ليلة الثامن والعشرين من مايو 2020 قبل قرابة السنة من الآن وفي خضم المعركة مع الفيروس الملعون (كورونا)، تم الإعلان عن المكافأة الخاصة بالصفوف الأمامية وخط الدفاع الأول ضد الوباء الذي اجتاح المعمورة على شكل جائحة حصدت أرواح الكثير من الأعزاء، وجعلت في كل منزل كويتي وحول العالم إما ذكرى لوفاة عزيز أو قصة لإصابة أحد ما بهذا المرض. حينها وفي لحظتها، تدفق يراعي وكتبت مقالاً (لم ينشر بشكل رسمي) تم تداوله بشكل موسع في وسائل التواصل الاجتماعي، وكان بعنوان (الحكومة الكويتية تطلق النار على قدمها) وقد كنت أسرد فيه تنبؤاتي للوضع الراهن خلال الأسبوع المنصرم والفضائح التي انفردت جريدة (الجريدة) بتغطيتها وتناولها، كما تنبأت بالمظالم التي قد تحصل من جراء تعطيل تلك المكافأة (اللي طلعت من ﭼبد الصفوف الأمامية) أو عدم شمل بعض الفئات أو ضم البعض وهم غير مستحقين. ليتها كانت تنبؤات وخيالات وكفى، وليتها (الحكومة) صدمت الشارع الكويتي بصرف المكافأة بطريقة لا تثير حفيظته ولا تثير الريبة حول المكافأة.
الأرقام تتكلم: المكافأة بحسب آخر المعلومات تشمل 64 جهة حكومية واجهت كورونا (رغم أننا ما زلنا في المعركة ذاتها) وبنسبة من موظفي القطاع الحكومي تقارب 45% (214 ألف موظف) بتكلفة تصل الى قرابة 570 مليون دينار (نوط ينطح نوط). أوليست هي الحكومة نفسها التي روجت للضرائب بأنواعها في خطتها وبرنامجها الجديد المنحاز طبقيا وبوضوح؟! ألم تكن هناك تصريحات متفرقة طوال السنة الماضية تقول بها الحكومة وبملء الفم إن الميزانية لا تسمح حتى بصرف الرواتب؟ ألم أكتب مقالا نشر ها هنا في (الجريدة) عن الوثيقة الاقتصادية المشؤومة التي طرحتها الحكومة آنذاك؟! ما الذي حصل ومن في كشف المكافآت هذا ليتم اعتباره صفا أماميا أو مساندا؟! أو بالأصح من تبقى ولم يدرج بهذا الكشف؟!ردة فعل الشارع متوقعة ومفهومة كذلك، فالمكافأة شملت جهات عدة لا علاقة لها بفيروس كورونا ومهما حاولت تبرر فالموضوع بائن جدا، وهنا أوجه أيضا تحية لأعضاء مجلس الأمة ممن أرادوا أن يتم إيقاف صرفها إلا إذا ما كانت على وجه حق وللمستحقين فقط، فمن الطبيعي جدا ألا يكون كشف المكافآت شاملا للمديرين والقادة بشكل عام وهم على رؤوس أعمالهم في فترة الحظر ويتمتعون بكامل مخصصاتهم من الدولة، فالأصل أن يكون القيادي قدوة ولا ينتفع البتة. أما عن الجهات بعينها، فهناك شبهات تنفيع الى أبعد الحدود فيكفي لأي قارئ أن يطلع على الجدول الخاص ويحكم، يبدو لي أن كل من خرج من باب منزله ولو في ساعات المشي، أدرج اسمه في الكشوفات تلك!! الحالة والخلل: كان واجبا على الوزير المختص حين تسلم الكشوفات تلك أن يقوم بإرجاعها لكل جهة ويطلب تنقيحها لتعكس الوضع الحقيقي للصفوف الأمامية، فمن الواضح والجلي أن كل جهة حاولت أن تقول بطريقة أو بأخرى، نعم قاومنا معكم وواجهنا معكم (كورونا) ودورنا ليس بأقل من فلان أو علان و(الزين عندنا والشين حوالينا). كما وجب ذكر أن الحكومة وبحسب تصريحات عدد من النواب كانت تملك صرف المكافآت منذ أشهر عدة لكنها ماطلت على ما يبدو لإشغال الشارع والرأي العام في وقت هي تختاره، فلمَ هذا كله ولمَ استخدام المكافأة كسلاح مع المستحقين لها؟! العدل والمساواة: من تعامل والتحم مع العدو بشكل مباشر هو الصف الأمامي فقط لا غير، لا كل من خرج لأخذ عينة أو تركيب جهاز أو أدى عملا كان يقوم فيه بالأساس، فأولئك يستحقون الشكر والثناء من القلب على جهودهم ولكنهم ليسوا صفا أماميا في مواجهة كورونا. فباختصار كوادرنا الطبية التي واجهت ذاك العدو هم الأحق، أما البقية فببساطة يستحقون الشكر والثناء من جهات عملهم مباشرة مع شهادة ووسام أو أي نوع من الدعم المعنوي اللائق لهم، فبهذا قللنا التكلفة على الدولة وساوينا بين الناس. الآن وببساطة آن الأوان لتنقيح الكشوفات ومحاسبة من وضعت أسماؤهم زيفا ودون وجه حق. على الهامش: عملت شخصيا مع مجموعة من أبناء الكويت المخلصين إبان فترة الحظر الماضي، ولم ولن أتخيل نفسي صفا أماميا البتة لأنني ببساطة قمت بعملي الشخصي المطلوب مني لإتمام مهامي الوظيفية، ولا أنتظر على ذلك كله لا جزاء ولا شكورا، فقد رزقني الله تعالى ما هو أهم وأثمن لدي وهو حب الناس أينما ذهبت. هامش أخير: تقديم استجوابات لوزراء في حكومة تم تحصين رئيسها هو لعمري "لعبة كراس موسيقية" لا أكثر، فمن جهة هناك كتلة تصويتية لتحصين أي كان من الوزراء، ومن جهة أخرى إذا ما تم طرح الثقة في سيناريو أشبه بأفلام حرب النجوم سيتم حل المجلس و"لف وارجع تاني" ونعاود ما نحن فيه من جديد!!
مقالات
مكافأة «صفوف المحسوبية»
06-05-2021