تخلى الرئيس الصومالي محمد عبدالله محمد، الملقب بـ»فارماجو»، أمس، عن التمديد لولايته لسنتين، بعد أن خيّم فوق البلاد شبح الحرب الأهلية العشائرية، كتلك التي وقعت في بداية تسعينيات القرن الماضي.

ورغم أن المشهد السياسي بالصومال لا يزال هشاً فيما تواجه الدولة الضعيفة تمرداً من حركة «الشباب»، التي لا تزال تسيطر على أجزاء كبيرة من الأراضي الصومالية وتشن بانتظام هجمات في مقديشو ومدن أخرى، لم يقع أي اقتتال ذي طابع سياسي منذ سنوات.

Ad

لكن مساء الأحد الماضي، تحوَّل المأزق الانتخابي، الذي تعيشه البلاد منذ انتهاء ولاية «فارماجو» في فبراير دون تنظيم انتخابات جديدة، ثم التمديد له لسنتين من قبل البرلمان إلى مواجهات مسلحة بين قوات حكومية ومؤيدين للمعارضة التي أثارها التمديد لفارماجو.

لكن قادة في الشرطة والجيش انضموا للمعارضة، واتخذ الفصيلان المتنافسان في قوات الأمن مواقع بالعاصمة، ما أثار مخاوف من اقتتال عشائري.

وتوقف تبادل إطلاق النار، الاثنين الماضي، بعد أن أسفر عن مقتل شرطيين ومقاتل معارض، لكن الوضع لا يزال هشاً في العاصمة، حيث عزز كل طرف مواقعه، فيما بدأ السكان مغادرة الأحياء التي شهدت مواجهات.

وقالت بعثة الأمم المتحدة بالصومال، في بيان، إنها «قلقة، خصوصا من التفكك الناشئ في صفوف الجيش الوطني وفقاً للتوجهات العشائرية». وحذَّر عمر محمود، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، من أنه «عندما نتحدث عن انهيار قوات الأمن وفقا لتوجهات عشائرية، فإن ذلك يذكّرنا بالحرب الأهلية التي بدأت في نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات».

ودعا فارماجو، أمس، للعودة إلى الحوار وإجراء انتخابات. وقال في خطاب موجَّه إلى الأمة إنه سيتحدث أمام البرلمان السبت «للحصول على موافقته بشأن العملية الانتخابية»، داعيا الفاعلين السياسيين إلى إجراء «مناقشات عاجلة» بشأن سبل إجراء التصويت.

وقال فارماجو إنه سيتخلى عن التمديد الذي أقره البرلمان الشهر الجاري ورفضه مجلس الشيوخ، وذلك بعد ساعات من تنديد رئيس الوزراء محمد حسين روبلي بقرار البرلمان.

ورفض قادة منطقتين صوماليتين، كانوا متحالفين سابقا مع الرئيس، أمس الأول، تمديد ولايته، لكنهم رحبوا أمس بإعلانه. وتتألف القوات المسلحة التي تشكلت في الآونة الأخيرة بالصومال من ميليشيات عشائرية كثيرا ما اقتتلت على السُّلطة والموارد.

وينتمي الرئيس إلى «دارود»، إحدى العشائر الرئيسة في الصومال. أما معظم العسكريين الصوماليين بالعاصمة، فهم من عشيرة «هوية»، وهي عشيرة أخرى كبيرة ينتمي إليها معظم زعماء المعارضة. وتخلت قوات المعارضة عن مواقعها في الريف هذا الأسبوع، مع توجهها لخوض مواجهات في العاصمة، ما سمح لـ»الشباب» بالسيطرة على بلدة واحدة على الأقل. وفيما بدا أنه إشارة إلى أن حركة «الشباب» جاهزة لاستغلال أي ثغرة، استُهدف مركز قوات مصلحة السجون جنوبي مقديشو، أمس، بتفجير انتحاري أدى إلى سقوط قتلى. وجاءت التطورات هذه بعد 3 أشهر فقط من أمر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ما يقرب من 700 جندي أميركي بالانسحاب من الصومال.

وينفي الجيش الأميركي أن يكون انسحابه قد أثر على الأوضاع الأمنية. وقال كبار قادة القيادة الأميركية في إفريقيا إنهم يقومون بنفس العمل، لكنهم «يتنقلون» من أوروبا ودول شرق إفريقيا الأخرى لإنجاز المهمات.