مرافعة: عقد الجلسات بغرف المداولة!
مازال نهج بعض الدوائر القضائية مستمراً، بعقد الجلسات في غرف المداولة، وعدم عقدها بقاعات المحاكم، وذلك بالمخالفة لأحكام الدستور وقوانين تنظيم القضاء والمرافعات وقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، والتي تُوجب جميعها أن تُعقد الجلسات علنية وأمام الجمهور، وإزاء تلك المخالفة يترتب البطلان لعقد تلك الجلسات.وذلك الانعقاد المخالف للدستور وللقوانين لم نشهده في دوائر المحكمة الكلية فقط، بل أصبحنا نراه في بعض دوائر المحاكم العليا، رغم توافر القاعات المناسبة لعقد الجلسات، وتناوب بعض الدوائر على عقدها بساعات مختلفة، لكن الالتزام بعقدها على نحو علني وأمام الجمهور هو ضمانة لسلامة شكل المحاكمة.كما أن الاستمرار بعقد الجلسات في غرف المداولة يوصم تلك الجلسات بالسرية، بعيدا عن الجمهور، دون أن تكون هناك دواعٍ لعقدها على هذا النحو، والأصل العام هو عقدها علنية، فيما الاستثناء هو عقدها على نحو سري إذا ما توافرت مجموعة من الدواعي التي تقتضي عقد الجلسات بشكل سري تتصل بالأحوال الشخصية، أو كانت متصلة بالآداب العامة.
إن الالتزام بعقد الجلسات على نحو علني، وارتداء روب التقاضي من قِبل الهيئات القضائية، أمر مهم جدا، كما هو الحال بالتزام المحامين بروب المحاماة، وبأدبيات المثول أمام الهيئات القضائية، وبالشكل المقرر لعقد المحاكمات، بما يعكس سلامتها وشفافيتها، وصحة انعقادها، وهي مسائل لا يمكن أن تتحقق للجمهور إذا ما عُقدت الجلسات بغير الشكل الذي حدده القانون.أخيراً، فإن التذكير بضرورة عقد الجلسات في قاعات المحاكم بكل الدوائر يأتي تحقيقا لمتطلبات الشفافية، التي عوَّدتنا على تحقيقها الدوائر القضائية في محاكمنا، والتي يُشهد لها في نصرة المظلوم وإرجاع الحقوق لأصحابها، وما تلك الضمانات إلا لتزيدنا ثقة في قضائنا الشامخ الذي نلوذ به بعد المولى عز وجل.