حوار كيميائي: الكويت هي الباقية... وما نحن إلا زائلون
الكويت هي الباقية ونحن الزائلون، ومهما عصفت بها الأزمات واستفحل الفساد وتمكَّن الفاسدون، فستظل الكويت هي الباقية والأفراد هم الزائلين. ولا يُقاس عُمر الأوطان بعُمر الأفراد، فالمجتمعات والشعوب تستمر جيلاً بعد جيل، لتظل الأوطان تُقاس رفعتها وازدهارها بما يقدمه لها أبناؤها.ومَنْ يستعرض تاريخ الكويت يدرك عدد المحن والأزمات التي واجهتها وخرجت منها أكثر قوة وصلابة، ولا أدل على ذلك- في تاريخها القريب- من محنة الغزو العراقي، التي أدت إلى احتلال البلاد كلها مدة تقترب من سبعة أشهر، ثم تحررت بفضل الله، ثم بجهود أبنائها الذين تكاتفوا صفاً واحداً خلف قيادتها الشرعية، فكان منهم المقاومون في الداخل، والساعون في الخارج إلى إيصال صوت الحق الكويتي إلى جهات العالم الأربع.وفي التاريخ الأبعد ثمة محن وأزمات كثيرة، بدءاً من علاقتها مع الدول الكبرى آنذاك- كالدولة العثمانية، والمملكة المتحدة- إلى علاقتها مع الأزمات الملتهبة حولها وفي الإقليم، إلى أزمات الداخل من اقتصادية وسياسية، وجميعها تجاوزتها، وفي كل مرة كانت تخرج أكثر صلابة وقوة، إلى أن تم تأسيس الكويت الحديثة، كويت الدستور والديمقراطية، لتتحول إلى منارة حضارية على شاطئ الخليج.
تبقى الكويت، لأنها دولة مبنية على أسس صلبة، مستمدة من توحّد أبنائها، وصلابة نظامها السياسي، ودستورها الذي يشكل عقداً اجتماعياً متيناً أثبت قوته في كل الأزمات التي مررنا بها، فخلال الغزو الغاشم شعر جميع الكويتيين بأهمية الدستور، وبنعمة الديمقراطية، وبهامش الحرية المتوافر في الكويت، ودافع الجميع عن البلاد وعن الدستور، الذي شكّل محوراً صلباً التف الجميع حوله، وعادت الكويت لتستمر محافظة على وجودها ومكانتها ونظامها السياسي وأجهزتها ومؤسساتها بفضل هذا الدستور، الذي يستمد قوته من توحّد أبنائها حوله وتمسكهم به.لقد علَّمتنا التجارب أن العمل بالدستور واحترام مضامينه وتطبيقها عملياً، لا بالقول فقط، هو طريق النجاة الوحيد، فلا خوف على الكويت ما دمنا متمسكين بالدستور، ولا خوف على الكويت ما دام الدستور ينظم العلاقات بين سُلطاتها وبين كل الفرقاء، وكل خلاف يؤدي إلى تعطيل مضامينه هو خلاف خطر ويمس الكويت بحاضرها ومستقبلها، وكل خلاف لا يخرج على الدستور إنما هو عرض من عوارض الديمقراطية؛ يثري الحياة السياسية، ويقوي الكويت ولا يضعفها. فلنتمسك بالدستور، وبتطبيقه فعلياً، ولنثق بأن الكويت هي الباقية، وما الأزمات إلا عثرات صغيرة في طريق تطورها وازدهارها.*** "Catalyst" مادة حفّازة:احترام الدستور + مواجهة الفساد = استقرار الكويت