الصين وروسيا: خطاب بايدن يعود للعقد الماضي

كلمته أمام الكونغرس لم تقنع الجمهوريين... و51% اعتبروها «إيجابية جداً»

نشر في 30-04-2021
آخر تحديث 30-04-2021 | 00:04
الرئيس الأميركي جو بايدن وخلفه بيلوسي وهاريس في الكونغرس أمس الأول  (أ ف ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن وخلفه بيلوسي وهاريس في الكونغرس أمس الأول (أ ف ب)
بعد بلوغه محطة رمزية هي أول مئة يوم من ولايته الرئاسية قال الرئيس الأميركي جو بايدن في أول خطاب له أمام الكونغرس، إن بلاده «تمضي قدماً مرة جديدة» بعد سلسلة من الأزمات الهائلة، مثيراً في الوقت نفسه غضب بكين وموسكو، لإصراره على ريادة بلاده في قيادة العالم.
أثار خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي ألقاه أمس الأول أمام الكونغرس، ولم يعتبر أنه خطاب الاتحاد كونه الأول له منذ تسلمه السلطة، غضب الصين وروسيا، خصوصا إصراره على تكرار أن أميركا عادت لتقود العالم.

ورفض الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين، أمس، "بعض تصريحات بايدن"، في الخطاب الذي جاء بعد 100 يوم من تسلمه السلطة، وقال في مؤتمر صحافي إن "إجبار أميركا الدول الأخرى على قبول نظامها الديمقراطي، وحمل راية الديمقراطية لإعطاء الأوامر للعالم كله، يعد تلاعبا بالقيم الديمقراطية، الأمر الذي لن يؤدي إلا إلى الانقسام، وإلحاق الضرر بالعلاقات وتقويض الاستقرار".

من ناحيته، اعتبر الكرملين أن "حديث الرئيس الأميركي حول استعداد واشنطن لقيادة العالم ليس سوى عبارات من العقد الماضي وعالم أحادي القطب".

الصين

وكان بايدن حاول التقليل من شأن الصين بقوله: "نحن في منافسة مع الصين ودول أخرى للفوز بالقرن الحادي والعشرين"، من دون أن يحدد من يقصد بالدول الاخرى، مضيفا أن الرئيس الصيني شي جين بينغ "جاد جدا في أن تصبح الصين الدولة الأكثر أهمية في العالم".

كما كرر بايدن التعليقات السابقة بأنه يعتقد أن الولايات المتحدة والصين يمكنهما إيجاد مجالات للتعاون، واستشهد بمواجهة تغير المناخ كمثال، كما قال إن الصراع ليس حتميا كما يعتقد البعض، لكنه تعهد بأن الولايات المتحدة ستظل على موقفها عندما تعتقد أن المصالح الأميركية أو العالمية معرضة للخطر.

وأردف: "لقد أخبرت الرئيس شي أيضا بأننا سنحافظ على وجود عسكري قوي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، تماما كما نفعل مع حلف شمال الأطلسي في أوروبا، ليس لبدء نزاع ولكن لمنعه"، متابعا: "لن تتراجع أميركا عن التزامها بحقوق الإنسان والحريات الأساسية وتحالفاتها".

لكن التعليقات على الصين ركزت إلى حد كبير على المنافسة الاقتصادية، حيث قال إن الصين ودولا أخرى تقترب بسرعة من الولايات المتحدة الآن، لأن أميركا تنفق 1 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي على البحث والتطوير، وأصر على ضرورة اتباع الصين نفس قواعد العمل التي تلتزم بها الاقتصادات الكبرى، والتي تمتد من التجارة إلى العملة والسياسة الصناعية والاستثمار اللازم لمكافحة تغير المناخ.

بوتين

وعلى خلفية التوتر، الذي تمر به العلاقات الروسية ـــ الأميركية، أكد بايدن أنه لا يسعى للتصعيد مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، مشددا على أن واشنطن وموسكو قادرتان على التعاون رغم كل التناقضات، واستشهد بالاتفاق الذي توصل إليه البلدان أخيرا حول تمديد معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية لمدة خمس سنوات، وكذلك التعاون في مجال مكافحة التغير المناخي.

بايدن

وكان الرئيس الديمقراطي استغل جائحة "كورونا" لطرح أولوياته في وقت يشهد استقطابا سياسيا، فأبلغ الجلسة المشتركة لمجلسي الكونغرس، النواب والشيوخ، وملايين الأميركيين الذين تابعوه على شاشات التلفزيون بأن "أميركا مستعدة للإقلاع".

ورغم اعترافه بأنه تولى السلطة في ظل أسوأ جائحة منذ قرن، وأسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير، فإنه أوضح أن أكثر من 220 مليون أميركي تلقوا اللقاح ضد فيروس "كورونا" خلال الـ100 يوم من رئاسته، مشيرا إلى أن ما أنجز خلال هذه الأيام يعد أحد أكبر "الإنجازات اللوجستية" في تاريخ البلاد.

كما وجه نداء حماسيا لزيادة الضرائب على الشركات والأثرياء، للمساعدة في دفع تكاليف "خطة العائلات الأميركية" البالغ حجمها 1.8 تريليون دولار، مضيفا: "الآن وبعد 100 يوم فقط، يمكنني أن أقول أميركا تتحرك مجددا، محولة الخطر إلى إمكانية، والأزمة إلى فرصة، والانتكاسة إلى قوة".

وفي خطابه، الذي لم يحضره سوى 200 شخص من أصل 1600، وكانوا يرتدون كمامات، والذي يأتي أيضا بعد أقل من 4 أشهر من اقتحام متظاهرين موالين للرئيس وقتها دونالد ترامب مبنى الكونغرس، في محاولة لإلغاء نتيجة الانتخابات، قال بايدن: "كانت أزمة وجودية واختبارا للديمقراطية"، مشددا على أن "النضال لم ينته بعد، وأن مسألة ما إذا كانت ديمقراطيتنا ستستمر طويلا هي مسألة قديمة وعاجلة على حد سواء"، وحذر من أن "الحكام الطغاة في العالم" يراهنون على زوال الديمقراطية الأميركية.

إشارات ودية لجمهوريين

​شوهد الرئيس جو بايدن يضرب قبضته مع النائبة الجمهوريّة ليز تشيني، وهي من أشد المنتقدين لسلفه دونالد ترامب، كما أصدر إشارات ودية إلى زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، مشيداً باقتراحه تسمية مشروع قانون لتمويل مركز مكافحة السرطان باسم بو، نجل بايدن الذي قضى بهذا المرض المميت.

رغم ذلك، التزم الجمهوريون الصمت إلى حد بعيد خلال الخطاب بينما انخرط الديمقراطيون في التصفيق.

الجمهوريون

وفي أول رد من الحزب المنافس، علق السيناتور عن ولاية ساوث كارولاينا تيم سكوت، الجمهوري الأسود الوحيد في مجلس الشيوخ، على الخطاب، معتبرا أن الأجندة المقترحة من الرئيس ستقسّم الأميركيين وتخفّض الأجور وتقلص الاقتصاد، ولن تحل أزماتنا الصحية والاقتصادية، وأن خطته للأسر الأميركية "تبذير لأموال الضرائب، وتضع واشنطن في قلب الحياة الأميركية من المهد الى الكلية".

وقال سكوت، النجم الصاعد في صفوف الجمهوريين، والمكلف رسميا من حزبه بالرد على خطاب الرئيس، إن "الديمقراطيين ليست لديهم مصلحة في العمل مع الجمهوريين، بشأن تشريعات البنية التحتية"، مضيفا: "رئيسنا يبدو وكأنه رجل طيب. كان حديثه مليئا بالكلمات الطيبة، لكن أمتنا تتضوّر جوعا، وتحتاج الى أكثر من مجرد كلمات مبتذلة، مستقبلنا لن يكون أفضل من خلال برامج واشنطن أو من الأحلام الاشتراكية".

وحذر من استخدام العرق كسلاح سياسي، رافضا اعتبار ان أميركا دولة عنصرية، ودافع عن قانون التصويت الجمهوري الجديد في ولاية جورجيا، الذي ندد به بايدن وغيره من الديمقراطيين باعتباره "عودة إلى الفصل العنصري".

أقل نسبة

وبعد خطاب بايدن، أظهر استطلاع للرأي أن نحو نصف الأميركيين (51 في المئة) اعتبروا خطاب بايدن "إيجابيا جدا"، وهي أقل نسبة حصل عليها آخر أربعة رؤوساء. وكان باراك أوباما حصل على رد فعل "إيجابي جدا" من قبل 68 في المئة، وجورج دبليو بوش على 66 في المئة في عام 2001، بينما حصل دونالد ترامب على 57 في المئة من الأميركيين.

وأظهر استطلاع أجرته شركة SSRS المختصة، لمصلحة شبكة CNN الإخبارية، أن 71 في المئة من مشاهدي الخطاب يشعرون بمزيد من التفاؤل.

وبشكل عام، قال 68 في المئة ممن شملهم الاستطلاع إن بايدن لديه الأولويات الصحيحة حتى الآن كرئيس، بينما ذكر 32 في المئة أنه لم يول اهتماما كافيا لأهم المشاكل، في حين اعتبر 73 في المئة من مشاهدي الخطاب ان ما طرحه بايدن من سياسات ستحرك البلاد في الاتجاه الصحيح، و27 في المئة اعتبروا انه سيقود الى اتجاه خاطئ.

امرأتان قويّتان على المنصة

كان خطاب الرئيس جو بايدن أمام "الكونغرس" شاهدا على اختراق الولايات المتحدة حاجزا تاريخيا أمام تولي النساء والأقليات مناصب قيادية.

فقد جلست خلفه على منصة "الكونغرس" امرأتان: نائبة الرئيس كاميلا هاريس، وهي أول امرأة وأول سوداء وآسيوية تتولى المنصب، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة.

وحمل ترتيب الجلوس معنى رمزيا للتقدم الذي أحرزته المرأة الأميركية في العقود القليلة الماضية، إذ تقف هاريس في الترتيب الأول لخلافة الرئيس وبيلوسي في الثاني.

وجلست هاريس على يمين بايدن، أما بيلوسي، التي أصبحت أول رئيسة لمجلس النواب عام 2007، فجلست على يساره.

وتلعب المرأتان دورا محوريا في الأيام الأولى من رئاسة بايدن، فهاريس مستشارة مقرّبة منه وصوت مرجّح في مجلس الشيوخ المقسم بالتساوي بين الديمقراطيين والجمهوريين، بينما تساعد بيلوسي في دفع البرنامج التشريعي للرئيس في "الكونغرس".

وقال بايدن مخاطبا الحضور: "السيدة رئيس مجلس النواب، والسيدة نائبة الرئيس. لم يحدث أن قال رئيس أميركي تلك الكلمات من قبل من على هذه المنصة. وحان الوقت لقولها".

back to top