المرض الكويتي
هل من المفيد أن نضع الخطط، وأن نؤسس مجلس تخطيط أو وزارة، ونصدر الخطة تلو الخطة، والرؤية تلو الرؤية، ثم نحذفها أو نتركها تقتات عليها الفئران، فإن سألنا سائل نقول من حيث الشكل نحن أكملنا المهمة والصورة، أما من حيث الموضوع فنحن أبخص وأدرى وأعلم؟!هل ممكن أن نفهم لماذا لدينا جهاز للتخطيط؟ فإن كان هذا هو حالنا، ونحن لدينا عدة خطط تنمية، ومجلس تخطيط، ثم وزارة، ثم مجلس مرة أخرى، ثم مجلس أعلى... إلى آخره. فإن كنا في هذه الحالة المأسوف عليها، بوجود جهاز يخطط، فما بالك لو لم يكن لدينا تخطيط؟! إلا إن كان تخطيطاً على رمال الشاطئ، تندثر تلك الخطوط مع المد نهائياً.سنظل ندور في نفس الحلقة، فالأزمة السياسية نتيجة وليست سبباً، لانعدام التحرك للأمام، أو انتشار الفساد، أو سوء الإدارة، أو ضعف وتراجع التعليم، أو غير ذلك، أو لأن لدينا 12 جهازاً رقابياً، لكشف الفساد، بينما الفساد هو كما نراه، لا يحتاج لشرح.
يتصور البعض أنه ما إن تستبعد شخصيات معينة، فإن طاقة السعد ستنفتح، وستتحرك الأمور للأحسن. هكذا، يراد لنا تعليق المشكلة على حفنة أشخاص، لا على حالة العجز الهيكلي التي تحتاج إلى علاج.ولنتذكر ما حدث مع رئيسي مجلس الوزراء السابقين، فقد خرجت الجماهير عن بكرة أبيها، وتحركت الجموع من كل اتجاه، تطالب برحيل الرئيس الأسبق، وقيل ارحل، وقيل الكويت تستحق الأفضل، وهكذا كان، رحل الرجل، وجاء من بعده قوم يبلعون الأخضر واليابس، كما لم يبلعه أحد من قبل.ندرس طبيعة النظام السياسي الكويتي، ونقاط الضعف فيه منذ زمن بعيد، أملاً في الوصول إلى فهم الطبيعة "الأزماتية" المتكررة، وإيجاد المخارج، حتى صار محتملاً أن نطلق عليه المرض الكويتي. ربما كنا نظن في البداية أن رحيل أشخاص هنا أو هناك سيحل المشكلة، ليتضح لنا أن الموضوع أكثر تشابكاً من مجرد رحيل أشخاص. وربما هنا كانت ضرورة "للخروج من زمن البراءة"، حسب جواد رضا. أما السياسيون التقليديون فهُم داخل نفس الصندوق، همهم هو المعارك للوصول للسلطة أو للنفوذ. فهؤلاء، وهم أغلبية الموجودين على الساحة السياسية، يتحركون بالدفع الذاتي، وهم ليسوا إلا جزءاً من متلازمة المرض الكويتي، على غرار المرض الهولندي.ما لم تُعَدْ برمجة النظام السياسي، فالنتائج معروفة سلفاً.