د. أحمد الخطيب رمز الحركة الوطنية في الخليج العربي
يُستحق أن تحتفل كل القوى الوطنية والقومية والتقدمية في الخليج العربي والجزيرة، وعموم الوطن العربي الكبير بالعيد الرابع والتسعين لميلاد الرمز الوطني الكبير الدكتور أحمد الخطيب الذي عرفته الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج قائداً ومفكراً ثورياً ومنظماً ومحرضاً يتقدم الصفوف من موقع المسؤولية الأولى. لم يكن الدكتور الخطيب شخصية عابرة في تاريخ الحركة الوطنية العربية، فالرجل قامة كبيرة في عالم النضال السياسي والقومي، وشكل ظاهرة فريدة في تاريخ الحركة الوطنية في الخليج العربي، فمن حركة القوميين العرب التي أسهم في تأسيسها في الجامعة الأميركية ببيروت إلى جانب رفاق دربه د. جورج حبش، ود. وديع حداد والأستاذ هاني الهندي والأستاذ حامد الجبوري في بداية الخمسينيات كأكبر ظاهرة عربية منجزة في التاريخ العربي الحديث بحسب معظم المؤرخين، والتي امتدت لتغطي أرجاء الوطن العربي الكبير تقود العمل الثوري في ساحات عربية مختلفة.حركة ثورية معادية للاستعمار والصهيونية والإمبريالية العالمية، أسست لحُلم عربي كبير في التحرر والوحدة العربية والاشتراكية، مرورا بعدة إطارات سياسية محلية وإقليمية.
لم يغادر الدكتور الخطيب يوما العمل الوطني والقومي، وبقي في صلب المهمات الوطنية مناضلا متمسكا بالثوابت الوطنية والقومية التي قدم جل شبابه في سبيلها ولا يزال، لقد شكل الدكتور الخطيب مدرسة في الإخلاص والتفاني لقضايا الأمة العربية وقضية الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، تميزت بالثبات على المبدأ فكان ملهماً للأجيال في الخليج العربي وضوءاً ينير الدرب في الظروف الصعبة.لم يفقد البوصلة الوطنية يوما ولم تضعفه الهزائم والانكسارات، تتجلى شخصيته في المحن والملمات الصعاب، مبدع في اجتراح الحلول لمعضلات الواقع العربي وقادر على استشراف آفاق العمل الوطني من موقع التجربة التاريخية بلا مزايدة أو استسلام، تتلمذ على يديه وتعاليمه الوطنية والقومية أجيال خليجية معاقبة أسهمت ولا تزال في خدمة أوطانها من مواقع مختلفة.لقد كان الأب الروحي لكل الوطنيين في الخليج العربي، وجمعني لقاء بهذه القامة التاريخية والذي أسرني بعطفه ودماثة خلقه وتواضعه الجم وارتباطه العميق بالقضايا القومية، والذي أشاد بدور العمانيين التاريخي في صد الغزاة، وقد آلمني كثيراً، وكادت الأرض تبلعني خجلاً عندما علمت أنه ممنوع من دخول عدة بلدان عربية ومنها سلطنة عمان، يمنع الدكتور أحمد الخطيب ويستقبل نتنياهو وشمعون بيريز وقادة الموساد بأكاليل الغار والأهازيج الشعبية، يا لله إلى أين نحن ذاهبون، إنه شيءٌ لا يُصدق. على كل حال، وأنا أستعيد هذا اللقاء أعُجب لصلابة هذا المناضل وإصراره على تحقيق الأهداف التي ناضل في سبيلها ستة عقود ولا يزال، فينتابني شعور متناقض، أولاً بالفخر والاعتزاز لهذه المبدئية الثورية والتي نحن بأمس الحاجة إليها أكثر من أي وقت مضى، وثانيا الحزن الشديد لعدم تحقيق الأهداف التي ناضل في سبيلها كل هذه السنين والتي أصبحت بعيدة المنال للذين فقدوا إيمانهم ويقينهم بالجماهير الشعبية وطلائعها الثورية وقدرتها على النهوض من ركام الهزائم والعثرات المتتالية، مستندين الى الراهن ومعطياته تحت شعارات الواقعية الاستسلامية التي تفشت كالفطر في النخب العربية والمهزومة وطالت بعض القوى والأحزاب السياسية التي لم تعد ترى أفقاً للنصر. تجربة الدكتور الخطيب تعلم الأجيال العربية درساً في الوطنية الحقة وأن الثوريين الحقيقيين لا يتعاملون مع المبادئ والأحلام الكبرى بمنطق الهزائم الموقتة، فالأمة العربية بتراثها وإمكاناتها الكبرى قادرة على تحقيق الأهداف التي استشهد تحت رايتها ملايين الشهداء حتى تعيش تحت الشمس بمكانة تليق بعظمتها ورسالتها التاريخية.سيأتي يوم تتحقق فيه أحلام الدكتور الخطيب وكل الثوريين الذين قضوا حياتهم في سبيل عزة الأمة العربية وكرامتها في التحرر والتقدم والازدهار والوحدة، مهما كانت الصعوبات والمعوقات ومهما بدا ذلك في عداد المستحيلات في هذا الزمن العربي الرديء، فقد قال تعالى: "من المؤمنين رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا"، والدكتور أحمد الخطيب من الذين لم يبدلوا تبديلا.في عيد ميلادك الرابع والتسعين لك كل التقدير والاحترام والعمر المديد. * ظفار– سلطنة عمان