمي فرصة للقيام بإجراءات ذات مغزى، إذ قرر سحب يد الوزير وهو إجراء أقل من إقالة لكنه قد يمس علاقته بالتيار الصدري، الطامح إلى تقديم بديل عن الكاظمي في الانتخابات المقبلة، كما يمكن للكاظمي أن يستغل الفرصة لإجراء تغيير في خريطة نفوذ ما يسمى بالدولة العميقة والمناصب التي تسيطر عليها الأحزاب في أجهزة الصحة منذ أكثر من عشر سنوات، وتنطوي على شبهات فساد ومحاصصة واستبعاد للخبراء من دائرة صنع القرار.ويتزامن ذلك مع اندلاع احتجاجات دقت جرس الإنذار الكهربائي بسبب انقطاع الطاقة، وسقط قتيل وعدة جرحى قبل يومين في احتجاجات جنوب العاصمة، ويرجح أن تحاول الفصائل المسلحة ركوب موجة الاحتجاج على سوء الخدمات الصحية وفي مجال الطاقة، ما يدفع الكاظمي إلى إحراج الأحزاب لتخفيف مستويات سوء الإدارة والفساد في هذه المرافق.ويقول المراقبون، إن الاحتجاجات يمكن أن تتصاعد خلال فصل الصيف، وتمثل فرصة لاستثمارها في إطار تعديل كثير من السياسات الإدارية والرقابية، التي عجزت عنها الحكومات السابقة.