قطار إصلاح التعليم ينطلق من محطة المناهج الرقمية
مشروع التطوير يطبق في 24 مدرسة بدءاً من سبتمبر
فتحت جائحة "كورونا" الباب على مصراعيه أمام وزارة التربية للإسراع نحو طريق إصلاح منظومة التعليم، وتحقيق نقلة نوعية في مخرجات هذه المنظومة، لمواكبة متغيرات سوق العمل والتطور الرقمي وثورة الذكاء الاصطناعي، ضمن الجهود الرامية إلى تحقيق رؤية الكويت 2035.وعلى قدم وساق تتسارع جهود قطاعات "التربية" لإنجاز مشروع تربوي طموح يهدف إلى تطبيق التحول الرقمي وإدخال عناصر التكنولوجيا وتحويل المناهج التقليدية إلى رقمية ذكية تتناسب مع هذا التحول وتعزز استمرار التعليم عن بعد ببرامج مطورة، لتكون رديفة وموازية للتعليم التقليدي، من خلال التعليم المدمج أو الهجين الذي يجمع مزايا النظامين بما يخدم رفع كفاءة التحصيل العلمي للطلاب، وينمي مداركهم وحس الإبداع لديهم.
أعلن الوكيل المساعد لقطاع البحوث التربوية والمناهج رئيس فريق مشروع تطوير المناهج في وزارة التربية صلاح دبشة انتهاء الفريق من المسودة الأولية لوثيقة الإطار المرجعي العام للمنهج الدراسي الوطني في الكويت، بعد إجراء المراجعات النهائية عليه.وقال دبشة، لـ"الجريدة"، إن الإطار المرجعي العام يسعى إلى ترجمة التوجهات الجديدة للدولة وخططها التنموية في تكوين رأسمال بشري إبداعي يمتلك مهارات القرن الحادي والعشرين، من خلال تصميم مناهج دراسية قائمة على المعايير، وربطها بالأدلة التعليمية التي تمثل الصفات المنشودة للمتعلمين، مع مراعاة ملاءمة أسس محتوى المواد الدراسية متطلبات الإنتاجية والتنافسية والاستدامة.وشدد على انه يعول على ذلك احداث التغييرات السلوكية المأمولة بالمتعلمين معرفيـا ومهاريا ووجدانيا، من أجل أن يلبي ذلك الاحتياجات المستقبلية لسوق العمل، ويحقق متطلبات التنمية المستدامة بما يمتلكه المتعلمون من مهارات تسمح لهم بالانخراط في الحياة والقدرة على المشاركة التنافسية.وأشار إلى أن وراء هذا المشروع فريقاً كويتياً مختصاً من قطاعات مختلفة من وزارة التربية، تتمثل في قطاع البحوث التربوية والمناهج والتعليم العام وإدارة نظم المعلومات، إلى جانب عدد من المختصين في جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي.
معايير التطوير
وحول المعايير التي تم اعتمادها للتطوير، أوضح دبشة أن الوزارة وضعت معايير تتوافق والنظرة العالمية الجديدة للتعليم، وتواكب المستجدات والمتغيرات في عصر الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة واقتصاد المعرفة؛ وهذا بلا شك يدعو إلى تطوير معايير آلية التقييم لتتناسب مع هذه المناهج الجديدة.واضاف ان هذا المشروع يتوجه بداية الى تطوير مناهج المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، مع الحرص على استمرار التطوير إلى أن يتحقق التغيير الشامل لمنظومة التعليم وصولا إلى المرحلة الثانوية، وفق رؤية شاملة لما يجب أن يكون عليه خريجو التعليم ما قبل المرحلة الجامعية.وأوضح ان المشروع سيطبق تجريبيا على 24 مدرسة في العام الدراسي المقبل 2021-2022، و6 رياض أطفال، بعد أخذ الموافقات اللازمة لمعرفة التحديات وتلافيها، والاستعداد للبدء بالمرحلة الثانية التي يتطلب تعميمها على مستوى الأنظمة التعليمية في الكويت للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة وفق نظام المعايير.وفيما يخص المناهج والتحول الرقمي، اكد ان فريقا من إدارة نظم المعلومات بدأ العمل والتنسيق مع شركة مايكروسوفت لتحويل المناهج إلى رقمية، والاستفادة من تقنيات مايكروسوفت بشكل أفضل ضمن بيئة تعلم رقمية آمنة تواكب الحقبة الجديدة من التعلم الرقمي في المنظومة التعليمية.وذكر أن الفريق حرص على عقد عدة اجتماعات ضمن سلسلة اجتماعات مع ممثلي مؤسسات الدولة وجمعيات النفع العام، انطلاقا من مبدأ أن التعليم مسؤولية جماعية مشتركة ينبغي أن يمارسها كل من موقعه، والعمل معا على وضع أفضل التصورات التربوية المستقبلية التي تسهم في تحقيق رؤية الكويت 2035 وفق الخطة الإنمائية للدولة وتحسين جودة التعليم فيها.جودة التعليم
وبين دبشة ان الجميع مدعو إلى العمل وفق هذا التوجه التشاركي لدعم النهوض بالتعليم في الكويت عبر التواصل مع أكبر قدر من مؤسسات الدولة وجمعيات النفع العام، فضلا عن الأفراد من أولياء الأمور والمهتمين بالشأن التعليمي والتربوي لإبداء الرأي لضمان جودة التعليم والمشاركة في تطوير المناهج، مؤكدا حرص الوزارة على التنسيق والتكامل مع الجميع، من أجل تحقيق الأهداف التنموية المستدامة التي تتماشى مع رؤية الدولة، لافتا إلى أن مثل هذه الشراكة سيكون لها أثر مباشر وإيجابي على عملية التعليم في الكويت.وأفاد بأنه تمت مخاطبة أكثر من 73 جهة للمشاركة، ومن الجهات التي شاركت في مناقشة المناهج حتى الآن، وأرسلت ملاحظاتها هي الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط، والقوة العامة للإطفاء، ووزارة الداخلية، ووزارة الدفاع، والهيئة العامة لمكافحة الفساد، وجمعية ريادة الأعمال التنموية، والجمعية الكويتية للعمل الوطني، والهيئة العامة للبيئة، والجمعية الجغرافية، والجمعية الكويتية لفنون التصوير، وجمعية المعلمين، والمركز العلمي، واتحاد المصارف، والمركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج.فريق وطني
بدورها، قالت عضوة فريق تطوير المناهج مديرة ادارة تطوير المناهج بوزارة التربية أنوار الحمدان إن الفريق يعمل منذ سنوات وبشكل مستمر، لان عملية تطوير المناهج هي بالاساس عملية مستمرة، لافتة إلى أن الفريق شمل خلال عامين متتاليين اعضاء من كليات اعداد المعلم لتكوين رؤية شاملة عند اعداد المناهج الجديدة والمطورة بشتى الجوانب. وأضافت الحمدان، لـ"الجريدة"، أن الفريق قام بدراسة الوضع الراهن عن طريق استطلاع رأي أهل الميدان التربوي من موجهين ومعلمين ورؤساء أقسام للمواد الدراسية، لأخذ الملاحظات والمشاركة برأيهم لتكوين رؤية أكثر شمولية ووضوحا، لافتة إلى انتقال الفريق للعمل في المرحلة الجديدة، من خلال الانطلاق إلى الشراكة المجتمعية مع شرائح واسعة من مؤسسات وأفراد، للتواصل معهم واشراكهم في عملية تطوير المناهج والرؤية التي لديهم في هذا المجال، حيث تم التواصل مع أكثر من 73 جهة حكومية وخاصة وجمعيات نفع عام لهذا الغرض.تحسين المخرجات
وأشارت الحمدان إلى أن الفكرة والهدف الأساسي من تطوير المناهج هو تحسين المخرجات والتفكير مليا في المتعلم عندما يتخرج في الثانوية العامة إلى أين سيتجه؟ وما فرص العمل المتاحة، لاسيما مع الانفتاح العالمي وتغيرات سوق العمل التي باتت تعتمد على الاقتصاد المعرفي والذكاء الاصطناعي؟ مضيفة أن المناهج سترتبط بالمهارات والقدرات التي يجب أن يمتلكها المتعلم الخريج.وشددت على أن عملية تطوير المناهج ترتكز كذلك على تحقيق رؤية الكويت 2035 في تأسيس رأسمال بشري قادر على تحقيق أهداف الدولة واهداف التنمية المستدامة، ولهذا سيكون هناك سعي دائم لتحقيق الهدف الرابع وهو استمرار التعليم الجيد المنصف الشامل للجميع.وحول ربط المناهج الجديدة بالمعايير، أوضحت أن المناهج المطبقة والجديدة كلها مرتبطة بمعايير، ولا يمكن أن يبنى منهج دراسي دون وجود معايير يرتكز عليها، لافتة إلى أن المناهج الجديدة ستركز على نظرة شمولية أكبر في تحقيق مهارات القرن الحادي والعشرين ومهارات المستقبل، من خلال التركيز على بناء القدرات والمعايير العالمية، اضافة إلى الاتجاهات والقيم لصقل المتعلم لسوق العمل.التفكير الإبداعي
وأفادت الحمدان بأن المناهج المطورة ستعمل على تعزيز مهارات التفكير الابداعي وحل المشكلات والجوانب المعلوماتية والتقنية، والمواطنة العالمية وبناء الشخصية، موضحة أن الوزارة حتى قبل جائحة كورونا كانت لديها رؤية حول أهمية التعليم عن بعد والتعليم المنزلي، لإتاحة المجال لكل شرائح المجتمع لتلقي التعليم، تحقيقا للهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة الذي يؤكد على التعليم المنصف الشامل للجميع.وأوضحت أن جائحة كورونا عجلت بتحقيق هذه الرؤية بأن يكون هناك نظام للتعليم المستمر يدعم استخدام التكنولوجيا والتعليم عن بعد، ويكون موازيا للتعليم التقليدي، مشيرة إلى أن المناهج المطورة ستركز على فهم المتعلم للمعيار وليس على المحتوى، بحيث يوجه المعلمون للتركيز على المعيار خلال اعداد مصادر التعلم وخلال عمليات التقييم، سواء في التعليم التقليدي أو التعليم عن بعد.وأضافت أن قطاع المناهج يحوي قسما مختصا للتعليم الإلكتروني، ويتم حاليا دعم القسم بالكوادر الوطنية المتخصصة وتوفير الاجهزة والبرامج والدورات التدريبية، لافتة إلى أنه في حال توسع الوزارة في قضية التعليم عن بعد فإن ذلك يتطلب تحويل هذا القسم إلى ادارة مختصة لمواكبة التطورات الحديثة في هذا المجال، ويحتاج الأمر يحتاج إلى تشريعات خاصة بالتعليم الالكتروني والتعليم عن بعد حتى يأخذ الاطار القانوني المناسب له.وأكدت أن أغلب القياديين في الوزارة يدعمون استمرارية التعليم عن بعد، بالتزامن مع التعليم التقليدي، ليشكلان ذراعين متوازيين يخدمان المتعلم، ورفع كفاءة المنظومة التعليمية وتحسين مخرجاتها، لافتة إلى أن المناهج المطورة ستطبق على 24 مدرسة بشكل تجريبي، وجار اعدادها بالتعاون مع الفريق، وإعداد خطة لتطبيق المنهج التجريبي لتشمل الكتب والادلة المساندة والحقائب التدريبية والدورات لتجهيز تنفيذ الخطة.الاقتصاد المعرفي
من جانبه، أكد عضو هيئة التدريس بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب عضو فريق تطوير المناهج أ د عبدالمحسن دشتي أن "التعليم يعد من أهم الأسس في بناء وتوفير القوى البشرية لأي مجتمع، خاصة أننا الآن في القرن الحادي والعشرين نعيش عصر الاقتصاد المعرفي الذي يتطلب من المهتمين بالشأن التعليمي التخلص من الصورة النمطية للمتعلم، والتي تعتمد على الحفظ والتقليد، واستبدالها بمهارات تتماشى مع ما تطمح اليه الشعوب عند اعداد الطالب، كمهارة التفكير النقدي وحل المشكلات والثقافة الرقمية والتواصل والموهبة والإبداع والازدهار الشخصي وما إلى ذلك".وأضاف دشتي أن وزارة التربية، ممثلة بقطاع البحوث التربوية والمناهج، بقيادة الوكيل المساعد للقطاع صلاح دبشة، حرصت على تحقيق هذه الرؤى المنبثقة من رؤية الكويت 2035، حيث تم تشكيل فريق تطوير المناهج ليتولى إعداد الإطار المرجعي العام لتطوير المناهج في مدارس التعليم العام، بدءا من مرحلة رياض الأطفال وصولا إلى الصف الثاني عشر، لافتا إلى أن الاطار المرجعي العام سيتناول ثلاثة أطر رئيسية، هي: الغايات والأسس والمحتوى.وأوضح أن أعضاء الفريق حرصوا على اشراك أهل الميدان التربوي وجمعيات النفع العام والمؤسسات الحكومية وأولياء الأمور للاستئناس بآرائهم، ولتحقيق هدف الشراكة المجتمعية عند اعداد الإطار، لافتا الى أن من أهم ما ركز عليه أعضاء الفريق هو الاهتمام بالتدريب والتقييم، لأن اهمال هذا الجانب سيجعل تطبيق البرنامج غير مجد ولا يؤتي ثماره.فهد الرمضان
شراكة مع «مايكروسوفت» للاستفادة من تقنياتها ضمن بيئة تعلم رقمية آمنة صلاح دبشة
«كورونا» عجّلت بالتحول إلى نظام مستمر يدعم التكنولوجيا والتعلم عن بعد ويكون موازياً للتعليم التقليدي أنوار الحمدان
التخلص من نمطية الحفظ واستبدالها بمهارات التفكير وحل المشكلات وثقافة الإبداع عبدالمحسن دشتي
«كورونا» عجّلت بالتحول إلى نظام مستمر يدعم التكنولوجيا والتعلم عن بعد ويكون موازياً للتعليم التقليدي أنوار الحمدان
التخلص من نمطية الحفظ واستبدالها بمهارات التفكير وحل المشكلات وثقافة الإبداع عبدالمحسن دشتي