«تحالف إقليمي» بين ماكرون و«الجمهوري»... «بروفة للرئاسية»
«مناورة انتخابية صغيرة» أم ضرورة لا مفر منها في مواجهة لوبن؟
انسحبت مرشحة من حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في انتخابات محلية لمصلحة مرشح لحزب الجمهوريين اليميني، في خطوة ظل الطرفان حذرين تجاه تبنيها، لكن رأى فيها مراقبون تمريناً للانتخابات الرئاسية في 2022، حيث قد يجد الوسطيون أنفسهم في خندق واحد أمام مارين لوبن من أقصى اليمين.
في أحدث إشارة إلى فشل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بناء قوة سياسية جاذبة على المستوى المحلي، أعلن رئيس الوزراء جان كاستيكس أن حزب الرئيس الوسطي "الجمهورية إلى الأمام" سيتحالف مع مرشح حزب "الجمهوريين" اليميني المحافظ رونو موزيلييه المنافس في الانتخابات الإقليمية، المقررة في يونيو المقبل بمنطقة بروفانس ألب كوت دازور الجنوبية، والتي ستشكل اختبارا رئيسيا قبل الانتخابات الرئاسية عام 2022.ونجم هذا التحالف عن تنحّي مرشحة حزب ماكرون، وزيرة الدولة صوفي كروزل، لمصلحة موزيلييه، لكنه لم يأت بقرار من "الجمهوريين" اليميني، وإنما كان مجرد اتفاق شخصي حصل بين موزيلييه و"الجمهورية إلى الأمام"، وفق كاستيكس.وخلال مقابلة مع صحيفة "لوجورنال دو ديمانش"، قال كاستيكس إن الحزب سيدعم المرشح اليميني المخضرم موزيلييه في مدينة مرسيليا الجنوبية والمناطق حولها التي يأمل "حزب التجمع الوطني" اليميني المتطرف، بقيادة مارين لوبن، أن يحقق فيها المزيد من التقدم قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل، ولاحظ أنه من السابق لأوانه القول ما إذا كان سيتم السير باتفاقات مماثلة في دوائر أخرى.
انقسام جمهوري
وأحدثت هذه الخطوة انقساما بين زملاء موزيلييه "الجمهوريين" الذين شجبت قيادتهم بسرعة هذا التحالف الذي يمكن أن يضعف الحزب في الانتخابات الإقليمية التي تجرى على جولتين، تبدأ الأولى في 20 يونيو، على أن تقام الثانية في 27 من الشهر ذاته.وتشير نتائج استطلاع أجرته مؤسسة "ايفبو" الأسبوع الماضي إلى فوز مرشح اليمين المتطرف تيري مرياني بـ31 في المئة من الأصوات من الجولة الأولى، لكن في حال تحالف "الجمهوريون" مع "الجمهورية إلى الأمام" فسيفوز موزيلييه بـ39 في المئة من الأصوات في الجولة الثانية.ورأى بعض المحافظين غير الراضين عن هذا التحالف أن ماكرون أضعف حزبهم على نحو ممنهج منذ توليه السلطة عام 2017، من خلال استقطاب العديد من أعضائه لشغل مناصب في الحكومة.كما طرح هذا التحالف إشكالية كبيرة في صفوف اليمين، الذي يخوض أنصاره هذه الانتخابات كمعارضة لماكرون، وهو ما عبر عنه صراحة النائب عن "الجمهوريون" عن المنطقة، جوليان أوبير، في مقابلة على قناة "فرانس انفو"، قال فيها: "لن أشارك في هذا التحالف، أصر على أننا يجب أن نكون حزبا معارضا لإيمانويل ماكرون، أنا أحارب سياسته في البرلمان، وهدفي عدم الجلوس على كرسي مع وزيره أو بعض نوابه".بيد أن الرد الأقوى جاء من رئيس حزب "الجمهوريون" كريستيان جاكوب، الذي ندد بما اعتبره "مناورة انتخابية صغيرة"، وقال في تغريدة على "تويتر" إن "موزيلييه لن يكون قادرا بعد الآن على الاستفادة من ترشيح حزب الجمهوريون له"، ما يمكن أن يفسر بأنه سحب ترشيح اليمين له، ما سيشكل سابقة في تاريخ الحزب، مضيفا: "يجب أن تكون الجولة الأولى محكومة بالوضوح والإخلاص لقناعات الحزب والتزاماته وحلفائه الطبيعيين". من جهته، استنكر النائب عن "الجمهوريون" عن منطقة آلب ماريتيم، إيريك سيوتي، تحالف مرشحهم مع حزب الرئيس الفرنسي، واصفا إياه بأنه "طعنة في الظهر"، وقال على "تويتر": "هذا الصباح أفكر في فرنسا التي تستحق أفضل بكثير. وكذلك نشطاؤنا وناخبونا الذين تعرضوا للخيانة في قناعاتهم".وسيواجه حزب موزيلييه حزب لوبن، الذي حصل على 45 في المئة من الأصوات في الانتخابات المحلية السابقة عام 2015.ويظهر التحالف، الذي يأتي بعد عام من هزيمة مهينة لـ"الجمهورية إلى الأمام" في انتخابات بلدية، اعترافا في أوساط الحزب الحاكم بأنه أضعف وأقل شعبية من أن يحقق الفوز في بعض المناطق بمفرده.ولم يتمكن مرشحو ماكرون في تلك الانتخابات من حصد سوى عدد قليل من المقاعد، في حين أحرز "حزب الخضر" تقدما وقدمت أحزاب اليسار واليمين التقليدية أداء جيدا. ويقول محللون إن ماكرون، الذي تعهد بعد وصوله الى السلطة عام 2017، بإجراء تغيير في الحياة السياسية كان نجاحه هامشيا في تطوير جهاز فعال لحزبه الوسطي، كما تراجعت شعبيته وسط انتقادات بأن سياساته أعطت الأفضلية للأثرياء وأصحاب الأعمال بمنحهم تخفيضات ضريبية.وتشير استطلاعات الرأي الى أن الانتخابات الرئاسية العام المقبل ستشهد مرة أخرى مواجهة بين ماكرون ولوبن التي تأمل في البناء على الغضب الشعبي الذي عبرت عنه احتجاجات "السترات الصفر" بين عامي 2018 و2019.«بيان الجنرالات»
يأتي ذلك بينما لا يزال الجدل دائرا حول بيان الضابط العسكري السابق جان بيار فابر برناداك (70 عاما)، الذي وقعه مئات الجنرالات والضباط والعسكريين، ويدين تفكك البلاد ويحذر من حرب أهلية، ومن يدعو الى إحياء "الوطنية"، لكن أكثر ما أثار الجدل هو قولهم إنهم مستعدون لدعم "السياسات التي تأخذ في الاعتبار حماية الأمة"، ورأوا ان "سياسات الحكومة المتراخية ستؤدي إلى الفوضى، مما يتطلب تدخل رفاقنا في الخدمة".وقبل أيام أكد رئيس أركان الجيوش الفرنسية الجنرال فرانسوا لوكوانتر أن موقعي البيان معرضون للطرد أو لعقوبات تأديبية، وسيمثلون أمام مجلس عسكري أعلى. وكتبت صحيفة "لوموند" ان محاسبة الجنود قد تستغرق أشهرا، وقد تستمر حتى الحملة الرئاسية.وانتقد اليسار الفرنسي "بيان الجنرالات"، واشتم فيه رائحة "انقلاب عسكري"، بينما الحقته لوبن برسالة تدعو فيها موقعي البيان إلى المشاركة في الانتخابات.