ولما كانت الليلة التاسعة بعد السبعمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد، أن العجوز قامت وتركت تاج الملوك، وتوجهت إلى السيدة دنيا فرأتها متغيرة اللون من غيظها بمكتوب تاج الملوك، فناولتها الكتاب فازدادت غيظاً، وقالت للعجوز: أما قلت لك أنه يطمع فينا؟ فقالت لها: وأي شيء من هذا الكتاب حتى يطمع فيك؟ فقالت لها السيدة دنيا: اذهبي إليه وقولي له إن راسلتها بعد ذلك ضربت عنقك، فقالت لها العجوز: اكتبي له هذا الكلام في مكتوب وأنا آخذ المكتوب معي لأجل أن يزداد خوفاً، فأخذت ورقة وكتبت فيها هذه الأبيات:
أيا غافلاً عن حادث الـطـوارقوليس إلى نيل الوصال بسـابـقأتزعم يا مغرور أن تدرك السهـا
وما أنت للبدر المنير بـلاحـقفكيف ترجينا وتأمـل وصـلـنـالتحظى بضم للقدود الـرواشـقفدع عنك هذا القصد خيفة سطوتيبيوم عبوس فيه شيب المـفـارقثم طوت الكتاب وناولته للعجوز، فأخذته وانطلقت به إلى تاج الملوك، فلما رآها قام على قدميه، وقال: لا أعدمني الله بركة قدومك، فقالت له العجوز: خذ جواب مكتوبك فأخذ الورقة وقرأها وبكى بكاء شديداً، وقال إني أشتهي من يقتلني الآن، فإن القتل أهون علي من هذا الأمر الذي أنا فيه، ثم أخذ دواة وقلماً وقرطاس وكتب مكتوباً، ورقم هذين البيتين:فيا منيتي لا تبتغي الهجر والجفافإني محب في المحبة غـارقولا تحبسيني في الحياة مع الجفافروحي من بعد الأحبة طالـقثم طوى الكتاب وأعطاه للعجوز، وقال لها: قد أتعبتك بدون فائدة وأمر عزيز أن يدفع لها ألف دينار، وقال لها: يا أمي إن هذه الورقة لا بد أن يعقبها كمال الاتصال أو كمال الانفصال، فقالت له: يا ولدي والله ما أشتهي لك إلا الخير ومرادي أن تكون عندك، فإنك أنت القمر صاحب الأنوار الساطعة وهي الشمس الطالعة، وإن لم أجمع بينكما فليس في حياتي فائدة، وأنا قد قطعت عمري في المكر والخداع حتى بلغت التسعين من الأعوام، فكيف أعجز عن الجمع بين اثنين، ثم ودعته وطيبة قلبه وانصرفت، ولم تزل تمشي حتى دخلت على السيدة دنيا وقد أخفت الورقة في شعرها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
حيلة العجوز
وفي الليلة العاشرة بعد السبعمئة، قالت شهرزاد: فلما جلست العجوز حكت رأسها وقالت: يا سيدتي عساك أن تفلي شوشتي، فإن لي زماناً ما دخلت الحمام، فكشفت السيدة دنيا عن مرفقيها وحلت شعر العجوز وصارت تفلي شوشتها، فسقطت الورقة من رأسها فرأتها السيدة دنيا، فقالت: ما هذه الورقة؟ فقالت: كأني قعدت على دكان التاجر فتعلقت معي هذه الورقة هاتيها حتى أوديها له، ففتحتها السيدة دنيا وقرأتها وفهمت ما فيها فاغتاظت غيظاً شديداً، وقالت: كل الذي جرى لي من تحت رأس هذه العجوز النحس، فصاحت على الجواري والخدم وقالت: أمسكوا هذه العجوز الماكرة واضربوها بنعالكم فنزلوا عليها ضرباً بالنعال حتى غشي عليها.طرد العجوز
فلما أفاقت، قالت لها دنيا: والله يا عجوز السوء لولا خوفي من الله تعالى لقتلتك، ثم قالت لهم: أعيدوا الضرب فضربوها حتى غشي عليها، ثم أمرتهم أن يجروها ويرموها خارج الباب فسحبوها على وجهها ورموها قدام الباب. فلما أفاقت قامت تمشي وتقعد حتى وصلت إلى منزلها وصبرت إلى الصباح، ثم قامت وتمشت حتى أتت إلى تاج الملوك وأخبرته بجميع ما جرى لها، فصعب عليه ذلك، وقال لها: يعز علي يا أمي ما جرى لك ولكن كل شيء بقضاء وقدر، فقالت له: طب نفساً وقر عيناً فإني لا أزال أسعى حتى أجمع بينك وبينها وأوصلك إلى التي أحرقتني بالضرب. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.المنام القاتل
وفي الليلة الحادية عشرة بعد السبعمئة، قالت شهرزاد: إن تاج الملوك قال للعجوز: أخبريني ما سبب بغضها للرجال؟ فقالت: إنها رأت مناماً أوجب ذلك، فقال لها: وما ذلك المنام؟ فقالت: إنها كانت نائمة ذات ليلة فرأت صياداً نصب شركاً في الأرض وبذر حوله قمحاً ثم جلس قريباً منه فلم يبق شيء من الطيور إلا وقد أتى إلى ذلك الشرك، ورأت في الطيور حمامتين ذكراً وأنثى، فبينما هي تنظر إلى الشرك وإذا برجل الذكر تعلق في الشرك وصار يتخبط فنفرت عنه جميع الطيور ومرت، فرجعت إليه إمرأته وحامت عليه ثم تقدمت إلى الشرك والصياد غافل، فصارت تنقر العين التي فيها رجل الذكر، وصارت تجذبه بمنقارها حتى خلصت رجله من الشرك وطارت الطيور هي وإياه، فجاء بعد ذلك الصياد وأصلح الشرك وقعد بعيداً عنه، فلم يمض غير ساعة حتى نزلت الطيور وعلق الشرك في الأنثى فنفرت عنها جميع الطيور ومن جملتها الطير الذكر ولم يعد لأنثاه، فجاء الصياد وأخذ الطير الأنثى وذبحها، فانتبهت مرعوبة من منامها، وقالت: كل ذكر مثل هذا ما فيه خير، والرجال جميعهم ما عندهم خير للنساء.باب السر
فلما فرغت من حديثها لتاج الملوك قال لها: يا أمي أريد أن أنظر إليها نظرة واحدة ولو كان ذلك مماتي، فتحيلي لي بحيلة حتى أنظرها، فقالت له: اعلم أن لها بستاناً تحت قصرها وهو برسم فرجتها وإنها تخرج إليه في كل شهر مرة من باب السر وتقعد فيه عشرة أيام، وقد جاء أوان خروجها إلى الفرجة، فإذا أرادت الخروج أجيء إليك أعلمك حتى تخرج وتصادفها واحرص على أنك لا تفارق البستان، فلعلها إذا رأت حسنك وجمالك يتعلق قلبها بمحبتك، فإن المحبة أعظم أسباب الاجتماع، فقال: سمعاً وطاعة. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.البستاني
وفي الليلة الثانية عشرة بعد السبعمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد، أن تاج الملوك قام من الدكان هو وعزيز وأخذا معهما العجوز ومضيا إلى منزلهما وعرفاه لها، ثم إن تاج الملوك قال لعزيز: يا أخي ليس لي حاجة بالدكان وقد قضيت حاجتي منها ووهبتها لك بجميع ما فيها لأنك تغربت معي وفارقت بلادك فقبل عزيز منه ذلك، ثم جلسا يتحدثان وصار تاج الملوك يسأله عن غريب أحواله وما جرى له، وبعد ذلك أقبلا على الوزير وأعلماه بما عزم عليه تاج الملوك، وقالا له: كيف العمل؟ فقال: قوموا بنا إلى البستان فلبس كل واحد منهم أفخر ما عنده وخرجوا وخلفهم ثلاثة مماليك وتوجهوا إلى البستان فرأوه كثير الأشجار غزير الأنهار، ورأوا الخولي جالساً على الباب فسلموا عليه فرد عليهم السلام فناوله الوزير مائة دينار، وقال: أشتهي أن تأخذ هذه النفقة وتشتري لنا شيئاً نأكله فإننا غرباء ومعي هؤلاء الأولاد وأردت أن أفرجهم، فأخذ البستاني الدنانير، وقال لهم: أدخلوا وتفرجوا وجميعه ملككم وأجلسوا حتى أحضر لكم بما تأكلون، ثم توجه إلى السوق ودخل الوزير وتاج الملوك وعزيز داخل البستان بعد أن ذهب البستاني إلى السوق، ثم بعد ساعة أتى ومعه خروف مشوي ووضعه بين أيديهم فأكلوا وغسلوا أيديهم وجلسوا يتحدثون، فقال الوزير: أخبرني عن هذا البستان هل هو لك أم أنت مستأجرة؟ فقال الشيخ: ما هو لي وإنما لبنت الملك السيدة دنيا، فقال الوزير: كم لك في كل شهر من الأجرة؟ فقال: دينار واحد لا غير، فتأمل الوزير في البستان فرأى هناك قصراً عالياً إلا أنه عتيق، فقال الوزير: أريد أن أعمل خيراً تذكرني به، فقال: وما تريد أن تفعل من الخير؟ فقال: خذ هذه الثلاثمئة دينار فلما سمع الخولي بذكر الذهب قال: يا سيدي مهما شئت فافعل ثم أخذ الدنانير، فقال له: إن شاء الله تعالى نفعل في هذا المحل خيراً، ثم خرجوا من عنده وتوجهوا إلى منزلهم وباتوا تلك الليلة. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.خطة الوزير
وفي الليلة الثالثة عشرة بعد السبعمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد، فلما كان الغد أحضر الوزير مبيضاً ونقاشاً وصانعاً جيداً، وأحضر لهم جميع ما يحتاجون إليه من الآلات ودخل بهم البستان وأمرهم ببياض ذلك القصر وزخرفته بأنواع النقش، ثم أمر باحضار الذهب واللازورد وقال للنقاش: اعمل في صدر هذا الإيوان آدمياً صياداً كأنه نصب شركه، وقد وقعت فيه حمامة واشتبكت بمنقارها في الشرك، فلما نقش النقاش جانباً وفرغ من نقشه، قال له الوزير: إفعل في الجانب الآخر مثل الأول وصور صورة حمامة في الشرك وأن الصياد أخذها ووضع السكين على رقبتها، واعمل في الجانب الآخر صورة جارح كبير قد قنص ذكر الحمام وأنشب فيه مخالبه، ففعل ذلك، فلما فرغ من هذه الأشياء التي ذكرها الوزير ودعوا البستاني، ثم توجهوا إلى منزلهم وجلسوا يتحدثون. هذا ما كان من أمر هؤلاء.تغيير الرؤية
وأما ما كان من أمر العجوز فإنها انقطعت في بيتها، واشتاقت بنت الملك إلى الفرجة في البستان وهي لا تخرج إلا بالعجوز فأرسلت إليها وصالحتها وطيبت خاطرها، وقالت: إني أريد أن أخرج إلى البستان لأتفرج على أشجاره وأثماره وينشرح صدري بأزهاره، فقالت لها العجوز: سمعاً وطاعة، ولكن أريد أن أذهب إلى بيتي وألبس أثوابي وأحضر عندك، فقالت: إذهبي إلى بيتك ولا تتأخري عني فخرجت العجوز من عندها وتوجهت إلى تاج الملوك وقالت له: تجهز والبس أفخر ثيابك وإذهب إلى البستان، فقال: سمعاً وطاعة، وجعلت بينها وبينه إشارة، ثم توجهت إلى السيدة دنيا، وبعد ذهابها قام الوزير وعزيز وألبسا تاج الملوك بدلة من أفخر ملابس الملوك تساوي خمسة آلاف دينار وشد في وسطه حياصة من الذهب مرصعة بالجواهر والمعادن ثم توجه إلى البستان.فلما وصل إلى باب البستان وجد الخولي جالساً هناك، فلما رآه البستاني نهض له على الأقدام وقابله بالتعظيم والإكرام وفتح له الباب، وقال له: أدخل وتفرج في البستان، ويعلم البستاني أن بنت الملك تدخل البستان في هذا اليوم، فلما دخل تاج الملوك لم يلبث إلا مقدار ساعة وسمع ضجة فلم يشعر إلا والخدم والجواري خرجوا من باب السر، فلما رآهم الخولي ذهب إلى تاج الملوك وأعلمه بمجيئها، وقال له: يا مولاي كيف يكون العمل وقد أتت ابنة الملك السيدة دنيا؟ فقال: لا بأس عليك فإني أختفي في مواضع البستان فأوصاه البستاني بغاية الاختفاء، ثم تركه وراح، فلما دخلت بنت الملك هي وجواريها والعجوز في البستان، قالت العجوز في نفسها: متى كان الخدم معنا فإننا لا ننال مقصودنا ثم قالت لابنة الملك: يا سيدتي إني أقول لك عن شيء فيه راحة لقلبك، فقالت السيدة دنيا: قولي ما عندك؟ فقالت العجوز: يا سيدتي إن هؤلاء الخدم لا حاجة لك بهم في هذا الوقت ولا ينشرح صدرك ما داموا معنا فاصرفيهم عنا، فقالت السيدة دنيا: صدقت، ثم صرفتهم، وبعد قليل تمشت فصار تاج الملوك ينظر إليها وإلى حسنها وجمالها وهي لا تشعر بذلك، وكلما نظر إليها يغشى عليه مما يرى من بارع حسنها، وصارت العجوز تسارقها الحديث إلى أن أوصلتها إلى القصر الذي أمر الوزير بنقشه، ثم دخلت ذلك القصر وتفرجت على نقشه وأبصرت الطيور، والصياد والحمام.فقالت: سبحان الله إن هذه صفة ما رأيته في المنام، وصارت تنظر إلى صور الطيور والصياد والشرك وتتعجب، ثم قالت: يا دادتي كنت ألوم الرجال وأبغضهم ولكن أنظري الصياد كيف ذبح الطائر الأنثى وتخلص من الذكر، وأراد أن يجيء إلى الأنثى ويخلصها فقابله الجارح وافترسه، وصارت العجوز تتجاهل عليها وتشاغلها بالحديث إلى أن قربا من المكان المختفي فيه تاج الملوك، فأشارت إليه العجوز أن يتمشى تحت شبابيك القصر.النظرة الأولى
فبينما السيدة دنيا كذلك إذ لاحت منها التفاتة فرأته وتأملت جماله وعده واعتداله، ثم قالت: يا دادتي من أين هذا الشاب المليح؟ فقالت: لا أعلم به غير أني أظن أنه ولد ملك عظيم فإنه بلغ من الحسن النهاية ومن الجمال الغاية، فهامت به السيدة دنيا وانحلت عرى عزائمها وانبهر عقلها من حسنه واعتداله، فقالت للعجوز: يا دادتي إن هذا الشاب مليح. فقالت لها العجوز: صدقت يا سيدتي، ثم إن العجوز أشارت إلى ابن الملك أن يذهب إلى بيته وقد التهب به نار الغرام وزاد به الوجد والهيام، فسار وودع الخولي وانصرف إلى منزله ولم يخالف العجوز، وأخبر الوزير وعزيز بأن العجوز أشارت إليه بالانصراف فصارا يصبرانه، ويقولان له: لولا أن العجوز تعلم في رجوعك مصلحة ما أشارت عليك به، هذا ما كان من أمر تاج الملوك والوزير وعزيز. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.انتظار اللقاء
وفي الليلة الرابعة عشرة بعد السبعمئة، قالت شهرزاد: أما ما كان من أمر ابنة الملك السيدة دنيا فإنها غلب عليها الغرام وزاد بها الوجد والهيام، وقالت للعجوز: ما أعرف اجتماعي بهذا الشاب إلا منك، فقالت لها العجوز: أنت لا تريدين الرجال وكيف حل بك من عشقه الأوجال ولكن والله ما يصلح لشبابك إلا هو، فقالت لها السيدة دنيا: يا دادتي أسعفيني عليه ولك عندي ألف دينار، فقالت العجوز إمض أنت إلى قصرك وأنا أتسبب في لقائكما، ثم إن السيدة دنيا توجهت إلى قصرها، وتوجهت العجوز إلى تاج الملوك فلما رآها نهض لها على الأقدام وقابلها بإعزاز وإكرام وأجلسها إلى جانبه، فقالت له: إن الحيلة قد تمت وحكت له ما جرى لها مع السيدة دنيا، فقال لها: متى يكون اللقاء؟ قالت: في غد، فأعطاها ألف دينار وحلة بألف دينار فأخذتهما وانصرفت، وما زالت سائرة حتى دخلت على السيدة دنيا، فقالت لها: يا دادتي ما عندك من خبر الحبيب شيء؟ فقالت لها: قد عرفت مكانه وفي غد أكون به عندك.الدخول إلى القصر
ففرحت السيدة دنيا بذلك وأعطتها ألف دينار فأخذتهما وانصرفت إلى منزلها وباتت فيه إلى الصباح، ثم خرجت وتوجهت إلى تاج الملوك وألبسته لبس النساء، وقالت له: إمش خلفي وتمايل في خطواتك ولا تستعجل في مشيك ولا تلتفت إلى من يكلمك، وبعد أن أوصت تاج الملوك بهذه الوصية خرجت وخرج خلفها، وهو في زي النسوان وصارت تعلمه في الطريق حتى لا يفزع، ولم تزل ماشية وهو خلفها حتى وصلا إلى باب القصر فدخلت وهو وراءها وصارت تخرق الأبواب والدهاليز إلى أن جاوزت به سبعة أبواب ولما وصلت إلى الباب السابع قالت لتاج الملوك: قوي قلبك، وإذا زعقت عليك وقلت لك: يا جارية أعبري فلا تتوان في مشيك وهرول، فإذا دخلت الدهليز فأنظر إلى شمالك ترى إيواناً فيه خمسة أبواب وأدخل الباب السادس فإن مرادك فيه.الخادم الكبير
فقال تاج الملوك: وأين تروحين أنت؟ فقالت له: ما أروح موضعاً غير أني ربما أتأخر عنك وأتحدث مع الخادم الكبير، ثم مشت وهو خلفها حتى وصلت إلى الباب الذي فيه الخادم الكبير فرأى معها تاج الملوك في صورة جارية، فقال لها: ما شأن هذه الجارية التي معك؟ فقالت له: هذه جارية قد سمعت السيدة دنيا بأنها تعرف الأشغال وتريد أن تشتريها، فقال لها الخادم: أنا لا أعرف جارية ولا غيرها ولا يدخل أحد حتى أفتشه كما أمرني الملك. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.سليمان شاه يستعد للحرب لاستعادة ابنه
في الليلة الخامسة عشرة بعد السبعمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد، إن العجوز قالت للخادم الكبير، وقد أظهرت الغضب: أنا أعرف أنك عاقل ومؤدب فإذا كان حالك قد تغير فإني أعلمها بذلك وأخبرها أنك تعرضت لجاريتها.ثم زعقت على تاج الملوك وقالت له: أعبري يا جارية فعند ذلك عبر إلى داخل الدهليز كما أمرته وسكت الخادم ولم يتكلم، ثم إن تاج الملوك عد خمسة أبواب ودخل الباب السادس فوجد السيدة دنيا واقفة في انتظاره، ثم دخلت العجوز عليهما وتحيلت على صرف الجواري.أما الوزير وعزيز عندما توجه تاج الملوك إلى قصر بنت الملك قالا إنه هالك لا محالة، فقال عزيز: يا والدي ماذا نصنع؟ فقال الوزير: يا ولدي إن هذا الأمر مشكل وإن لم نرجع إلى أبيه ونعلمه فإنه يلومنا على ذلك، ثم تجهزا في الوقت والساعة وتوجها إلى الأرض الخضراء والعمودين وتخت الملك سليمان شاه إلى أن دخلا على الملك سليمان شاه وأخبراه بما جرى لولده، وأنه من حين دخل قصر بنت الملك لم يعلموا له خبر فعند ذلك قامت عليه القيامة واشتدت به الندامة، وأمر أن ينادي في مملكته بالجهاد ثم أبرز العساكر إلى خارج مدينته ونصب لهم الخيام وجلس في سرادقه حتى اجتمعت الجيوش من سائر الأقطار، وكانت رعيته تحبه لكثرة عدله وإحسانه، ثم سار في عسكر سد الأفق متوجهاً في طلب ولده تاج الملوك.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. وإلى حلقة الغد.