غداة إقفال باب تقديم الترشيحات لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 يونيو المقبل، برزت مخاوف في إيران من احتمال اتساع دائرة العزوف عن الإدلاء بالأصوات في الاستحقاق الذي يأتي بالتزامن مع خوض طهران مفاوضات صعبة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات الخانقة التي فرضها سلفه دونالد ترامب بعد انسحابه من الصفقة الذرية عام 2018.

وفي حين تعوّل السلطات الإيرانية على إظهار الدعم الشعبي لها من خلال الحشد لمشاركة كبيرة بالانتخابات لمساعدتها في تحسين موقفها التفاوضي بالمحادثات غير المباشرة مع واشنطن التي ترعاها "الترويكا" الأوروبية، بريطانيا وألمانيا وفرنسا، ركزت الصحف الإيرانية الصادرة أمس على الخشية من انخفاض عدد المقترعين في انتخابات الشهر المقبل لاختيار خلف للرئيس المعتدل حسن روحاني، لأنّ ذلك قد يكرر تجربة الانتخابات التشريعية 2020 التي شهدت نسبة امتناع قياسية تجاوزت 57 بالمئة، وانتهت بفوز كبير للتيار المتشدد أتاح له نيل غالبية المقاعد في البرلمان.

Ad

ودعت منصات حكومية، أمس، إلى "ضمان وجود مرشحين من مختلف التوجهات السياسية في المنافسة النهائية"، من أجل الوصول إلى تحقيق "نسبة مشاركة لافتة".

وحذّرت من "خطر الإصابة بالإحباط" في حال لم يوفّر الذين تتم المصادقة على خوضهم الانتخابات، قدرة تمثيلية واسعة قدر الإمكان، معتبرة أن طهران تحتاج إلى أن تبعث إلى العالم "رسالة قوية" عبر "نسبة المشاركة".

وأفادت استطلاعات رأي مختلفة بأن "أكثر من نصف الناخبين" لا يرغبون في المشاركة بعملية الاقتراع.

وخلصت تحليلات إلى أن العدد الكبير من المسؤولين أو القادة الحاليين والسابقين الذين تقدموا بترشيحهم، لم يساهم في "رفع حرارة" حماسة الناخبين التي لا تزال "جليدية".

لاريجاني ورئيسي

وفي انتظار اللائحة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة، رسم اسمان من أوساط المحافظين معالم المعركة المقبلة، مع تسجيل اسميهما في اليوم الأخير، وهما المحافظ المعتدل علي لاريجاني الرئيس السابق لـ "مجلس الشورى"، والأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي الذي يتولى رئاسة السلطة القضائية منذ 2019.

وعلمت "الجريدة" من مصدر مطلع، أمس، أن لاريجاني الذي دخل البرلمان عدة مرات كمرشح للأصوليين حاول كسب دعم قسم من التيار المتشدد لترشحه، لكنه فشل بسبب يقينهم بقرب مواقفه من تيار روحاني في الانتخابات الرئاسية. وأشار إلى لاريجاني لم يستطيع أيضاً الحصول على دعم الإصلاحيين، لكنه يأمل أن يكرر ما فعله روحاني الذي كسب دعمهم في الجولة النهائية بعد فشل مرشحهم في جذب الجماهير.

وتجمّع أوساط التيار المتشدد على أن المرشحين الإصلاحيين ليس لديهم أي فرصة للنجاح، ويعتقدون أنهم يربطون مصيرهم بنجاح مفاوضات فيينا أو الالتحاق بركب لاريجاني للحصول على نصيب في الحكومة المقبلة.

ووفق وكالة الأنباء الرسمية "إرنا"، بلغ عدد من سجلوا ترشيحاتهم 592 شخصا بينهم 40 امرأة. لكنّ العدد النهائي للمتنافسين سيكون أقل من ذلك بكثير، إذ أن مجلس "صيانة الدستور" سيتولى دراسة الأسماء وأهلية المرشحين قبل المصادقة على الترشيحات النهائية التي ستعلن بحلول 26 الجاري و27 منه.

جولة ظريف

إلى ذلك، وصل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس، إلى روما للقاء المسؤولين الإيطاليين وكذلك المسؤولين في "الفاتيكان".

وناقش ظريف خلال لقاءاته في إيطاليا تعزيز التعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الثنائي والدولي.

وبدأ ظريف جولة أوروبية الخميس الماضي، وكانت العاصمة الإسبانية مدريد محطته الأولى.

وألغى المسؤول الإيراني زيارة كان من المقرر أن يقوم بها للنمسا أمس، وذلك بعد رفع أعلام إسرائيلية على مبان حكومية في فيينا.

استعداد وعقبات

وتأتي جولة ظريف الأوروبية في وقت تتواصل المفاوضات في فيينا بشأن سبل إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 ورفع العقوبات عن طهران.

ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن مصادر في الشركة الوطنية الإيرانية للنفط أنها بدأت تجهز حقول الخام الأسود، حتى تتمكن من زيادة الصادرات، مع رصد بوادر تقدم في محادثات فيينا.

وأشارت الوكالة الأميركية إلى أن تدفق النفط الخام الإضافي الإيراني في السوق قد يكون تدريجياً.

وأفادت بأن طهران قد تعود إلى مستويات الإنتاج قبل العقوبات التي تبلغ حوالي 4 ملايين برميل يومياً في أقل من 3 أشهر، مستفيدة من قيمة أسطول التخزين.

واستدركت الوكالة أن هناك عقبات كثيرة لا يزال أمام طهران تجاوزها قبل تحقيق ذلك، إذ يجب أن يفكك أي اتفاق يتم التوصل إليه سلسلة الحواجز الأميركية على التجارة والشحن والتأمين التي تشمل كيانات إيرانية.

قنبلة إيران

في شأن قريب، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن كتاب بعنوان "بحث إيران الخطير عن أسلحة نووية"، الذي من المقرر أن ينشر الأسبوع المقبل، أن "إيران كانت جاهزة لاختبار المكونات الرئيسة لصنع قنبلة نووية عام 2003".

ويذكر الكتاب الذي استشهد بوثائق سُرقت من إيران عام 2018، وتم فحصها أخيرا، أن العلماء النوويين الإيرانيين كان بإمكانهم إنتاج قنبلة نووية في ذلك الوقت، لو أن السلطات كانت قد أمرت بذلك، حيث إن إيران حلّت تقريباً جميع تحديات صنع القنبلة، وقد احتاجوا فقط إلى وقود كافٍ.

وتتضمن الوثائق، التي سرقتها المخابرات الإسرائيلية من أرشيف في طهران عام 2018، مئات الصور والوثائق التي تم نشر الكثير منها في الكتاب.

ووفقًا لما ذكره مؤلفا الكتاب، فبينما ظنت وكالات الاستخبارات الأميركية منذ فترة طويلة أن إيران استعارت معدات وتصميمات متعلّقة ببرنامجها النووي من باكستان بين 2000 و2010، فإن نموذج تصميم القنبلة الإيرانية يبدو "محلياً تماماً".

يشار إلى أن مؤلفي الكتاب هما مدير معهد العلوم والأمن الدولي ديفيد أولبرايت، والباحثة في المعهد سارة بيرخارت.

طهران - فرزاد قاسمي