«صوت اللون» يرسم الفنون الشعبية في الخليج
معرض تشكيلي للفنانة مي السعد يركز على تجسيد الهوية وتوثيقها
أقامت المؤسسة العامة للحي الثقافي «كتارا»، عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، معرضا افتراضيا بعنوان «صوت اللون» للفنانة التشكيلية مي السعد. واشتمل المعرض على حوالي 30 لوحة فنية جمعت الصوت والإيقاع واللون، ورصدت الأعمال من عمق التراث، فرسمت السعد الرقصات الخليجية التراثية المتنوعة مثل ليوه، العرضة، وغيرها من الرقصات التي تبين أصالة الفنون الشعبية التراثية. وتحرص الفنانة مي في أعمالها على تجسيد الهوية وتوثيقها وإخراجها بصورة جميلة بطريقتها خاصة، حيث جسدت الأعمال في المعرض محطات دقيقة من البيئة والتراث الخليجي والكثير من المفاهيم الثقافية العميقة بكل ما تتضمنه من إرث حضاري عريق.
ومن هذه الرؤية، استطاعت السعد أن تبنى لنفسها منهجا تشكيليا عرفها فيه المهتمون والمتابعون للفنون التشكيلية. والمتلقي يرى اهتمام السعد بعناصر ومواضيع أعمالها التشكيلية، من منطلق تحرّي الدقة في تتبّع الأفكار التي تريد طرحها، وهي أفكار تُدخل في مضامينها كل ما هو متعلّق بالواقع. ومن اللافت للنظر أنها تبدو، من خلال لوحاتها الفنية المتتابعة، كأنها تريد أن تحكي الحياة عبر مسارات تقنية متنوعة، وأبعاد فنية مزدحمة بالدهشة والتنوع والحضور.
مواضيع وأفكار
تحرص السعد كل الحرص في طرح مواضيعها وأفكارها التشكيلية على تناول العديد من المفاهيم التي تتحرك بها وفق رؤى تشكيلية مليئة بالتقابل والتضاد، سواء على مستوى الألوان من حيث مزج الألوان الصارخة التي تبيّن مضامين الفكرة وتجعل لها صوتا ذا إيقاع أو الأفكار أو التكنيك، ومن ثم فإنّ ذلك ساهم بصورة مُرضية في أن تظل أعمالها بعيدة عن التقليد ومتفاعلة بشدة مع الجمال بكل حالاته وأحواله.ويتدفّق اهتمام السعد بالتراث من خلال جماليات عدة، لعلّ من أبرزها الدقة في الوصف والرصد، والحوارات التي تسعى إلى طرحها من خلال أعمال تتسم بالحركة والحيوية، إلى جانب الإحساس بالألوان وتدرجاتها على أسطح اللوحات، وهو إحساس قوي وشديد الخصوصية لدى الفنانة، وإن ذلك يبدو واضحاً في طريقة استخدامها للفرشاة والأسلوب الذي تستخدمه في وضع الألوان، إضافة إلى ما تحتويه أعمالها من جماليات أخرى تتعلق بالفضاء الذي تتركه في لوحاتها، تعبيراً عن الكثير من الرؤى، والرغبة في امتلاء الفضاء بكل رحابته، إلى جانب الحضور الواضح لتنسيق الأفكار ورصدها بعناية على أسطح اللوحات. ومجمل القول أن الفنانة السعد من الفنانات القلائل اللاتي استطعن التجديد في أعمالهن الفنية، والوصول إلى مستويات راقية، حيث إنها فنانة ذات حسّ تشكيلي مرهف، وهي قادرة على التعبير عن أفكارها بكل أريحية، بفضل تمكّنها من أدواتها القنية.