القرارات التي ينتظرها مرفق القضاء منذ سنوات طويلة واضحة ومعلومة للكافة، وهي ليست ببعيدة عن رأسَي الهرم القضائي المستشار أحمد العجيل رئيس المجلس الاعلى للقضاء، والإداري عمر الشرقاوي ابن وزارة العدل ووكيلها الحالي.ولا يمكن القول إن بداية المشكلة في ادارة مرفق القضاء تكمن في تشخيص المشاكل، التي يعانيها الجهاز الاداري المساند للخدمات القضائية، لأنها واضحة امام الرئيسين، وما نمر به منذ سنوات طويلة بدأت تتراكم نتائجه وآثاره، واصبحت تكلفة العلاج له أكثر ثقلا وإرهاقا على المنظومة القضائية التي تأثر عملها وتطورها وانجازها بسبب ترهل الجهاز الاداري وعدم صلاحيته في ادارة المنظومة القضائية، وبات العلاج الصحيح لها هو انشاء هيئة مستقلة لادارة مرفق القضاء تتولى ادارة المحاكم والنيابة، بعد ان يتم عزلها تماما عن وزارة العدل بما يسهل امر تطوير المحاكم وإداراتها وتحقيق الاستقلالية الادارية التي ينتظرها المرفق القضائي بعيدا عن التدخلات، والتي تسبب بها الوزراء المتعاقبون على الوزارة، والتي تسببت في ارهاق هذا الجهاز بتنقلات انتخابية وقرارات خاضعة للمحسوبية تسببت في تدمير قطاع المحاكم وأفرغته من الكوادر البشرية التي كانت تتولى ادارته.
حفظ قضايا الجنح!
حتى الآن لم تتمكن وزارة العدل وتحديداً قطاع المحاكم مع الإدارة العامة للتحقيقات من ايجاد حلول لقضية حفظ ملفات قضايا الجنح، التي تحفظ لدى مخازن الوزارة العامة للتحقيقات، وتتسبب في تاخير القضايا، وكذلك سقوط الجنح بالتقادم لعدم تحديد جلسات لها خلال 5 سنوات، وهو الامر الذي يثير استفهاما عن اسباب عدم التحرك تجاه هذا الملف حتى الآن!
والمشاكل التي تعانيها المنظومة، للأسف، باتت مزمنة، فمنذ متى والمحاكم تعاني مشكلة اعلانات صحف الدعاوى وطباعة الاحكام وتأخر قسم الحفظ في ارسال الملفات او حتى سرعة ادارة التنفيذ في تنفيذ الأحكام والطلبات التي تقدم اليها او انجاز ادارة الخبراء للتقارير التي تحال اليها من قبل الدوائر القضائية في المحاكم؟كيف لم تستطع وزارة العدل وقياديوها المتعاقبون إيجاد حلول لمواجهة تلك القضايا التي اصبحت اليوم معقدة وصعبة للغاية، بسبب غياب العناصر البشرية المؤهلة لإدارة دفة العمل الاداري، فضلا عن غياب الدعم الحقيقي من قبل وكيل وزارة العدل والوكيل المساعد لشؤون المحاكم، لإنهاء تلك القضايا ووضعها على سلم اولويات الانجاز الحقيقي، الذي يعبر بالعمل الاداري في مرفق القضاء من هاوية الفشل الى قمة الإنجاز؟!ماذا ينقص الوكيلين وهما ابنا الوزارة لدفع عجلة الانجاز والاصلاح الاداري وايجاد العناصر البشرية المؤهلة ودعم المحاكم بالعدد المطلوب لتسييرها وتطويرها؟تراكم الطعون
إلى الآن لم تجد محكمة التمييز آلية لمواجهة قضية تراكم الطعون امام محكمة التمييز، مع اقتراب اعداد الطعون الى 50 الف طعن متراكم، يعود بعضها الى عام 2013... والسؤال الذي يثار: لماذا لا يناقش مجلس القضاء هذه القضية ويطلب حضور بعض رؤساء الدوائر القضائية التي تشهد تراكما، او تقريرا من التفتيش القضائي بذلك.
تقاعس
فهل يعقل أن تكون لدى المحكمة الكلية فقط اسبوعيا قرابة الف دائرة قضائية في جميع المحاكم التابعة لها، ويتم توفير ما يزيد على 300 أمين سر للجلسة فقط يتنابون على إداراتها؟! كيف لهم ادارة كل تلك الدوائر؟ اليس العقل والمنطق اللذان يحكماننا جميعا يقرران أن لكل موظف طاقة! كيف لأكثر من 300 موظف وعدد منهم لا يلتزم بجلساته ويتغيب وبعضهم يتقاعس، أن يتولى إدارة ثلاث جلسات؟ كيف يستقيم ذلك؟أليس من الواجب توفير ضعف هذا العدد؟ اي توفير 300 أمين سر للجلسة إضافيين على عدد امناء سر الجلسات الحاليين، ليتمكن الـ 600 أمين سر جلسة على الاقل من إدارة الف دائرة قضائية تعقد بالأسبوع، كما ان زيادة الدوائر القضائية امر محتمل، وبشكل كبير مع كل بداية عام قضائي في المحكمة الكلية، نظرا لمواجهة عدد الزيادات بعدد الدعاوى القضائية، وهي مسألة تدعو الوكيلين الى مواجهة تلك القضية، وهي توفير عدد امناء سر الجلسات الحاليين، خصوصا أن الوزارة مقبلة في سبتمبر المقبل على إنهاء عمل الوافدين من وظيفة أمين سر الجلسة وعدم وجود حجاب للجلسات، كذلك كيف لنا ان نتقبل وضع المحاكم بهذه الصورة؟!أم أن الوكيلين ينتظران تدهورا وتعثرا اداريا اكثر مما نشاهده اليوم في محاكمنا التي لا تبعد عن مكانهما اكثر من دقائق معدودة!ومشكلة الإعلان ليست أقل أهمية من قضية توفير أمناء سر للجلسات، فمازالت اقسام الاعلان تعاني عدم توفير عدد من مندوبي الاعلانات، الذين يلتزم بعضهم بإنجاز العمل المطلوب منهم بينما البعض الآخر لا يجد من يقوم بمحاسبته او بتعقب زلاته، كما ان الاعلان الالكتروني هو الآخر لم يحقق الفاعلية التي كنا ننتظرها؛ إما لقلة الخبرة او عدم الرغبة في دفع عجلة هذا الملف، الذي سيخلصنا جميعا من فوضى ملف الاعلانات الذي نعانيه كمرض لاكثر من 30 عاما في محاكمنا، ولا نعلم متى ننتصر عليه؟!بينما القضية الثالثة، التي تعانيها محاكمنا، هي أقسام الجدول التي تتولى قيد القضايا، وهي المشكلة التي تعانيها المحاكم كالرقعي وحولي أكثر من غيرها، نتيجة عدم وجود الموظفين لمواجهة قيد الصحف المرفوعة من المتقاضين العاديين من خلال مكاتب المحاماة، ومثل تلك القضية رغم ما تتطلبه من توفير العدد الكافي من الموظفين لإنجاز صحف الدعاوى وعرائض الجنح والاستئنافات بما يسهل انجازها يتطلب أيضا سرعة توفيرها من قبل الوزارة عن بعد، كما اعلنت الوزارة أخيرا وقبل نحو أسبوعين تمكين المتقاضين من رفع القضايا إلكترونيا، ورغم استبشارنا بقرار الوزارة تمكين المواطنين رفع الدعاوى الكترونيا طفت على السطح مجددا المشاكل الادارية الداخلية، التي اخرت من انجاز هذا العمل الذي يساهم في سرعة انجاز هذا المشروع، وأكثر من ذلك كشف الواقع غياب وجود الموظفين الراغبين في تحقيق هذا المشروع، الذي تحول من حلم الى حقيقة لنا كمتقاضين، وعجزت الوزارة حتى الآن عن توفير موظفين مؤهلين لإنجاز عمليات تدقيق الصحف وتمكين المتقاضين من سداد الرسوم ورفع الصحف وتحديد جلسات لها عن بعد، بشكل يتناغم مع السرعة المطلوبة لرفع الدعاوى القضائية إلكترونيا وعن بعد!وذلك لأن الأنظمة الحالية لا تضمن تلك الآلية من السرعة المطلوبة، والتي نتمنى ان تنتهي منها الوزارة بما ينهي قضية قيد صحف الدعاوى القضائية بالسرعة المطلوبة، وتنتهي طوابير الانتظار والتكدس التي تشهدها محاكمنا كالرقعي وحولي وأحيانا قصر العدل عند قيد صحف الدعاوى، والتي أصبحت مرهقة في ظل عدم وجود العدد الكافي من الموظفين لإنجازها ولغياب القيد الالكتروني حتى الآن!الاستئناف بلا أحكام
لمواجهة قضية التأخير في طباعة الاحكام يتعين على مسؤولي الجداول في المحكمة الكلية او الاستئناف السماح باستئناف الأحكام بالشهادات الصادرة من محكمة أول درجة، وعدم اشتراط صدور الاحكام التي بات أمر طباعتها يستغرق مواعيد الطعن، خصوصا تلك التي يقرر القانون أن تكون مدة استئنافها 15 يوما كالإيجارات والمستعجل!
مليون قضية
وقضية طباعة الاحكام والتأخر في انجازها تلقي بظلالها على التأخر في طباعتها بسبب قلة عدد الطباعين المكلفين طباعة الاحكام القضائية، وخصوصاً في محكمة الرقعي، وذلك لأن عدد الاحكام التي تصدرها دوائر المحكمة الكلية خلال السنة الواحدة يقترب من مليون قضية، ولا يمكن ان يتم انجاز هذه الاعداد من الاحكام بالاعداد المتوافرة من الطباعين، وهو الامر الذي يتعين معه اعادة النظر في هذه القضية التي جعلت الكثيرين من المتقاضين لا يتمكنون من استئناف احكامهم الصادرة من المحكمة الكلية او استئنافها عن طريق شهادة منطوق الحكم، لأن حكم المحكمة لم يتم الانتهاء من طباعته خلال شهر!وأغلب تلك القضايا، التي يعانيها الجهاز الاداري المسؤول عن مرفق القضاء، مردّها عدم وجود العناصر البشرية المؤهلة وعدم توفير العدد الكافي لإنجاز معاملات وطلبات المتقاضين، فضلا عن غياب الخطة الحقيقية لانجاز التقاضي الالكتروني داخل المنظومة القضائية، والتي لا يمكن انجازها وتحقيقها من دون وجود ادارة تتولى ادارة وتنفيذ هذا الملف الحيوي، الذي لا يمكن تحقيقه من بضعة موظفين غير متفرغين لذلك، وهو نهج لا يبني محاكم إلكترونية.وعليه يتعين على الوكيل الشرقاوي ان يسارع في تكثيف ادارة التطوير التي تقع تحت اشرافه، او انشاء مراقبة فيها للتقاضي الالكتروني تكون تحت اشرافه وبصره، لتتولى رفع الدعاوى والطعون الالكترونية والاعلانات والتنفيذ الالكتروني وتوفير العدد الكافي من الموظفين لها، وتوفير الدعم التقني الكامل لها، حتى لو اقتضى ذلك إشراك جهات خارجية حكومية كهيئة الاتصالات او الجهاز المركزي للتقنية، او خاصة كإحدى الشركات المتخصصة بذلك، في سبيل انجاز هذا الملف والذي لم يعد هناك سبب يمكن التعذر بعدم تحقيقه سوى عدم رغبة المسؤولين به!حال المحاكم لم يعد يسر، ومشاكله الادارية بدأت تتضاعف، وانتاجيته تراجعت وأرهقت المتقاضين امام اعين الوزارة ومسؤوليها، وبدلا من ان ينتقلوا الى محاكم الرقعي وتحديدا اقسام الجدول والطباعة ومكاتب امناء سر الجلسات والاعلانات والتنفيذ والحفظ يتجاهلون تلك القضايا وكأنهم غير معنيين بها، في ظل عدم تفاعل المجلس الاعلى للقضاء مع تلك القضايا، والتي جعلت الوزارة تتمادى في تجاهلها وعدم الالتفات لمتطلبات الاصلاح والتعامل بجدية وصلابة تجاه ما يحدث إداريا في محاكمنا والادارات التابعة لها، ولنطوي هذه الصفحات المظلمة إداريا ونغلق هذا الملف نهائيا!إنجاز الطلبات
بسبب قلة عدد الموظفين في أقسام الجدول والإعلان وأمناء سر الجلسات في محكمة الرقعي فإن من يشارك الموظفين بتلك الأعمال هم المراقبون وذلك بتوجيهات مباشرة من قبل مدير إدارة كتاب المحكمة الكلية عبدالله النويعم، وذلك لمحاولة إنجاز ما يمكن انجازه من الطلبات المقدمة من قبل المحامين ووكلائهم.التأخير في عقد الجلسات
في الوقت الذي يحدد فيــــه رؤســــاء المحــــاكم عقد الجلسات وفق التعاميــم الصــــادرة مــــن الجمعيـــــة العموميـــــة بمواعيـــــد واضحـــة لا يلتزم بعض رؤساء الدوائر القضائية فيها، مما يتسبب في تأخير إنجاز الاعمال او تعطيلها، فلا يمكن لبعض السادة القضاة ان يتجاوزا الوقت المحدد لعقد الجلسات لساعات تتجاوز الوقت الطبيعي لانجاز أعمالهم، والجلسات في شهر رمضان تكون بتمام الساعة 10 صباحا، في حين بعض الدوائر تعقدها بتمام الساعة 12 ظهرا!الإعفاء
دأب بعض الموظفين على التحايل على طلب الاعفاء من العمل، من دون ضوابط لاستغلال قضية كورونا التي تسمح للموظفين بالإعفاء من العمل اذا كان هناك تصريح طبي، وهو ما يحتم على وزارة العدل معالجة تلك القضية التي ساهمت في قلة عدد الموظفين في المحاكم!أمناء سر الجلسات!
سيؤدي قرار وزارة العدل بالاستغناء عن امناء سر الجلسات من الجنسيات العربية، من دون توفير بدائل وكوادر وطنية من الجنسين حتى الآن للدوائر القضائية، الى عدم توفير امناء سر جلسات للدوائر القضائية في الموسم القضائي المقبل، خصوصاً أن قرار الاستغناء عن امناء سر الجلسات الوافدين سينفذ في سبتمبر المقبل!