تدور أحداث هذا المسلسل في فترة أوائل الأربعينيات من القرن الماضي وما قبل قيام ثورة يوليو 1952 وحتى اندلاعها، حول صحافي انتهازي يصعد على أكتاف النساء، ويتملق من أجل تحقيق مصلحته الشخصية المباشرة.وكانت شخصية محفوظ عجب من أبرز الأعمال التي تركت أثراً كبيراً لدى الجمهور وتعلّق بها خلال فترة التسعينيات، رغم أن أحداثه تدور حول المجتمع الصحافي في حقبة الأربعينيات، وبرع الفيشاوي في تجسيد شخصية الصحافي الذي لا يكترث بشيء سوى تحقيق الشهرة والمال، واختير هذا العمل واحداً من أهم مئة عمل قدّمتها الدراما التلفزيونية المصرية.
ودخل الفيشاوي في مغامرة سينمائية مع المخرج رضوان الكاشف، وشارك في بطولة فيلم «ليه يا بنفسج»، وفي عام 1994 ظهر في فيلم «كشف المستور» مع نجمة الجماهير نادية الجندي وإخراج عاطف الطيب، والتقى الفنان الكبير عادل أدهم في «عنتر زمانه»، ثم تكرر لقاؤه مع نادية الجندي في «الجاسوسة حكمت فهمي».ومنذ منتصف التسعينيات تراجع ظهور الفيشاوي في السينما، فخلال عام 1995 اكتفى بثلاثة أفلام فقط، هي «الجراج» و«عتبة الستات» و«امرأة هزت عرش مصر»، وفي عام 1996 شارك في أفلام «الخطيئة السابعة» و«رجل مهم جداً» و«التحويلة».
صيد الحيتان
وبعد مرور عام من الألفية الجديدة، ظهر الفيشاوي في مسلسلي «البر الغربي» و«حارة الطبلاوي» وفيلم «احنا أصحاب المطار»، وفي عام 2002 شارك في فيلمين فقط، هما «العشق والدم، و«صيد الحيتان» ومسلسل «الأصدقاء»، وفي 2003 لم يلتق جمهوره إلا من خلال مسلسل «كناريا وشركاه» وفيلم «حفار البحر»، لينقطع بعدها عن السينما المصرية لثلاثة أعوام.وبوجه عام، تراوح ظهور فاروق في أعوامه الأخيرة بين أدوار البطولة وضيف الشرف، وشارك في فيلمي «كدبة كل يوم» و«يوم للستات» وفي مسلسل «رأس الغول» مع النجم محمود عبدالعزيز، وحلّ ضيفاً في مسلسلي «لدينا أقوال أخرى» مع النجمة يسرا، و«عوالم خفية» مع النجم عادل إمام، وعاد إلى أدوار البطولة في مسلسل «الشارع اللي ورانا»، وكان آخر ظهور سينمائي له كضيف شرف في فيلم «ليلة هنا وسرور» بطولة ياسمين صبري ومحمد إمام وبيومي فؤاد، وتأليف مصطفى صقر ومحمد عزالدين وإخراج حسين المِنبّاوي.وتدور أحداثه حول رجل أعمال يدعى سرور، وحبيبته هنا (الفنانة ياسمين صبري)، ويقع في قبضة إحدى العصابات، ويضطر للهرب، ويلتقي رئيس العصابة الذي لعب دوره الفيشاوي، وتبدأ الصراعات بينهما، وتتوالى الأحداث. وكان النجم الشاب محمد إمام، قد نشر صورة له مع فاروق الفيشاوي من كواليس فيلم «ليلة هنا وسرور»، عبر حسابه الرسمي على موقع التدوينات القصيرة «تويتر»، وقال في تعليقه: «الأستاذ فاروق الفيشاوي هو أول شخص جعلني أُمثِل، وأول عمل لي في حياتي كان معه في مسلسل (كناريا وشركاه) مع العمالقة أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبدالحافظ، ومضت السنوات لأشرف بمشاركة الأستاذ فاروق بطولة (ليلة هنا وسرور).. فنان كبير واستمتعت بالعمل معه».كواليس الإذاعة
وتخلل مشوار الفيشاوي، زيارات قليلة إلى كواليس الدراما الإذاعية، بدأت عام 1983 مع مسلسل «أشياء لا تُباع» إخراج سمير عبدالعظيم، وشارك في بطولته النجوم فريد شوقي وسميحة أيوب وشريهان وجميل راتب ووحيد سيف وسيد زيان وأحمد بدير، ومسلسل «بوابة البحر» (1985)، وشارك في بطولته ليلى علوي وأمينة رزق ومحمود الجندي، ومسلسل «نهاية العالم يا زغلول» (1999) مع معالي زايد وماجدة زكي وفاروق فلوكس.عتبات البهجة
كان الفيشاوي يستعد للعودة إلى السينما مجدداً في عام 2019، مع رفيقيه الفنان يحيى الفخراني والمخرج عمر عبدالعزيز في فيلم «قرفة بالزنجبيل»، عن رواية «عتبات البهجة» للروائي إبراهيم عبدالمجيد، لكن القدر لم يمهله الوقت الكافي للعمل على المشروع، حيث كان من المقرر أن يجري تصويره، لكن انشغاله بعرض «الملك لير» وتدهور حالته الصحية حالا دون ذلك.وقامت بكتابة السيناريو هالة خليل، وتدور أحداثه حول فكرة البحث عن السعادة في آخر سنوات العمر، ويَحمِل معاني إنسانية عميقة وبسيطة في الوقت ذاته، ويتحدث عن شخصين تجاوزا الخمسين من عمريهما، وتقاعدا عن عملهما وقررا البحث عن شيء يسعدهما فيما تبقى لهما من سنوات العمر.طموحات كثيرة راودت الفيشاوي، وتمنى أن يحققها سواء في الفن أو حياته الخاصة، ومنها تجسيد شخصية «الملك لير» على خشبة المسرح، وفي العام الأخير من حياته، شارك الفنان يحيى الفخراني بطولة تلك المسرحية، رغم ظروف مرضه، وكان يتألق كل ليلة في دور «جولستر».أحدث رحيل الفيشاوي ارتباكا وصدمة لفريق المسرحية، وفقد الفخراني صديقاً وزميلاً غالياً، دامت صداقتهما أكثر من أربعين عاماً، وقد كان شريكاً رئيسياً في مسرحية «الملك لير»، وحين بدأ البروفات، أدهش الجميع بنشاطه وإرادته القوية، وتغلّبه على متاعبه الصحية، واستطاع أن يقهر السرطان، بحيويته وتألقه كل ليلة على خشبة المسرح، وكان الفخراني يشجعه بعد كل مشهد، حتى تمكّن منه المرض اللعين، ولعب دوره ممثلٌ آخر.المحطة الأخيرة
اختار النجم المحبوب لحظة فارقة، ليعلن فيها إصابته بمرض السرطان، وتلك المرة لم يطرق أبواب الصحافة، كما فعل سابقاً في محنته مع الإدمان، بل أثناء تكريمه في افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في أكتوبر 2018، وأصاب الجميع بصدمة؛ سواء أسرته أو الوسط الفني أو جمهوره، ووقتها أثبتت التحاليل والفحوص إصابته بالمرض اللعين، لكنه تعامل مع الأمر بشجاعة فائقة، واعتبره مجرد صداع أو مرض عابر، وبالإصرار سينتصر عليه.واستمد الفيشاوي الطاقة الإيجابية من عيون الأهل والأصدقاء، وتأكد أنه ليس مصاباً بالمرض، بل بحب الناس، واتخذ المسار الشجاع نفسه في مقاومة المرض، وبدأ في متابعة العلاج حتى أصابته وعكة صحية شديدة أثناء وجوده في المنزل، نقل على إثرها إلى المستشفى في حالة حرجة، ليلفظ أنفاسه الأخيرة يوم 25 يوليو 2019، وكانت وصيتة قبل رحيله، أن يُدفن بجوار شقيقه جلال الفيشاوي.وجاء رحيله صدمة لأهله وجمهوره وزملائه، وحضر الجنازة عددٌ كبير من نجوم الفن، منهم إلهام شاهين ومحمد هنيدي وآسر ياسين ومحمد ممدوح وهالة صدقي ووفاء عامر، وعدد آخر من النجوم وجمهور الفنان الراحل، وتوالت مشاهد الحزن المؤثرة في وداع «برنس السينما المصرية».تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة الفيشاوي، روتها زوجته السابقة الفنانة سمية الألفي في مقابلة تلفزيونية، ودخلت في نوبات بكاء لفقدها والد ولديها أحمد وعمر، فقد ظلت علاقة الحب والصداقة تجمع بينهما بعد انفصالهما، وحتى آخر لحظات حياته، حيث رافقته أم أبنائه في رحلة مرضه، ولكن رغم أنهما استطاعا معاً هزيمة الإدمان لم يتمكنا من هزيمة السرطان، ورحل النجم الكبير بعد معركة شرسة مع مرضه الخبيث.الفيشاوي كان في أيامه الأخيرة يعاني الإجهاد والتعب، لكنه كان يقاوم المرض وينكر وجوده، رافضاً الذهاب إلى المستشفى، وذهب إلى هناك، بعد إلحاح صديقه الفنان كمال أبوريّة، وارتدى ملابسه، وبدا في كامل أناقته، ظناً منه أنه سيعود سريعاً إلى المنزل، لكنّ الأطباء طلبوا بقاءه في المستشفى، وظلت سمية الألفي برفقته، وتوافد عددٌ كبير من أهله وزملائه للاطمئنان عليه، وفوجئوا بأن الزيارة ممنوعة، لتدهور حالته الصحية، ودخوله في غيبوبة!استيقظ الفيشاوي من الغيبوبة في اللحظات الأخيرة من حياته، ووجد أم أبنائه سمية بجانبه، وشعر بارتياح شديد حين رأى الإنسانة التي انطبعت على الحب والوفاء، وفي تلك اللحظة كانت تتناول طعاماً، فسألها عن الأكل الذي تتناوله، ثم طلب منها أن يأكل معها خبزاً وجبناً، وسألها عن حفيدته لينا، وتمنى أن تكون بجانبه، لكنها كانت تدرس في إنكلترا، ومن الصعب أن تعود إلى القاهرة، وعقب ذلك غاب مجدداً عن الوعي، ثم استيقظ وسأل عن ابنه عمر وأغمض عينيه وتوفي.جاء رحيل الفيشاوي ليسدل الستار على قصة نجم استثنائي في تاريخ السينما والدراما المصرية، وبعد مشوار حافل بالإنجازات والأعمال الفنية المميزة، وقد سطع اسمه كفنان له بصمة خاصة، ولا يزال حضوره يتجدد كواحد من فرسان التمثيل العربي على مدى نحو 40 عاماً.جوائز وتكريمات
حصد الفنان الراحل الكثير من الجوائز والتكريمات طيلة مسيرته، وكان الوجه الأبرز في معظم المهرجانات الفنية العربية، ففي عام 2007 حاز جائزة المجلس القومي لحقوق الإنسان لأفضل الأعمال الفنية والإعلامية، وفي 2009 حصل على جائزة أفضل ممثل من الأكاديمية الإفريقية السينمائية عن فيلم «ألوان السما السبعة»، ودرع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم (حاكم دبي) من الملتقى العربي الرابع للمنتجين العرب، وآخر جوائزه كان في فبراير 2019 حين نال جائزة الريادة السينمائية من مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما في دورته الـ67، بخلاف تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي عام 2018.حكاية صورة جمعت الفيشاوي وعبدالرضا
كانت الكويت دائماً تستعين بفنانين من مصر ضمن التعاون الفني بين البلدين، للمشاركة في أعمال درامية أو فعاليات فنية مختلفة بين حين وآخر، وقد انتشرت صورة قديمة نادرة تجمع بين فاروق الفيشاوي والنجم الكويتي عبدالحسين عبدالرضا، وتناقل مدونون الصورة عبر وسائل الـ «سوشيال ميديا»، باعتبار أنها التقطت للنجمين الراحلين ضمن عمل فني جمع بينهما.لكن الحقيقة، بعد الاستيثاق من الصورة، اتضح أنها التقطت لهما في مقر وزارة الإعلام الكويتية على هامش حفل نظمته الوزارة في عام 1984 تضمن أوبريتاً غنائياً بعنوان «الزمان العربي»، غنى فيه شادي الخليج (عبدالعزيز المفرج)، وحضره عددٌ كبير من نجوم الفن المصريين، أبرزهم الزعيم عادل إمام والسندريلا سعاد حسني وصلاح السعدني وفاروق الفيشاوي.ولم يجمع أي عمل فني بين الفيشاوي وعبدالرضا، لكنّ المفارقة أن زوجة الفيشاوي السابقة، الفنانة سمية الألفي، هي التي شاركت الفنان الكويتي الراحل بطولة مسلسل «لن أمشي طريق الأمس»، الذي عُرِض على الشاشة الفضية في عام 1995، إلا أنه لم يحقق أصداءً واسعة كالتي حققتها معظم أعمال عبدالرضا المميزة.