الانتخابات الرئاسية السورية تثير أزمة في لبنان

آلاف السوريين المؤيدين للأسد يقترعون بسفارتهم ومواجهات مع لبنانيين... وقتيل سوري في البقاع

نشر في 21-05-2021
آخر تحديث 21-05-2021 | 00:04
آلاف السوريين أمام سفارتهم بلبنان بانتظار دورهم للتصويت أمس      (أ ف ب)
آلاف السوريين أمام سفارتهم بلبنان بانتظار دورهم للتصويت أمس (أ ف ب)
تحولت الانتخابات السورية في الخارج إلى أزمة سياسية في لبنان، الذي يعيش استعصاء سياسياً منذ أشهر، ويشهد أسوأ أزمة اقتصادية منذ سنوات. وتحولت «العراضات» التي قام بها سوريون مؤيدون للرئيس بشار الأسد، وهم في طريقهم للاقتراع في سفارة بلادهم، لمواجهات مع شبان لبنانيين، الأمر الذي أعاد فتح سجال حول أوضاع 1.5 مليون نازح سوري يقيمون في لبنان.
مع انطلاق الانتخابات الرئاسية السورية في الخارج، تدفّق آلاف اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان، وأغرقوا الشوارع، منذ صباح أمس، إلى سفارة بلادهم في اليرزة جنوب شرقي بيروت، للمشاركة في الاقتراع، مما أثار سجالاً سياسياً حول مليون ونصف المليون نازح سوري مسجلين يقيمون في لبنان، ما لبث أن تحول إلى مواجهات ميدانية بين شبان لبنانيين وقوافل الناخبين السوريين في أكثر من منطقة.

وكان رئيس "حزب القوات" سمير جعجع، أول من أثار القضية، وغرد مساء أمس الأول قائلاً: "يظهر أن عشرات آلاف النازحين السوريين في لبنان يتحضّرون للمشاركة في المهزلة المأساة المسماة انتخابات رئاسية في مقر سفارتهم في اليرزة". وتابع:"إن تعريف النازح واضح ومتعارف عليه دولياً وهو الشخص الذي ترك بلاده لقوة قاهرة وأخطار أمنية تحول دون بقائه فيها، وبالتالي نطلب من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال إعطاء التعليمات اللازمة لوزارتي الداخلية والدفاع والإدارات المعنية، من أجل الحصول على لوائح كاملة بأسماء من سيقترعون للأسد، والطلب منهم مغادرة لبنان فوراً والالتحاق بالمناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد في سورية طالما أنهم سيقترعون لهذا النظام ولا يشكل خطراً عليهم".

وهناك إجماع في لبنان على ضرورة عودة النازحين السوريين الذين يشكلون عبئاً اقتصادياً واجتماعياً على البلاد التي تعاني أصلاً أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها الحديث. لكن كثيراً ما خضعت القضية لحسابات سياسية.

ويطالب "حزب الله" وحلفاؤه وبينهم "التيار الوطني الحر" الذي كان موضوع النازحين السوريين أحد شعاراته في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بتكثيف الاتصالات مع السلطات السورية لحل هذه القضية، لكن القوى المناوئة للحزب ولدمشق ترفض تطبيع العلاقات بشكل كامل، وتدعو إلى الالتزام بالموقف العربي الذي لا يزال مقاطعاً إلى حد كبير للسلطات في دمشق.

نهر الكلب

ومن الصباح، أغرقت مواكب سورية تتجه من مختلف المناطق اللبنانية التي يقيم النازحون فيها إلى اليرزة. ورفعوا صور الرئيس السوري بشار الأسد ووالده حافظ الأسد مطلقين هتافات وأناشيد مؤيدة في مكبرات الصوت مما استفز شباناً لبنانيين خصوصاً في بعض المناطق المسيحية التي شهدت خلال الحرب معارك عنيفة مع الجيش السوري ومعروفة بعدائها للسوريين.

وفي منطقة نهر الكلب، على مدخل بيروت الشمالي، اشتبك عشرات الشبان اللبنانيين، الذين يحمل بعضهم العصي، مع ركاب سيارات وحافلات للناخبين السوريين وقاموا بتكسير سياراتهم بالعصي وبالحجارة وضرب من بداخلها وتمزيق صور الأسد.

وشهدت منطقة الأشرفية شرق بيروت، اشتباكات بين شبان لبنانيين وموكب سيارات كان يحمل الأعلام السورية وفي طريقه نحو السفارة للمشاركة في الانتخابات.

وقام الشبان اللبنانيون بنزع صور الأسد وتمزيقها وحرق الأعلام السورية وتحطيم زجاج بعض السيارات، مما استدعى تدخلاً من الجيش.

وفي منطقة شتورا البقاعية، أفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" بوفاة سوري بذبحة قلبية داخل حافلة تعرضت للرشق بالحجارة من دون أن تتضح ملابسات وفاته.

وشهدت مناطق البقاع زحمة سير خانقة على الطرق الدولية والرئيسية، نتيجة تحرك الحافلات التي نقلت الناخبين السوريين من نقاط التجمع الى السفارة السورية.

وأمام مقر السفارة السورية في اليرزة، اكتظ الشارع بسوريين مرددين هتافات عدة أبرزها "بالروح بالدم نفديك يا بشار". وقالت السفارة انها ستبقي أبوابها مفتوحة للناخبين حتى منتصف ليل الخميس ــ الجمعة بسبب كثافة المشاركة.

مقدمة للعودة

وتعليقاً على الإشكالات، اعتبر ​السفير السوري​ في ​لبنان​ ​علي عبدالكريم علي،​ أن "الاعتداء على حافلات الناخبين مؤلم ولا يليق باللبنانيين ويسيء إلى صورة لبنان ونضعه برسم السلطات المعنية".

وأوضح "أننا طلبنا من محامي السفارة السورية في لبنان أن يقيموا دعاوى بحق المعتدين، ويجب أن يحاسب المعتدون في القضاء".

وتوجه ​السفير ​إلى الاعلاميين، قائلاً: "راقبوا مشاعر الناخبين السوريين واندفاعهم للانتخابات، فهم ينتخبون أمانهم الذي افتقدوه في ​سورية​ وكرامتهم التي لم يجدوها خارجها". وأضاف: "اننا نرجو لهذا الاستحقاق أن يكون مقدمة سريعة لعودة السوريين إلى وطنهم الذي اشتاقوا إليه".

اتهامات للقوات

واتهم الأمين القطري لحزب "البعث العربي الإشتراكي​" في ​لبنان​ ​نعمان شلق​ مناصري حزبي "القوات"​ و"​الكتائب"​ بالوقوف وراء مهاجمة مواكب الناخبين.

من ناحيته، توجه رئيس ​"حزب التوحيد العربي"​ الوزير السابق ​وئام وهاب​ إلى رئيس حزب "​القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​:"أقول لك بمحبة لا تلعب بالنار. ​قطع الطرق​ والإعتداء على الناس خط أحمر وثمنه كبير. وأنت تعرف جيداً ثمن الأخطاء القاتلة".

ونشر رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل عبر "تويتر" صورة لعلم "القوات"، أرفقها بالتعليق التالي:"عندما قلنا بعودة آمنة وكريمة للنازحين السوريين، قلتم إنّنا عنصريون، وعندما وضعنا خطة حضارية لعودة آمنة وكريمة للنازحين، عارضتموها وقلتم إننا فئويون، وعندما تضربون نازحين مسالمين ذاهبين للتصويت في سفارة بلدهم وتعتدون على أمانهم وكرامتهم، نقول عنكم إنّكم نازيّون، مع فرق واحد، إنها الحقيقة".

وبينما انتقد النائب ​جميل السيد، جعجع​ و"شركاءه"، قائلاً لهم "صدمكم اليوم زحف السوريين طوعاً لانتخاب الأسد، وأفلستم، فأرسلتم زعرانكم لضربهم"، اعتبر عضو ​"كتلة التنمية والتحرير"​ النائب ​قاسم هاشم، أن "ما حصل كشف حقداً وعنصرية".

في السياق، قال رئيس جهاز العلاقات الخارجية في "القوات اللبنانية" ريشار قيومجيان: "زايدتم علينا بالأمس تفضلوا رجعوهم اليوم. النازحون السوريون الذين ينتخبون بشار الأسد ويتظاهرون تأييداً له يعني ما عندهم مشكلة سياسية أو أمنية أو قانونية تمنعهم من العودة الآمنة والكريمة الى بلادهم مع عائلاتهم".

من جهتها، اعتبرت الوزيرة السابقة مي شدياق "أنهم يدّعون النزوح ويطالبون المجتمع الدولي بدعمهم بـ fresh money فيما هم عبء إضافي على اقتصاد لبنان المنهك! عند أبواب السفارة السورية يصرخون بالروح بالدم نفديك يا بشار الأسد. طالما لستم مهددين، عودوا من حيث أتيتم".

وشدّد النائب المستقيل ​نديم الجميل​، على أنّ "مَن يريد مبايعة الأسد​ والتهليل له، فليهلّل في ​سورية". وأكّد أنّ "العراضات ومواكب الدعم للأسد ما بتقطع بجونية​ و​نهر الكلب​، وقطعاً مش بالأشرفية​"، مشيراً إلى أنّه "إذا النازخ بدّو يصوّت ليلّي كان السبب بنزوحه، فهيدا دليل كافي إنّو لازم يترك بلادنا ويرجع عند اللي هجّرو". (بيروت ـــ وكالات)

دعوات لترحيل النازحين وباسيل يصف «القوات» بـ«النازيين» ووهاب يحذر جعجع من «ثمن كبير»
back to top