ثقة
الثقة هي حجر الأساس لجميع العلاقات الإنسانية، فالثقة بالنفس وصونها وتقديرها ستجعل من حولك يحترمك تلقائياً، ووضع الحدود للنفس ومنعها من التلفظ بالسيئ من القول أو الفعل يرسم هذه الحدود من حولك ضمنياً فلا يتعداها الآخرون إلا فيما ندر، وفي هذه الحالة يكون الحل الأفضل بالترفع والتسامي عن تراشق السهام الجارحة وتصعيد الأمور، فالسلام قيمة عليا قد تفوق أهميتها أن نكون دائماً على حق.أما الثقة بالآخرين فهي مفتاح القلوب وهي سبيلك حتى إلى أشد الأرواح تيبساً وانغلاقاً، فنحن عندما نحسن الظن بالآخرين فإنهم سيقدمون لنا أفضل ما لديهم، فما أجمل التعامل مع الآخرين بحسن نية وعدم المبالغة بتفسير كل صغيرة وكبيرة؛ هكذا تكون العلاقات صافية وواضحة كالصفحة البيضاء.يقول أوشو في كتابه عن الثقة: "نحن نثق بالغرباء في المطار فنأتمنهم على أمتعتنا إن اضطررنا لمغادرتها مؤقتاً وغالباً ما يكون هؤلاء أهلاً للثقة، فالبشرية مجبولة على العناية ببعضها بعضا"، أما في تلك الأحيان النادرة التي يخون فيها البعض الثقة فلا داعي للانتقام، فالشعور بالذنب سيلازم هؤلاء ويقض مضجعهم، فلا يوجد شعور أسوأ من أنك أخطأت في حق البريء الذي ائتمنك على نفسه، وذلك عقاب كاف بحد ذاته.
كذلك يجب علينا ألا نجعل شخصاً واحداً يدمر لدينا شعور الثقة والأمان مع الآخرين، فهي مجرد تجربة سيئة فحسب، وعلى الرغم من ذلك فإن الثقة بالآخرين لا تعني السذاجة، فالثقة شيء ثمين في نهاية المطاف، أعطِ كل من حولك المقدار الصحيح منها بقدر وعيه وأهليته، واستمع إلى حدسك جيداً فهنالك أشخاص لا يستحقون الثقة مطلقاً مع كل أسف. على أية حال، إن كانت علاقتك مع ذاتك طيبة وأريحية فلن تحتاج إلى ائتمان الآخرين على كل أسرارك الثمينة، فهي إن ثقلت عليك فكيف تتوقع من الآخرين حملها؟ اكتفِ بالقلة القليلة من الأصدقاء المقربين واستمتع بصحبة مختلف الرفاق والزملاء بكل أطيافهم وعلى اختلاف عمق ثقتك بهم، كن أنت أهلاً لثقة الآخرين ولا تكشف خصوصياتهم -حتى إن استصغرتها- وستبني جسوراً متينة لعلاقتك بمن حولك، فتبقى المعاملة بحسن النية هي الأساس وميزان التعامل مع الجميع.