هنري كيسنجر: صراع واشنطن وبكين أخطر من الحرب الباردة
• «البنتاغون»: نستعد لنزاع لا يشبه «الحروب القديمة»
• «متلازمة هافانا» تظهر مجدداً
قال هنري كيسنجر، الدبلوماسي الأميركي المخضرم، إنه لا يمكن مقارنة التوتر الحالي بين الولايات المتحدة والصين بالحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، محذراً من أن التوتر بين البلدين يهدد العالم بأسره ويضاعف خطر ما اسماه «نهاية العالم».
بعد خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن أمام الكونغرس، الذي اعتبر فيه أن الولايات المتحدة في سباق مع الصين على القرن الـ21، حذر الدبلوماسي الأميركي السابق هنري كيسنجر من أن التوتر بين الولايات المتحدة والصين يهدد العالم بأسره، وقد يؤدي إلى نزاع غير مسبوق بين الدولتين العملاقتين عسكريا وتقنيا.وقال كيسنجر (97 عاما) وزير الخارجية في عهد الرئيس السابق ريتشارد نيكسون، ومهندس التقارب التاريخي بين واشنطن وبكين في سبعينيات القرن الماضي، إن القدرات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية الهائلة للقوتين العظميين تجعل التوتر الحالي أخطر من ذاك الذي حدث في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.وأوضح كيسنجر، في منتدى استضافه المركز الفكري "ماكين اينستيتيوت"، أنه على الرغم من أن خطر نشوب نزاع نووي كان كبيرا خلال الحرب الباردة، فإن التقدم التكنولوجي في مجال الأسلحة النووية، وخصوصا الذكاء الاصطناعي، وهما قطاعان تتصدرهما الولايات المتحدة والصين، أدى إلى مضاعفة خطر نهاية العالم.
وتابع: "للمرة الأولى في التاريخ، تمتلك البشرية القدرة على التدمير الذاتي في وقت محدود"، مضيفا: "طورنا تقنيات تتمتع بقوة كان لا يمكن تصورها قبل 70 عاما، وأعتقد أن المسألة النووية تضاف الآن إلى المسألة التكنولوجية التي ترتكز، في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى واقع أن الإنسان يصبح شريكا للآلة، وأن الآلة يمكنها تطوير حكمها الخاص"، معتبرا أنه "في نزاع عسكري بين قوتين تكنولوجيتين عظميين، يرتدي هذا الأمر أهمية كبرى".ورأى أنه لا يمكن مقارنة هذا الوضع بالحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، مضيفا أن "الاتحاد السوفياتي لم يكن قوة اقتصادية وكانت قدراته التكنولوجية عسكرية، ولم يكن لديه التطور التكنولوجي الذي تتمتع به اليوم الصين التي تمتلك قوة اقتصادية هائلة إضافة إلى قوتها العسكرية الكبيرة"، ويجب على الولايات المتحدة أن تبقى حازمة في المبادئ، وأن تطالب الصين باحترامها مع الإبقاء على حوار مستمر وإيجاد مجالات للتعاون معها.
حرب حتمية
رغم ذلك، قالت النائبة الأولى لوزير الدفاع الأميركي كاتلين هينكس إن الولايات المتحدة لا تعتبر اندلاع حرب أو نزاع مسلح مع الصين أمرا حتميا.وردا على سؤال عما إذا كان الصراع المسلح أمرا لا مفر منه وفقا لـ "البنتاغون"، قالت هينكس في ندوة عبر الإنترنت: "لا، أنا لا أرى ذلك"، مبينة أن "هناك العديد من المجالات الأخرى التي ستتنافس فيها الولايات المتحدة والصين، بينها القواعد الدولية، والاقتصاد، وغيرها".ويتحدث بايدن عن "منافسة استراتيجية صارمة وطويلة الأمد" مع الصين، وفي اتصال مع رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون دعا الرئيس الأميركي إلى إيجاد مشروع غربي بديل لمبادرة "الحزام والطريق" الصينية العملاقة التي باتت تعتبر إحدى الأداوت الاستراتيجية بيد بكين.أوستن
في سياق قريب، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، في أول كلمة سياسية مهمة له، أن الولايات المتحدة تستعد لصراع محتمل في المستقبل لا يشبه كثيرا "الحروب القديمة" التي استهلكت وزارة الدفاع لفترة طويلة.وخلال زيارة للقيادة الأميركية في المحيط الهادي، والتي مقرها هاواي، دعا أوستن أمس الأول إلى حشد التقدم التكنولوجي، وتحسين دمج العمليات العسكرية على الصعيد العالمي، من أجل "الفهم بشكل أسرع واتخاذ القرار بشكل أسرع والعمل بشكل أسرع".وأردف: "الطريقة التي سنقاتل بها في الحرب الرئيسية المقبلة ستبدو مختلفة تماما عن الطريقة التي قاتلنا بها في الحروب السابقة".ولم يشر أوستن بشكل صريح إلى منافسين مثل الصين أو روسيا، وأقر بأنه قضى "معظم العقدين الماضيين في تنفيذ آخر الحروب القديمة"، وتعلم دروسا لن ينساها.«متلازمة هافانا»
إلى ذلك، أفاد مسؤولون بالكونغرس أمس بأن واشنطن تحقق في حالات جديدة من الهجمات الغامضة على مسؤولين أميركيين في جميع أنحاء العالم، مؤكدين بذلك معلومات نشرتها وسائل إعلام عن ظهور ما سمي "متلازمة هافانا" مجددا.وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الديمقراطي مارك وورنر، ونائبه الجمهوري ماركو روبيو، في بيان مشترك، "منذ نحو خمس سنوات أبلغنا بهجمات غامضة ضد ممثلي الحكومة الأميركية في هافانا بكوبا وكذلك في بقية أنحاء العالم".وأضافا: "يبدو أن هذا النوع من الهجمات ضد مواطنينا الذين يعملون لمصلحة الحكومة يشهد زيادة"، مؤكدين ضمنيا ما كشفته شبكة "سي إن إن" عن هجومين وقعا مؤخرا على الأراضي الأميركية.وقالت "سي إن إن" إن الإدارة الأميركية تحقق خصوصا في حادثة وقعت في نوفمبر الماضي عندما شعر مسؤول في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض فجأة بتوعك أثناء سيره في حديقة بالقرب من مقر السلطة التنفيذية.وفي 2019، عانت موظفة في البيت الأبيض من توعك مماثل خلال نزهة في إحدى ضواحي واشنطن.ورفضت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفدرالي، التعليق على هذه الحوادث وعلى التحقيقات التي أجريت منذ ذلك الحين.لكن "سي إن إن"، التي لم تحدد مصادرها، تشبه هذين الحادثين بالهجمات الصوتية المحتملة التي قالت واشنطن إنها أصابت موظفي قنصلية الولايات المتحدة في كوبا بين 2016 و2018.وبعد ذلك عانى دبلوماسيون متمركزون في هافانا وأفراد من عائلاتهم من مشاكل صحية مختلفة في التوازن ومن دوخة ومشاكل في حركة العين وقلق وتهيج وما أسماه الضحايا "ضباب في الإدراك".هذه الأعراض، التي سميت "متلازمة هافانا"، دفعت واشنطن إلى استدعاء غالبية موظفيها الدبلوماسيين من كوبا في 2017.وكشف تقرير صادر عن الأكاديمية الأميركية للعلوم أن "طاقة الموجات اللاسلكية الموجهة" هي السبب المرجح لهذه الأعراض. ووعد البرلمانيان الأميركيان، في بيانهما، بـ"كشف ملابسات" هذه الهجمات. وقالا "تلقينا بالفعل بلاغات بشأن هذه الهجمات المنهكة التي أسفر الكثير منها عن حالات مؤكدة من إصابات الدماغ الناجمة عن صدمة"، ورحبا بتعهد مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز بإحياء التحقيقات في طبيعة الأسلحة المستخدمة في هذه الهجمات، ووعدا بأن يحددا "في نهاية المطاف المسؤولين عن هذه الهجمات على الأميركيين ومحاسبتهم".صحيفة دنماركية تتلقى «تهديداً» أميركياً بسبب شركات صينية
قالت صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية إن السفارة الأميركية في الدنمارك طلبت منها أن تفحص ما إذا كانت محولات البيانات أو معدات الشبكات التي تستخدمها من صنع خمس شركات صينية هي "هواوي" و"زد تي إي" و"هيتيرا" و"هيكفيجن" و"داهوا".وقالت "بوليتيكن" إن السفارة الأميركية تهدد بإلغاء اشتراكها لديها، إذا رفضت توفير المعلومات المطلوبة أو اختارت استخدام معدات من صنع الشركات المذكورة، مضيفة أنها ليست الصحيفة الوحيدة التي تلقت مثل هذا التهديد.ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين الخطوة الأميركية بأنها "مثال آخر على ممارسة الدبلوماسية القسرية" من جانب الولايات المتحدة.