في هذا البلد هناك قضايا ملتبسة بشكل كبير، لعل أبرزها تعريف شفاف وواضح للفساد، فقد ارتبط شكل الفساد لدينا بأصحاب نفوذ وأصحاب كروش منتفخة يقودون سيارات فارهة، يأخذون الأموال والمناقصات من الدولة بشكل غير قانوني، أو أنهم موظفون كبار يختلسون مبالغ تتبع مؤسسات يشرفون عليها بحكم وظيفتهم.عن نفسي أرى أن الفساد أكبر من ذلك، وخصوصاً أن البلد قد يقبل على محاربة فساد حقيقية في حال أكملت الحكومة مشوارها بمحاربه الفساد، على أن أحداث السنوات الأخيرة ترجح أن تتراجع الحكومة لكننا نأمل خيراً لأننا قد نشهد ولادة حكومة جديدة في الفترة القادمة.
إذا أردنا أن نخوض في مواضيع الفساد فالسؤال يطرح: ماذا عمن حصلوا على شهادات تفتقر للمعايير الأكاديمية والقانونية الصحيحة وترقوا على هذا الأساس؟ماذا عن الحصول على الإجازات المرضية بدون مرض حقيقي خصوصاً أن بعضها يستخدم للسفر خارج البلاد؟ ولماذا يقوم بعض الأطباء بتوقيع هذه الإجازات من دون وجه حق؟ماذا عن الترقيات والحصول على مناصب بالواسطة وبالقفز على من يفوقونك خبرة وأداء؟ ماذا عمن حصلوا على امتيازات الإعاقة بدون وجه حق؟ ماذا عمن حصلوا على كرت من مستشفى الأعصاب للتخلص من الآثار القانونية لجريمة اقترفوها؟ ماذا عمن يحصل على امتيازات لعمله في موسم الصيف وهو يتنقل بين باريس ولندن؟ ماذا عمن يخرجون من مقار عملهم دون الاستئذان من رئيسهم المباشر ليذهبوا إلى الأسواق والمجمعات التجارية؟الأمثلة كثيرة والمرحلة القادمة تحتاج إلى ثقافة جديدة بخصوص تعريف الفساد، فحصر الفاسدين بأصحاب الكروش الكبيرة ممن يقودون سيارات فارهة خطأ كبير، الفساد هو الفساد، ويبقى أن نقر ونعترف أن الحكومة الحالية غير قادرة على مواكبة أي محاربة له أو إعادة تعريفه، فقد أسهمت في رعايته وبلوغه سن الرشد من خلال جميع المخالفات التي ذكرناها في الأسطر السابقه وأكثر، بل على العكس من ذلك كلما تحدث صاحب رأي عن الفساد اتهم أنه يأخذ أموالاً من هنا وهناك لتعطيل مسيرة الحكومة المعطاءة، وكأننا نتحدث عن حكومة النرويج.لا أنفي أن كثيراً من أصحاب الكروش المنتفخة الذين أشرنا إليهم في هذا البلد هم فاسدون لحد كبير، لكن إذا أردنا تعريفاً محقاً وحقيقياً لكويت جديدة خالية من الفساد فعلينا أن نكون أكثر موضوعية وأن نعترف أن "معظمنا فاسدون".فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك.
مقالات
الحقيقة... معظمنا فاسدون
11-05-2021