في وقت تحوّل وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" تركيزها من منطقة الشرق الأوسط وحروب مكافحة الإرهاب، خلال العقدين الماضيين، إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووسط حديث عن "حرب مرافئ" عالمية، حذّر قائد القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم)، الجنرال ستيفن تاونسند، من أن التهديد المتزايد للصين قد لا يأتي فقط من مياه المحيط الهادئ، ولكن من المحيط الأطلسي أيضاً.وبينما تنظر إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين وقوتها العسكرية على أنهما التحدي الأمني الرئيسي لأميركا على المدى الطويل، قال تاونسند، في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس"، إن بكين تتطلع إلى إنشاء ميناء بحري كبير قادر على استضافة غواصات أو حاملات طائرات على الساحل الغربي لإفريقيا، مشيراً إلى أن الصين تواصلت مع دول تمتد من موريتانيا إلى جنوب ناميبيا، بهدف إنشائه. وفي حال تحقق ذلك، فإن هذا الاحتمال سيمكن الصين من تمركز سفن حربية ضمن أسطولها البحري المتوسع في المحيط الأطلسي وكذلك المحيط الهادئ.
وقال: "إنهم يبحثون عن مكان يمكنهم فيه إعادة تسليح وإصلاح سفنهم الحربية. سيشكل ذلك أهمية عسكرية في الصراع. لقد قطعوا شوطاً طويلاً نحو تحقيق ذلك في جيبوتي. وهم الآن يوجهون أنظارهم تلقاء ساحل المحيط الأطلسي ويريدون الحصول إلى قاعدة مماثلة هناك".وأضاف تاونسند: "إن الصينيين يتفوّقون على الولايات المتحدة في بلدان بعينها في إفريقيا. ستؤدي مشاريع الموانئ والمساعي الاقتصادية والبنية التحتية واتفاقياتهم وعقودهم إلى وصول أكبر في المستقبل. إنهم يتحوطون ويضعون رهانات كبيرة على إفريقيا".ويحذر القادة العسكريون الأميركيون في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك العديد من القادة الذين قد يفتقدون القوات والموارد لتعزيز النمو في المحيط الهادي، من أن النفوذ المتزايد للصين يواجه صعوبات في آسيا. ويؤكدون أن بكين تستخدم نفوذها الاقتصادي في دول في إفريقيا وأميركا الجنوبية والشرق الأوسط للحصول على قواعد ومواطئ قدم هناك.
عدم الاستقرار
من ناحيته، حذّر رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارك ميلي، من أن العالم قد يدخل في حقبة من عدم الاستقرار، على الصعيد الدولي، مع تنامي قوة الصين، وظهور تقنيات تخريبية كالذكاء الاصطناعي والروبوتات، التي قد تكون حاسمة في الحروب.وقارن ميلي الحقبة الحالية بالتحوّلات الجيوسياسية الرئيسية الأخرى، التي حدثت في تاريخ العالم، بما في ذلك سقوط روما وانهيار الاتحاد السوفياتي.وشدّد ميلي في خطاب ألقاه بجامعة هاوارد، على أن "تنامي قوة الصين يحدث تغييراً في الوضع الراهن بعد عقود كانت فيها الولايات المتحدة بشكل أساسي القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية العالمية بلا منازع".وحذر من أن "التغير الجيوسياسي بات مصحوبا بالابتكار التكنولوجي في أجهزة الروبوت والأسلحة التي تفوق سرعة الصوت والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات"، مضيفا أنها تقنيات "تخريبية على نحو غير اعتيادي وقد تكون حاسمة في إدارة الحروب".وتأتي تصريحات ميلي بعد أيام من تحذير وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن من أن الولايات المتحدة بحاجة للاستعداد لصراع محتمل في المستقبل يختلف كثيرا عن "الحروب القديمة"، التي استنزفت وزارة الدفاع لفترة طويلة.وكذلك من تحذير لوزير الخارجية الاميركي السابق التسعيني هنري كيسنجر من أن الصراع بين بكين وواشنطن ممكن ان يدمر العالم، مشيرا خصوصا الى ريادة الدولتين في التكنولوجيا والقطاع النووي.الاستثمارات الصينية
بدوره، حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، من الاستثمارات الصينية في الاقتصادات الغربية، ولاسيما خلال تراجع أسهم الشركات في ظل أزمة فيروس "كورونا".وخلال مقابلة مع قناة BBC، قال الوزير الأميركي: "أعتقد أنه يتعين علينا توخّي الحذر الشديد بشأن طبيعة هذا الاستثمار".وجاء التصريح في وقت كشف الاتحاد الأوروبي النقاب عن خطة لخفض الاعتماد على المورّدين من الصين وغيرها من الدول في 6 قطاعات إستراتيجية، مثل المواد الخام، ومكونات العقاقير، وأشباه الموصلات، بعد ركود اقتصادي بسبب الجائحة.ويسعى الاتحاد الأوروبي بواسطة الخطة لتعزيز قدرته على كبح توغل الشركات الصينية في الاقتصاد الأوروبي بقانون يعطيها صلاحية التحقيق مع الشركات الأجنبية المدعومة حكومياً.إلى ذلك، دانت الصين بـ"شدة"، أمس، بيانا صدر عن مجموعة الدول السبع G7 اتّهمها بارتكاب انتهاكات حقوقية في شينجيانغ والتيبت وهونغ كونغ، في ظل اتساع الهوة بين ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم والديمقراطيات الغربية.وحضّ وزراء خارجية بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان، الصين على الامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي والوطني في أول لقاء مباشر بينهم منذ عامين جرى في لندن.وأعربت المجموعة عن "قلقها العميق" حيال الاتهامات بانتهاك حقوق الإنسان بحق أقلية الأويغور المسلمة في إقليم شينجيانغ الصيني (غرب) والتيبت، ودعت إلى وضع حد لاستهداف المتظاهرين في هونغ كونغ.وسارعت بكين بالرد، إذ نددت بدول المجموعة لتوجيهها "اتهامات لا أساس لها ضد الصين والتدخل علنا في شؤون الصين الداخلية"، وفق ما أفاد الناطق باسم الخارجية وانغ وينبين.وأفاد بأن المجموعة منخرطة في "تدمير طائش لمعايير العلاقات الدولية"، مشددا على موقف بكين بأن هذه شؤونها الداخلية.كما أشار بيان مجموعة السبع إلى أنها تدعم مشاركة تايوان في منتديات منظمة الصحة العالمية وجمعية الصحة العالمية، مما دفع الصين للرد بأنه يجب أن يتم التعامل مع مشاركة الجزيرة بما يتماشى مع مبدأ "الصين الواحدة".وأضاف وانغ وينبين أن على مجموعة السبع بذل مزيد من الجهود لدعم تعافي الاقتصاد العالمي بدلا من التسبب بـ"تناقضات وخلافات" في المجتمع الدولي.وتابع: "نحضّ الدول المعنية على مواجهة مشكلاتها... والتوقف عن تعميم مبدأ الأمن القومي وغير ذلك من الممارسات الخاطئة".