الاعتداءات على غزة و«العجز الدولي»
![د. محمد أمين الميداني](https://www.aljarida.com/uploads/authors/368_1682431813.jpg)
كما تم التركيز على الممارسات العنصرية تجاه الأقلية العربية والذي يمارسه اليمين المتطرف في إسرائيل، وهي الممارسات التي أدت دورها في تغذيه هذه الظاهرة وانعكاساتها المختلفة.وترى الصحيفة، وبالعودة إلى مواقف الدول الأوروبية، بأن هذه المواقف منقسمة، ومتكلسة، ولا صدى لها، فلا موقف موحدا لبلدان الاتحاد الأوروبي: بلدان تخشى أن تنعكس أحداث غزة على أوضاعها الداخلية، وهو حال فرنسا، وبلدان أوروبا الشرقية التي لا تريد أن تتم إدانة إسرائيل مما نتج عنه تراجع الاتحاد الأوروبي، وعدم قيامه بأي مبادرة للضغط على إسرائيل، في الوقت، وكما أشارت الافتتاحية، الذي فيه يستمر احتلال الأراضي العربية بلا نهاية، ومع تزايد عمليات الاستيطان على امتداد هذه الأراضي، وكذلك استمرار إطلاق الصواريخ بشكل عشوائي على المدن الإسرائيلية.وتبدو الجملة الصادمة التي قرأناها في هذه الافتتاحية "لم يعد هناك مجتمع دولي"، تعكس حقيقة الوضع المأساوي الذي نعيشه هذه الأيام، والذي عرفناه أيضا فيما يتعلق بأوضاع مأساوية أخرى عرفتها عدة بلدان في السنوات العشر الأخيرة حيث حال "الفيتو" الذي استخدمته العديد من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن دون اتخاذ قرارات تدين ما يحدث من انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان، وما يتم ارتكابه من جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية أيضا.وعالم اليوم حسب الافتتاحية، "عالم انفجر، ويعيش معاناة، ومن دون قدرات متجانسة"، وتشير بهذه المناسبة لجائحة كوفيد19 التي ترى أنها عجلت بفك روابط الكيانات التقليدية المتعددة. وتختم الافتتاحية بالقول إن عهد الرئيس جو بايدن لم يقطع مع عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، فقد اعترف هذا الأخير بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقطع المساعدات عن الفلسطينيين ناكرا لهم حقوقهم السياسية، ولا يبدو الرئيس الأميركي الحالي مهتما كثيرا بهذا الموضوع، وهو ليس من أولويات إدارته، على الرغم من إيفاده لمبعوث خاص له في المنطقة!وهل نحن في العالم العربي بحاجة لنؤكد على "العجز الدولي"، وقد عاشت العديد من البلدان العربية ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتعيش في العقود الأولى من هذه الألفية، نتائج الصراع العربي-الإسرائيلي، ومسلسل المآسي والحروب التي ذهب ضحيتها آلاف من العرب على مدى عدة عقود، ويبقى الاحتلال الذي يجثم على صدور أهالي الأراضي العربية المحتلة، والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وما يتم ارتكابه من جرائم حرب بشعة ذهب ضحيتها آلاف من النساء والرجال والشبان والأطفال والشيوخ والعجزة!وأخيرا، لقد ذكرتني هذه الافتتاحية بكتاب صدر عام 1996، وقمت بعمل عرض وتلخيص له نُشر في عام 2003، عنوانه: إخفاقات القانون الدولي. ونقرأ من بين الأمثلة المتعلقة بهذه الإخفاقات: الموقف الدولي من القضية الفلسطينية وعجز الأمم المتحدة عن التوصل إلى حل عادل لها، وما نعيشه اليوم هو تأكيد لهذا الإخفاق واستمرار له، ولو أننا لا نفقد الأمل بتجاوز المجتمع الدولي لعجزه وفي الوقت الذي ستبقى فيه القضية الفلسطينية على رأس القضايا التي يجب أن يهتم بها هذا المجتمع ويجد لها حلا عادلا ومرضيا، وتبعا لما أصاب الشعب الفلسطيني ومعاناته منذ عقود طويلة.* أكاديمي وكاتب سوري مقيم بفرنسا