حقيقة إن ما يدعو الى السخرية هو بيان استقالة شربل وهبة، والأسخف منه هو تنصل رئيسه ميشيل عون من مسؤولية تصريح ما يسمى وزير خارجية لبنان، فشربل وهبة لم يتفوه بما قاله ضد أسياده عرب الخليج إلا استجابة لتعليمات معازيبه في قم، وتنفيسا لما يعتمل في صدره من حقد ضد الخليجيين تحديداً، أما رئيسه فلا يعدو أن يكون أحد سيوف العرضة البدوية اللبنانية، فلبنان بها أيضا قبائل بدوية عربية، حالها كحال كل بلاد العرب، ففي نهاية الأمر فاللبنانيون لم ينزلوا من السماء، ولم ينزحوا من أوروبا.

فاعتذار شربل وهبة ورئيسه، وحتى استقالته، لن يقدما ولن يؤخرا شيئا، فنية الإساءة تم التعبير بها، والرسالة وصلت إلينا واضحة وجلية، فنحن كمواطنين خليجيين لن تعنينا رسائل الاحتجاج، ولا الاعتذار اللبناني المفترض أن يكون رسميا، فما يجري وراء كواليس ما يسمى حكومة لبنان أمر معروف، فالذي يدير المشهد هو إيران عن طريق عميلها حسن نصرالله وحزبه الشيطاني.

Ad

وبما أننا نتكلم عن النفود الإيراني في لبنان، فنقول إن ذلك النفوذ ممتد أيضا في كل من العراق وسورية واليمن، وإنها لمضيعة وقت وجهد في كل عمليات التفاوض مع من يعتقد أنهم المسؤولون الحقيقيون عن إدارة بلادهم العسكرية والسياسية والطائفية، فهؤلاء في حقيقة أمرهم "حطب دامة" تحركهم إيران حسب مصالحها القومية البحتة، وليس لمصلحة بلدانهم، ولن يستطيعوا أن يعودوا الى صوابهم وإلا فمصيرهم الاغتيال كما حصل لعلي صالح عندما تمرد على إيران فاغتالوه في قصره.

هذا ما هو مفترض أن يستوعبه الجميع، فكل مشاكل لبنان واليمن والعراق وسورية سببها إيران، فهي من تمسك بتلابيب هذه الدول التي كانت في يوم ما صاحبة السيادة على أراضيها، ولكن عشاق السلطة والجاه باعوا أوطانهم خيانة وسلموا أمورهم للدخيل، وكانت النتيجة أن تحولت بلادهم الى دول فاشلة.

ولهذا فكل محاولات التسوية وإيقاف الحروب الطائفية والدمار والبؤس والفقر والفشل وانحدار قيمة عملاتهم قد أجهضت، لأنها لن تتم عن طريق من وكلت إليهم إيران إدارة بلدهم، فمن يريد أن يحلحل أمور هذه الدول العربية فعليه أن يقطع دابر الهيمنة والتغلغل الإيراني وإلا فإن ما يفعلون مضيعة وقت، وشخصيا أجزم بأن من فتح أبواب هذه الدول للتغلغل الإيراني يعلمون بذلك، وأن ما يهمهم أن يكسبوا أكبر وقت حتى يتم تدمير ما تبقى من قوة عربية كمصر والأردن ومجلس التعاون الخليجي، الذي لا يزال مصيره في مهب الريح.

● طلال عبد الكريم العرب