رصد ديوان المحاسبة، في تقريريه عن نتائج الفحص والمراجعة على تنفيذ ميزانية الهيئة العامة للاستثمار فيما يخص مكتب استثمار لندن، ملاحظات ومخالفات، من بينها إصدار فواتير وهمية وتلاعب وتضليل وإهمال في الإدارة المالية هناك، مستغرباً "عدم تقديم الهيئة بلاغا للنيابة العامة الكويتية بوجود شبهات تعدٍّ على المال العام وفقا للقانون رقم (1) لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة وتعديلاته".وقال الديوان في تقريره السنوي 2019/ 2020 على تنفيذ ميزانيات الجهات الملحقة وحساباتها الختامية: وفقا للقانون المذكور، "فإن النيابة العامة الكويتية تختص دون غيرها بالتحقيق والتصرف والادعاء في الجنايات والجنح المنصوص عليها في هذا القانون والجرائم المرتبطة بها، وكون الأموال المعتدى عليها أموال عامة، وأن الموظفين المفصولين هم موظفون عموميون تسري عليهم أحكام هذا القانون بما فيه من عقوبات تختلف عما هو معمول به في المحاكم البريطانية".
وأضاف: "فإنه بعد الاطلاع على نتائج التحقيق والمراسلات بين مكتب الاستثمار الكويتي في لندن والهيئة تبين عدم إبلاغ الهيئة العامة للاستثمار النيابة العامة الكويتية بتلك المخالفات، وعدم موافاة الديوان بنتائج التحقيق وقرارات فصل الموظفين بالمخالفة للمادة (55) من القانون رقم (30) لسنة 1964 بإنشاء ديوان المحاسبة وتعديلاته".وأشار إلى أن هيئة الاستثمار لم تواف الديوان بتلك القرارات والمستندات المتعلقة بالتحقيق حتى تاريخه، وطلب الديوان أسباب عدم إبلاغ النيابة الكويتية بالاتهامات الموجهة للموظفين الثلاثة، وأسباب عدم إبلاغ الديوان بنتائج التحقيق وتزويده بالمستندات والمحاضر الخاصة بالتحقيق، مؤكدا ضرورة الاستمرار في إجراءات التقاضي في المحاكم البريطانية.وأفادت الهيئة، بحسب ما ورد في التقرير، بأنها تتفق مع "المحاسبة" على أن ما وقع من الموظفين الثلاثة في مكتب الاستثمار الكويتي في لندن قد جسد بالضرورة مخالفات قانونية تمس المال العام، ولهذا السبب قام مكتب باتخاذ الإجراءات القانونية لاسترداد المال العام عن طريق المحاكم البريطانية، باعتبارها الجهة المختصة الأقدر والأقرب للتعامل مع الواقعة التي حدثت في بريطانيا، وتم تعيين رئيس جلسة تأديبية خارجي وحضر جميع المتهمين الثلاث الجلسات التأديبية.وتابعت الهيئة، بحسب التقرير، أن رئيس اللجنة التأديبية قرر فصل جميع الموظفين بسبب سوء السلوك الجسيم الذي ارتكبه هؤلاء، أما عن السبب في عدم قيام الهيئة بتقديم بلاغ للنيابة العامة الكويتية بوجود شبهات التعدي على المال العام فيرجع إلى أن الموظفين الذين ارتكبوا المخالفات يحملون الجنسية البريطانية، إلى جانب أنهم مقيمون ومتواجدون حاليا في بريطانيا، وبالتالي فإن التحقيق معهم جنائيا من النيابة الكويتية قد يثير بعض التعقيدات الاختصاصية، منها ضرورة التنسيق مع جهات التحقيق البريطانية، كما أن إقامة الدعوى الجنائية أمام المحاكم البريطانية سيكلف الدولة مبالغ باهظة قد تستغرق قيمة المبالغ المطالب بها مما يعتبر في ذاته إهدارا للمال العام في غير محله.
الأموال العامة
وعقب الديوان مؤكدا ملاحظته، وأن ما أفادت به الهيئة لا يبرر عدم التزامها بأحكام كل من القانون رقم (1) لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة والقانون رقم (30) لسنة 1964 بإنشاء ديوان المحاسبة وتعديلاته، مشددا على ضرورة تزويده بالقرارات الخاصة بالتحقيقات فور الانتهاء منها.كما رصد الديوان، في تقريره 2018/ 2019، عدة ملاحظات ومخالفات شابت الحسابات المحولة من شركة سانت مارتنز العقارية إلى مكتب الاستثمار الكويتي في لندن لدى بنك LL، والخاصة بالعقارين Wren House، Lexicon House، إذ قامت شركة مارتنز الإدارية بتاريخ 24 ديسمبر 2015 بفتح حسابين بالبنك المشار إليه للعقارين المذكورين، وذلك لتسهيل عملية فصل الدفعات الخاصة بإدارة العقارات عن الحسابات الرئيسية للشركة تمهيدا لعملية نقل ملكية هذه العقارات من ملكية احتياطي الأجيال القادمة إلى الاحتياطي العام، وتبين عدم الحصول على موافقة وزارة المالية لفتح الحسابين بالمخالفة للبند أولا من التعميم رقم 8 لسنة 2000، ومخالفة المادتين 7 و32 من الفصل الرابع الحسابات عن قواعد تنفيذ ميزانيات الجهات الحكومية.وقال الديوان إنه تم تحويل الميزانية المخصصة لصيانة المبنى عن طريق دفعات مجزئة بفواتير وهمية إلى الحسابين لدى بنك LL، وغير المعتمدة لدى وزارة المالية بمساعدة شركة C&W التي تدير العقارين، وبلغ الرصد الافتتاحي لكل من الحسابين الجديدين مبلغ 1.4 مليون جنيه إسترليني، و487 ألف جنيه إسترليني، وذلك بتاريخ 29 يوليو 2016 عند بداية تحويل الحسابات، وشكلت تلك المبالغ دفعات مخصصة لإدارة المبنى عندما كان تحت إدارة شركة سانت مارتنز خلال السنة المالية 2015/ 2016.وزارة المالية
وتابع: وقام المكتب بتحويل المبالغ المخصصة للمبنيين للسنوات المالية اللاحقة بشكل ربع سنوي إلى الحسابات الجديدة دون أخذ موافقة وزارة المالية، عبر فواتير وهمية لإيهام المدقق الخارجي و"المالية" وجهاز المراقبين بأن هذه المبالغ صرفت على أنها دفعات خاصة بالشركة المديرة للمبنيين، واحتوت هذه الفواتير على شعار الشركة والتي تختلف اختلافا كبيرا عن نموذج الفواتير الحقيقي والمعمول به لديها، كما احتوت على أرقام الحسابات الجديدة الخاصة بالمكتب على أنها حسابات الشركة، إضافة إلى افتقار الفواتير إلى عنصر أساسي وهو ضريبة القيمة المضافة، بحيث تم اعتبار قيمة الضريبة صفرا، علماً بأن المكتب يدفع ضريبة القيمة المضافة عند الاستفادة من أعمال الصيانة والعقود والاستشارات والخدمات.وأكد أن مدير العلمليات السابق ومديرة خدمات المبنى والمديرين الماليين السابق والحالي والمراقب المالي في المكتب هم أضلاع عملية إخفاء تلك الحسابات عن "المالية" وطلب الفواتير الوهمية من شركة C&W.وأشار أن المدير المالي السابق قد تجاوز صلاحياته المالية وذلك بتوقيع فاتورتين، إحداهما بقيمة 652 ألف جنيه إسترليني، والأخرى بـ 319 ألفا، إذ إن الحد الأعلى المسموح به لتوقيع الفواتير هو 70 ألف جنيه إسترليني، وما زاد على ذلك يكون من صلاحيات مدير المكتب، كما وقع الرئيس التنفيذي للمكتب 6 فواتير بـ 1.6 مليون جنيه إسترليني، خلال الفترة من 16 مايو 2018 حتى 10 يناير 2019 من دون وجود أي عقد مع شركة C&W، علما بأن العقد انتهى بتاريخ 12 يناير 2018 ولم يقم المكتب بتجديده.تخفيض الميزانية
وعلّق الديوان بأن "الأمر الذي لا يدع مجالاً للشك، وخاصة عند تكرار ذات الأمر وبنفس النمط والأسلوب، تعمد الالتفاف على القواعد المنظمة لتنفيذ الميزانيات للجهات الحكومية، والاحتفاظ بأرصدة نقدية والاستفادة من المبالغ المالية في حال تخفيض الميزانية على المكتب، مطالبا بمحاسبة المتسببين في هذه المخالفة.ومن بين ما رصده الديوان أيضاً، إهمال الإدارة المالية في مكتب الاستثمار الكويتي في لندن، وذلك عند تحويل مبلغ مليون جنيه إسترليني عن طريق الخطأ إلى حساب شركة C&W لدى بنك N.W، مشيراً إلى أن التحويل تم عن طريق أمر دفع كتابي من المكتب إلى بنك AU، وتم الخطأ في التحويل بمعرفة جميع الموقعين عليه، ومنهم الرئيس التنفيذي السابق للمكتب، لافتا إلى أن الإدارة المالية لم تكتشف الخطأ بالتحويل، بل جاء عن طريق الاستفسار من الشركة نفسها، وإن تم تحويله بطريق الخطأ لأي حساب آخر فلن يتم اكتشافه، نظراً لضعف الرقابة على الحسابين، إن لم تكن منعدمة.وذكر أن المكتب صرف مبالغ دون وجه حق ومن غير عقد لشركة C&W، للقيام بأعمال إدارة المبنيين، وبلغ إجمالي ما تم صرفه للشركة 78 ألف جنيه إسترليني، كما بلغ إجمالي المصروفات على بند النظافة 39 ألفا لثلاث سنوات مالية، تركزت على مواد التنظيف والرواتب الإضافية.واتهم الديوان المكتب بالمماطلة والتسويف بالرد على مكاتباته بهدف التضليل، وإعاقة عمل فريق الديوان من بعض موظفي مكتب الاستثمار الكويتي في لندن، بالمخالفة للبند 7 من المادة 52 من قانون إنشاء "المحاسبة"، مشيرا إلى أن المكتب زوده كذلك ببيانات منقوصة.