في الوقت الذي يتعين على وزارة العدل ومسؤوليها النظر في قرار زيادة الموظفين في الإدارات المساندة للمحاكم، ومنها زيادة أمناء سرّ الجلسات ومندوبي الإعلان، تُتخذ قرارات بوقف الدورات التي كان يتعين عقدها لبعض الموظفين من أجل الحصول على مسميات لهم قبل العمل بوظائف في المحاكم.دعم المحاكم بالعناصر البشرية والخبرات والكفاءات الوطنية أمر في غاية الأهمية، لما يشكله من تحقيق لمتطلبات الحاجة الفعلية التي تعانيها المحاكم، والتي كشف الواقع العملي عن ضرورة دعمها بالعناصر البشرية التي أصبحت جزءا مهما من أجل تسيير العمل في المحاكم.
ورغم أن العنصر البشري ليس الحل الوحيد الذي من شأنه تسيير العمل في المحاكم، وإنما التحول الرقمي والإلكتروني كذلك، وهو ما يتعين توفيره في ظل الارتفاع الكبير لعدد القضايا في المحاكم، التي زادت أعدادها لأكثر من مليون ونصف مليون قضية في المحكمة فقط خلال عام «كورونا».لا يمكن أن يستوعب الوضع الحالي هذه البشرية المتواضعة من الموظفين حجم الزيادات التي يشهدها الواقع العملي في المحاكم، ففي شهر أبريل الماضي قيدت المحكمة الكلية فقط 47 ألف دعوى قضائية غير جنائية، ولا شك في أن هذا العدد الكبير لشهر واحد فقط يتطلب متابعة وإعلانا وتجهيزا للجلسات، وهو أمر لا يمكن تحقيقه في ظل الإمكانات المتوافرة.حال المحاكم المتردية إداريا، والواضح لمسؤولي وقياديي الوزارة، بات على محك المساءلة القانونية، وهو ما يتعيّن على المسؤولين إدراكه، خاصة أن العديد من المتقاضين تحصلوا على أحكام قضائية بإلزام الوزارة بتعويضهم بمبالغ مالية بسبب فقد ملفات الدعاوى، أو فوات مواعيد الطعن، أو تضررهم من الإهمال الإداري في المحاكم، وهو ما يعكس في الختام ما أثاره المسؤولون القانونيون لقياديي وزارة العدل، ويشير أيضا إلى قضية صلاحيتهم في إدارة المرفق الإداري للمحاكم.ليست هناك حلول ناجحة لإصلاح الوضع الإداري في المحاكم سوى بإقرار مشروع إنشاء هيئة مستقلة لإدارة المحاكم والنيابة العامة وإدارة الخبراء، باعتبارها أضلاعا تمثّل العدالة، ومن الواجب إبعاد تبعيتها عن وزارة العدل إداريا، وربطها بهيئة توفّر لها الاستقلال الإداري والمالي، بعيدا عن تدخلات الوزير وقياديي الوزارة، التي عبثت بالعمل الإداري في المحاكم وعطلت إداراتها.
مقالات
مرافعة: هيئة مستقلة للمحاكم!
25-05-2021