شوشرة: انفصام
رغم أننا نمر بفترة الحظر الجزئي فإن المشهد طوال 10 ساعات من الانغلاق المنزلي يشكل أداة قد تساهم في التفكير عميقا لشغل هذا الفراغ في البحث عن العديد من المواضيع، ومتابعة بعض أصحاب العقول الفذة من مفكرين وسياسيين وقيادات وغيرها، ورصد ما هو جديد على واقعنا الذي تفوق أحداثه التوقعات، حتى توقفت عند بعض الكتابات التي تحمل شجون شباب كويتيين يعبرون عن معاناتهم مع البطالة وآخرين محرومين من تحقيق تطلعاتهم في الوصول إلى بعض المناصب لعدم امتلاكهم العصا السحرية (الواسطة) التي يمتلكها المحسوبون على بعض المتنفذين، وآخرين يشكو الظلم من عدم حصولهم على استحقاقاتهم من جهات عملهم رغم أن القانون حدد لهم ذلك نظراً لطبيعة عملهم وحساسيتها. ويطرح أحدهم سؤالا: لو استغللت وظيفتي الحساسة لأغراض مخالفة فقد يتجاوز مدخولي الشهري راتبي بمئات المرات، ولكن هل إيماني ووطنيتي ومبادئي وتربيتي تسمح بذلك؟ فالشيطان يوسوس لي بالخضوع لهذه المغريات والعروض التي ستنقلني من حال لآخر، إلا أنني رفضت كل ذلك رغم أن جهة عملي لا تزال تمنعني وزملائي من الحصول على حقوقنا التي حددها لنا القانون، في حين هناك من يسرق ويختلس ويغسل الملايين.هذا الواقع المأساوي لا يقف عند هذا الشاب وزملائه بل يشمل العديد من المواطنين الذين حرموا من حقوقهم ومنعوا من المناصب أو التعيين في بعض الجهات أو الهيئات لأنها مرسومة ومحددة لأبناء من اعتادوا تجاوز الدور، وعدم الوقوف في طوابير الانتظار، وعدم مراجعة الجهات الحكومية لإنجاز معاملاتهم، وعدم شمولها بالرفض رغم عدم تطابقها مع الشروط والضوابط.
فالتمييز بين بعض الفئات في مجتمعنا أمر واقع، والعيب ليس في وزير أو قيادي أو مسؤول يخنع أمام هؤلاء المتنفذين أو حتى صبيانهم، إنما العيب بمشرع لم يلتفت لأبسط حقوق المواطنين والمطالبة بها، لأنهم يريدون الناس دائما بحاجة لنواب الكراسي وهم جزء من مسلسل انتهاك الحقوق المسلوبة، بل إن المسألة أخذت منحى آخر من المحسوبية (ابن العائلة الفلانية أو القبيلة الفلانية والعقيدة الفلانية أو الفئة الفلانية)، أي لقبك أو توجهك العقائدي أو الفكري أو ابن من هي المنقذ الأخير للوصول إلى مبتغاك، حتى أن البعض يضطرون الى التقرب من هؤلاء لتشملهم رعايتهم وعنايتهم ورضاهم. يجب الالتفات إلى الشباب الوطنيين والمخلصين في عملهم والتصدي لأصحاب البراشوت حتى لا يتحول العديد إلى أدوات بيد الشيطان، وبالتالي سيصعب العلاج في ظل انتشار الأوبئة المستمر لدينا.