قبل نحو 5 أشهر من إجراء الانتخابات التشريعية ووسط تنامي للخلافات السياسية والحزبية، ضربت موجة اغتيالات جديدة الساحة العراقية وطالت زعماء سياسيين وقبليين ونشطاء.

وأفادت تقارير، أمس، بإقدام مسلحين مجهولين على قتل هاشم المشهداني، أحد أعضاء "تحالف العزم" الانتخابي في العاصمة بغداد.

Ad

ورأى رئيس التحالف السنّي، خميس الخنجر، أن اغتيال المشهداني يمثّل "رسالة خطيرة تؤشر إلى ضرورة حماية العملية الديمقراطية وأصحاب الفكر والنشاط الجماهيري من السلاح المنفلت والمجاميع الإرهابية".

وأضاف الخنجر، الذي أسس التحالف من عدة أحزاب بالمحافظات التي تم تحريرها من قبضة تنظيم داعش: "ننتظر القصاص العادل من القتلة وممّن دفعهم".

في غضون ذلك، ذكرت منصات أن مسلحين من التنظيم المتشدد تمكّنوا من قتل مجيد المسرهد، أحد شيوخ العشائر في محافظة صلاح الدين شمالي البلاد.

وأمس الأول، اغتال مسلحون مجهولون، الناشط في مجال الإغاثة، رئيس تجمّع شباب الطارمية هشام الحجازي، في أحد شوارع المدينة الواقعة شمالي بغداد.

رأس أبو رغيف

وتزامنت الموجة الجديدة من الاغتيالات مع تزايد حدة التوتر بين الفصائل العراقية المسلحة، المرتبطة بإيران والمتهمة بالتورط في استهداف النشطاء والمعارضين لها، والقوات الأمنية التابعة لحكومة مصطفى الكاظمي.

وقبل نحو 10 أيام، اشتعل ليل محافظة البصرة جنوب البلاد بالرصاص، على خلفية اشتباكات بين مجاميع مسلحة قيل إنها تابعة لـ "عصائب أهل الحق"، وقوة من "خلية الصقور" الاستخبارية، التي يديرها وكيل وزارة الداخلية، أحمد أبو رغيف.

ويبدو إن إدارة أبو رغيف المباشرة للخلية جعلته، من جديد، تحت سهام الميليشيات التي يطالب نواب عنها في البرلمان بإقالته بتهمة التآمر ونقل ضباط من الخلية إلى خارجها.

وقالت مصادر أمنية إن الاشتباكات اندلعت بعد محاولة قوة من جهاز مكافحة الإرهاب اعتقال مسؤول في "العصائب"، الشديدة الصلة بإيران، اسمه صباح الوافي.

وبحسب مصدرين أمنيين من البصرة، فإن "الوافي لم يعتقل، وكذلك لم يجر اعتقال مسؤولين آخرين منهم شخص اسمه عمار".

وقال أحد المصدرين، وهو من مديرية استخبارات المحافظة، إن "الوافي انتقل إلى مكان مجهول"، فيما قال المصدر الثاني وهو من فوج مكافحة الإرهاب إن "الوافي مطلوب بتهم قتل".

وفي حين لم يعتقل الوافي، أفد مصدر في جهاز "مكافحة الإرهاب" بأن ابنه أصيب في عملية الاعتقال بجروح طفيفة.

ورغم أن المصادر تقول إن جهاز "مكافحة الإرهاب" هو من قام بالعملية، فإن مسلحي "العصائب" هاجموا مقر "خلية الصقور" بمجمع القصور الرئاسية في المحافظة "ظنّا منهم أن الخلية هي التي نفذت محاولة الاعتقال" وفق قائد عمليات البصرة الذي أقيل إثر العملية، أكرم صدام، والذي قال قبل إقالته إن "القيادات الأمنية تدخلت وتم حلّ القضية".

ويبدو أن جهود أبو رغيف، الذي يوصف بأنه "أقوى أذرع الكاظمي الضاربة" بمواجهة الفساد، جلبت له عداء الميليشيات. واعتقلت "خلية الصقور"، التي يشرف عليها أبو رغيف شخصيا، عدداً من المتهمين بالقتل والسلب بالبصرة في أبريل الماضي، منهم أعضاء ما عُرف بـ "خلية الموت" المتهمة بقتل ناشطين وناشطات، والتي يعتقد أنها تابعة لكتائب "حزب الله العراق".

خلافة الكاظمي

ويأتي ذلك في وقت بدأ مبكراً إعلان أسماء مرشحي الأحزاب السياسية إلى رئاسة الحكومة المقبلة، في وقت يقول خبراء في الشأن السياسي إن رئيس الوزراء الحالي قد يكون مرشح تسوية مع بروز تحالفات معتدلة قد تكون لها كلمة الفصل.

وأعلنت أحزاب سياسية أسماء مرشحيها إلى رئاسة الحكومة، على رغم البعد النسبي لموعد الانتخابات، في حين تحتفظ أخرى، بأسماء مرشحيها على أمل طرحهم في الوقت المناسب، وخلال المفاوضات الرسمية.

وأعلن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ترشيح الأخير لمنصب رئاسة الحكومة المقبلة، في حال حصوله على المنصب.

بدوره، يرى المحلل السياسي علي البيدر، أن "حظوظ الكاظمي قد لا تكون قوية بذاتها، لكن من الممكن طرحه كمرشح تسوية، كما تم اختياره أول مرة عام 2020، على رغم وجود تحديات أمام هذا المسار، وأبرزها علاقته غير المتصالحة مع المجموعات المسلحة والميليشيات، غير أن مقبوليته من الكتل السنيّة والكردية، وبعض الأقليات الأخرى، فضلاً عن التيارات المدنية والنخب المثقفة التي تؤكد ضرورة وصول شخصيات مدنية تعزز الحياة العامة وتبتعد بالبلاد عن الرؤى المذهبية".

وتخوض أغلب الكتل الشيعية الاقتراع المبكر بشكل منفرد، حيث صادقت مفوضية الانتخابات على تحالف "الفتح" برئاسة هادي العامري، و"ائتلاف دولة القانون" والكتلة الصدرية التابعة لرجل الدين البارز مقتدى الصدر.

ورهن الصدر مشاركة تياره في الانتخابات بمؤشرات إمكانية وصول رئيس وزراء "صدري" إلى سدة الحكم.

ورغم إعلان الكاظمي انسحابه من السباق، فإن الأروقة السياسية تتداول اسمه كمرشح محتمل لولاية ثانية، في ظل بقاء الظروف التي أنتجت حكومته الحالية، وهي تداعيات الاحتجاجات الشعبية، والتراجع النسبي في دور إيران داخل العراق، وفرض التظاهرات نفسها كعامل آخر في مسألة تشكيل الحكومة واختيار رئيسها، والشروط المطلوب توفرها.

إلى ذلك، عبّر قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال فرانك ماكينزي، عن تفاؤله بانتقال أسر عناصر تنظيم "داعش" من مخيم الهول، الواقع شمالي شرقي سورية، إلى بلدانهم الأصلية، بعد أن كان قد حذّر مراراً من أن الشباب في المخيمات باتوا متطرفين وسيشكلون الجيل القادم من المقاتلين الخطرين.

وأكد ماكينزي، في زيارة غير معلنة قام بها إلى شمال سورية، أمس الأول، على أن "الدول بحاجة إلى إعادة مواطنيها وإعادة دمجهم، وتخليصهم من التطرف عند الضرورة، وجعلهم عناصر منتجة للمجتمع".

وأكد مسؤول أميركي كبير أن نقل الأشخاص من المخيم يعد ملفا من ملفات عدة تناقشها الحكومتان الأميركية والعراقية، ضمن سعيهما لوضع خريطة طريق للعلاقات الدبلوماسية والعسكرية المقبلة فيما بينهما.