انتهت أزمة تدفق آلاف المهاجرين غير الشرعيين بينهم عدد كبير من القاصرين إلى جيب "سبتة" الإسباني على الحدود مع المغرب، بعد أن تدخلت قوات الأمن المغربية، التي اتهمتها إسبانيا بالتراخي، لكن الأزمة بين البلدين، التي اندلعت بسبب استقبال مدريد زعيم "جبهة البوليساريو" الانفصالية إبراهيم غالي للعلاج من "كورونا" في أبريل، لم تصل إلى آخر فصولها بعد.

وفي مقابلة مع "فرانس برس" نشرت أمس الأول، حذر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إسبانيا بأن السماح لغالي (75 عاماً) بمغادرتها دون محاكمة سيشكل "دعوة للتصعيد"، معتبراً أن الأزمة الحالية تمثّل "اختباراً للشراكة الاستراتيجية" التي تربط البلدين، خصوصاً فيما يتعلق بمكافحة الهجرة غير الشرعية.

Ad

وقال بوريطة، إنّ تجنّب التصعيد يمرّ بإجراء تحقيق شفّاف حول ظروف دخول غالي إلى إسبانيا و"الأخذ بالاعتبار الشكاوى المقدّمة ضدّه بتهمة التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان والاختفاء القسري".

وكانت سفيرة المغرب في إسبانيا التي عادت إلى الرباط للتشاور الأسبوع الماضي، قالت قبل أيام، إن العلاقات بين البلدين ستزداد سوءاً إذا غادر غالي إسبانيا دون محاكمة.

وأعاد القضاء الأسباني هذا الأسبوع فتح دعوى ضدّ غالي بشبهة تورّطه في "جرائم ضد الإنسانية" على خلفية شكوى قديمة رفعتها ضدّه جمعية صحراوية تتّهمه بارتكاب "انتهاكات لحقوق الإنسان" ضدّ معارضين في مخيّمات تندوف الواقعة غرب الجزائر.

وقالت وزيرة خارجية إسبانيا أرانتشا غونزاليث لايا، إن غالي عليه مواجهة القضية المرفوعة بحقه أمام المحكمة العليا الإسبانية بعد أن يتعافى من مشكلاته الصحية وقبل أن يعود لبلاده.

ووجه القضاء الاسباني بالفعل استدعاء لغالي للمثول أمامه، لكن المحكمة العليا الإسبانية رفضت طلباً قدمه المدعون للقبض عليه.

وكان غالي رفض قبول الاستدعاء والمثول أمام المحكمة، لأنه يتمتع بحصانة دبلوماسية بفضل جواز سفر جزائري، حسب ما قال أحد محاميه.

وأفاد مسؤول رفيع المستوى في "جبهة بوليساريو" أمس الأول أن غالي الذي نقل إلى مستشفى في منطقة لوغورنو (شمال إسبانيا) "يتعافى وتجاوز مرحلة الخطر".

كما تؤكّد الرباط أنّ زعيم الجبهة المدعومة من الجزائر دخل إسبانيا "بشكل احتيالي وبوثائق مزورة وهوية منتحلة"، لكن مصادر من الخارجية الإسبانية أفادت وكالة "أوروبا برس" أن غالي دخل بجوازه الذي يستوفي "المتطلبات العادية".

وبعد أسبوع حافل تدفّق خلاله نحو 10 آلاف مغربي بينهم آلاف القاصرين إلى جيب سبتة الإسباني، شدد الوزير بوريطة على أن "حسن الجوار ليس طريقاً ذا اتجاه واحد"، معتبراً أنّ المغرب "ليس عليه التزام حماية الحدود"، لكنّه يفعل ذلك في إطار الشراكة.

وأكّد وزير الخارجية المغربي أنّ بلاده قامت عام 2017 "بتفكيك أكثر من 4 آلاف شبكة (هجرة غير شرعية) ومنعت 14 ألف محاولة غير نظامية" لعبور الحدود، في حين أنّ المساهمة المالية الأوروبية في هذا الجهد كانت "بمتوسط 300 مليون يورو سنوياً" وهو مبلغ يمثّل أقلّ من 20 في المئة من المصاريف.

وقالت السلطات الإسبانية، أمس، إن نحو ألف مهاجر قاصر مازالوا في سبتة من أصل 7500 شخص أعيدوا إلى المغرب.

ويتجول هؤلاء القصر في الشوارع، إذا لم يحالفهم الحظ وتم إيواؤهم في مراكز تديرها السلطات المحلية، التي يجب أن تدرس كل حالة لتقرر ما إذا كانت ستعاد إلى المغرب أو تبقى في إسبانيا.

واتّهمت جمعية حقوقية مغربية سلطات سبتة بـ"استغلال" أزمة تدفّق المهاجرين لترحيل 40 لاجئا يمنيا، رغم أنهم كانوا في مركز استقبال طالبي اللجوء قبل الأزمة.