في اليوم العاشر من العدوان على غزة، أبلغ الرئيس الأميركي ​جو بايدن​ رئيس الوزراء الإسرائيلي ​بنيامين نتنياهو، أمس، بأنه​ يتوقع منه خفض التصعيد بشكل كبير بدءاً من يوم أمس، قبل الإعلان وقف القتال بشكل كامل.

وإذ أكد ​البيت الأبيض أن بايدن هاتف نتنياهو صباح أمس للمرة الرابعة خلال أسبوع وناقش معه تقدم إسرائيل في إضعاف قدرات حركة "حماس" وفصائل غزة، شدد على أن الإدارة الأميركية تعمل "جاهدة لدعم وقف لإطلاق النار، والتوصل إلى هدوء دائم وبناء الطريق لمعالجة أسباب الصراع"، مؤكداً "إجراء أكثر من 60 اتصالاً هاتفياً منذ الأسبوع الماضي مع مسؤولين في إسرائيل والسلطة ودول أخرى".

Ad

وقبل الاتصال، قال مسؤول في إدارة بايدن، للإذاعة العبرية، "قلنا لإسرائيل أن عليها وقف إطلاق النار في غزة، وأن استمرار العملية العسكرية سيكون لها تداعيات"، محذراً من أنه في حال عدم التوصل لهدنة، فإن الغضب لن يقتصر على مصر والأردن، بل سيمتد إلى دول أخرى خصوصاً الخليجية".

وقال المسؤول إن كبار مسؤولي إدارة بايدن أكدوا للإسرائيليين أن "الوقت ليس في مصلحتهم مع الاعتراضات الدولية على تسعة أيام من الغارات الجوية وصواريخ حماس".

وأبلغ مسؤول إسرائيلي كبير صحيفة "هآرتس" بأن وقف إطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ اليوم الخميس "إلا مع حدوث تطورات غير متوقعة".

سحق «حماس»

ووسط الضغوط الأميركية والدولية لفرضة هدنة بلا اتفاق، توعد نتنياهو أمس، بسحق حركة "حماس" إذا لم تنجح حملة القصف الجوي على قطاع غزة في ردعها، مؤكداً أنها وحركة "الجهاد الإسلامي" أطلقتا 4 آلاف صاروخ تقريباً خلال الجولة الحالية من التصعيد.

وقال نتنياهو، خلال مؤتمر عقده مع وزير خارجيته غابي أشكنازي وحضره أكثر من 70 سفيراً ودبلوماسياً أجنبياً في تل أبيب، "نواجه تنظيماً إرهابياً إسلامياً متطرفاً يستولي على قطعة من الأرض على مقربة مباشرة منا، وهناك طريقتان فقط يمكن التعامل بهما معه إما أن تسحقهم، وهذا دائماً احتمال مفتوح، أو تردعهم، ونحن منخرطون الآن في ردع قوي ولا نستبعد أي احتمال".

واتهم "حماس" بإنشاء بنى تحتية واسعة النطاق تحت غزة وباستخدامها مناطق مأهولة لتخزين أسلحة وشن هجمات على إسرائيل واستغلال المدنيين كدروع بشرية.

وصرح نتنياهو بأن إسرائيل "لم تسع إلى هذا النزاع، وجذوره تعود إلى إلغاء الانتخابات العامة الفلسطينية، واستغلال حماس يوم القدس والتطورات في حي الشيخ جراح لتأجيج أعمال العنف والشغب من أجل تحقيق أهداف جيوسياسية".

وشدد على أنه اتخذ سلسلة إجراءات بهدف تخفيف التوترات وتفادي التصعيد، منها طلب تأجيل إجراءات إجلاء ست عائلات فلسطينية من الشيخ جراح، وحث اليهود على الامتناع عن زيارة الحرم القدسي في أيام محددة، لكن هذه الخطوات لم تنجح.

ودعا نتنياهو الدول الأخرى إلى إبداء التضامن مع إسرائيل، محذراً من أنه إذا اعتقدت "حماس" أنها تحقق انتصاراً فإنه يمثل "هزيمة لنا كلنا وللغرب بأسره"، وأعرب عن امتنانه للدبلوماسيين الأجانب الحاضرين لما قدمته دولهم من الدعم إلى إسرائيل في هذه "اللحظة العصيبة".

وقف القتال

وإذ أكد نتنياهو عدم وجود جدول زمني لإنهاء العملية وأنه "يهتم أولاً بتحقيق الأهداف المطروحة وليس بموعد انتهاء الحملة"، كشف مصدر عسكري أن إسرائيل تجري تقييماً للتأكد مما إذا كانت شروط "وقف إطلاق النار" مستوفاة.

وقال: "نحن نقيم ما إذا كانت إنجازاتنا كافية وما إذا كان هدفنا في إضعاف القدرة القتالية لحركة حماس في غزة قد تحقق"، متسائلاً عما إذا كانت الحركة ستفهم "الرسالة" التي تقول أن قصفها الصاروخي لإسرائيل لا يمكن أن يتكرر.

وشهدت الساعات الماضية، محاولات مكثفة لإقرار الهدنة عبر جهود مصرية ودولية واسعة، استندت على وضع تكلفة التصعيد وحسابات التهدئة، على طاولة الجانبين، وذلك لوقف إهدار حياة المدنيين من النساء والأطفال.

وفي حين أكد وزير خارجية مصر سامح شكري استمرار المساعي للتوصل لوقف كامل لإطلاق النار، ذكرت القناة الـ 12 العبرية، أمس الأول، أن مصر قدمت اقتراحاً للتهدئة يسري اعتباراً من الساعة السادسة صباح اليوم وحركة "حماس" وافقت عليه، لكن عضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق، نفى صحة الأنباء في تغريدة، مؤكداً أنه لم يتم التوصل لاتفاق أو توقيتات محددة.

وفي وقت سابق، أكد قيادي في "حماس" أن جهود مصر وقطر تصطدم بنقطتين رئيسيتين الأولى إصرار الحركة على أن أي اتفاق يجب أن يشمل إنهاء "الاستفزازات" الإسرائيلية في المسجد الأقصى والتهديد بإخلاء حي الشيخ جراح، والثانية، إصرار إسرائيل على أن تبدأ "حماس" وقف النار أولاً.

موقف روسي

وفي موقف روسي لافت، أبلغ نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف سفير إسرائيل ألكسندر بن تسيفي رفض موسكو لأي خطوات من شأنها أن تؤدي لسقوط المزيد من الضحايا المدنيين، محذراً من ذلك سيكون غير مقبول.

إلى ذلك، وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، عدوان إسرائيل في قطاع غزة بـ"إرهاب دولة منظم وجرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي"، مشدداً على أن السلطة "لن تتهاون في ملاحقتها أمام المحاكم الدولية".

وقال عباس، في كلمة أمام البرلمان العربي عبر الفيديو، "عملنا منصبّ اليوم على وقف العدوان على شعبنا في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، ثم الدخول في عملية سياسية جدية وبمرجعية دولية واضحة تفضي لإنهاء الاحتلال".

وقالت وزارة الخارجية، إن الوزير رياض المالكي أرسل رسالة إلى المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية يطالبها باتخاذ خطوات ذات مغزى لوقف العدوان الإسرائيلي وإصدار بيان تحذير شديد اللهجة لما يرتكبه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بغزة، ومحاولاتها إجلاء أهالي حي الشيخ جراح بالقوة".

ميدانياً، أكد الناطق باسم جيش الاحتلال هيدي زيلبرمان أمس، بدء المرحلة الخامسة من العدوان على غزة بقيام 52 طائرة حربية نفذت 122 غارة خلال 25 دقيقة، موضحاً أن هذه المرحلة من القصف هدفت إلى مواصلة تدمير شبكة أنفاق "حماس".

وجدد الجيش الإسرائيلي تأكيده أنه حاول مرتين تصفية قائد "كتائب القسام" الجناح العسكري للحركة محمد الضيف خلال هذه الحرب وفشلت، كما منيت محاولاتها في تصفية 7 قياديين آخرين بالحركة بالفشل.

في السياق، قال وزير الاستخبارات إيلي كوهين، لصحيفة يديعوت أحرونوت" إن رئيسي المكتب السياسي لحركة حماس في الداخل يحيى السنوار والخارج إسماعيل هنية، على قائمة الأهداف، مضيفاً أن ضغوطاً مورست لوقف النار، لكنها صدتها لأن لديها مهمة عليها إتمامها.

وفي مقابل إعلان الجيش الإسرائيلي توسيع هجماته على أهداف إلى الجنوب واستهدافه لبرج الأندلس بصاروخ أطلق من طائرة مسيرة، أكدت الفصائل أنها قصفت عدداً من قواعده العسكرية وأطلقت عشرات الصواريخ على مدن عدة سقط أحدها في شارع رئيسي بين أسدود وتل أبيب، موضحة أن دفعة طالت عسقلان واسدود ومواقع أخرى أبعد ضمن غلاف غزة.

وقالت "كتائب القسام"، إنها استهدفت قواعد عسكرية في كل من حتسور وحتسريم ونيفاتيم وتل نوف وبلماخيم ورامون، مبينة أنها وجهت أيضاً ضربة بعشرات الصواريخ لأسدود وعسقلان وبئر السبع.

وأعلنت "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، قصفها تل أبيب برشقة صاروخية ثقيلة، مشددة على أن "قدراتها وإمكاناتها بخير ولديها مزيد، وهذه صورة مصغرة جداً من إعداد كبير للمواجهة لشهور طويلة".

ولاحقاً، أعلن الجيش الإسرائيلي أن مدفعيته تقصف أهدافا داخل الأراضي اللبنانية. وذكر أنه تم إطلاق أربعة صواريخ من داخل لبنان باتجاه إسرائيل، وأن الدفاعات الجوية اعترضت صاروخاً واحداً، وسقط آخر في منطقة مفتوحة، واثنان في البحر.

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن طائرات المحتل ومدفعيته وبوارجه الحربية شنت أكثر من 1615 غارة واعتداء خلال 10 أيام، طالت مختلف مناطق القطاع، وتركزت على البيوت والمباني السكنية والمقار الحكومية والبنى التحتية من طرق وشبكات كهرباء ومياه وصرف صحي، مبيناً أن غارات الليلة الماضية بلغت أكثر من 165.

وفي تقرير جديد، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أمس، أن إسرائيل استهدفت 525 منشأة اقتصادية في هجماتها الجوية وبنيران المدفعية على غزة المتواصلة لليوم العاشر على التوالي، معرباً عن بالغ قلقه من تدمير عدداً كبيراً من المنشآت الاقتصادية والتجارية في هجماتها المتواصلة وتداعياتها السلبية المباشرة.

بدورها، اتهمت وكالة "أونروا" سلطات الاحتلال برفض إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، محذرة من أن الفئات المعرضة للمخاطر هي "النساء الحوامل والأطفال والأشخاص ذوو الإعاقة والحالات الطبية الخطيرة وكبار السن على الرغم من الاحتياجات الهائلة".

الضفة تقاوم

وفي الضفة الغربية المحتلة، التي أعلنت وزارة الصحة، أمس، أن قوات الاحتلال قتلت بالرصاص فلسطينية قرب مدخل مستوطنة كريات أربع وتركتها ملقاة على الأرض، ومنعت الطواقم الطبية من الوصول إليها.

ونصبت قوات الاحتلال الحواجز في جميع أرجاء الضفة وشنت حملة اعتقالات واسعة طالت أمس 21 فلسطينياً، 9 منهم في الخليل و3 في نابلس ومثلهم في جنين. وفي بيت لحم، اعتقلت أربعة مواطنين وفي رام الله، شابين من محافظة رام الله والبيرة بعد مداهمة منزليهما.