إيران: أزمة «مزارع العملات الرقمية» تنفجر مجدداً

قائمة مرشحي الرئاسة قد تعلن اليوم ولاريجاني وجهانغيري يواجهان احتمال الإقصاء

نشر في 25-05-2021
آخر تحديث 25-05-2021 | 00:04
شرطي إيراني يحاول تنظيم السير بنفسه قبل أيام في طهران بعد انقطاع الكهرباء عن إشارات المرور   (أ ف ب)
شرطي إيراني يحاول تنظيم السير بنفسه قبل أيام في طهران بعد انقطاع الكهرباء عن إشارات المرور (أ ف ب)
عادت قضية «مزارع العملات الرقمية» التي لجأت إليها السلطات الإيرانية بشكل مكثف بمواجهة حملة الضغوط القصوى، التي تبناها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ضدها لتطفو مجدداً، فيما يواجه رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني ونائب الرئيس الحالي إسحاق جهانغيري احتمال الإقصاء من السباق الرئاسي.
أكد مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لـ«الجريدة»، أن الخلافات بين أعضاء الحكومة من جهة، والمتشددين و«الحرس الثوري» من جهة أخرى، أدت إلى تعطيل جلسات متعددة للمجلس يومي السبت والأحد الماضيين واضطر أمين المجلس علي شمخاني لإعطاء عدة استراحات خلال الاجتماعات لتهدئة حدة المواجهة بين الفريقين بشأن تأثير ما بات يعرف بـ«مزارع العملات الرقمية» وعلاقتها بأزمة انقطاع التيار الكهربائي المستفحلة.

وأوضح المصدر، أن الخلافات تصاعدت بدأت بعد أن اتهم «الحرس الثوري» حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني ووزارة الطاقة باستغلال ملف «مزارع العملات الرقمية»، التي تنتج عملات بواسطة أجهزة حاسوب عملاقة تستهلك طاقة بكثافة، لقطع الكهرباء عن مناطق شاسعة بهدف إثارة غضب عامة الناس ضد المؤسسة العسكرية والأصوليين، قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وأفاد مؤيدو «الحرس» بأن جل ما تستهلكه تلك المزارع من الكهرباء يعادل نحو 2 في المئة من مجمل إنتاج البلاد من الطاقة، ويدر عليها مليارات الدولارات من العملة الصعبة في ظل العقوبات الأميركية.

في المقابل، اتهم مندوبو الحكومة «الحرس» بالحصول على العملة الرقمية وصرفها خارج البلاد بدل إدخالها للسوق المحلية، رغم استغلاله للكهرباء المدعومة في استخراج العملات المشفرة على غرار «البتكوين».

كما اتهم مندوبو الحكومة «الحرس» بضرب وشتم موظفي شركة الكهرباء الذين حاولوا الكشف عن عمل «مزارع العملات الرقمية» التابعة للمؤسسة العسكرية الموازية للقوات المسلحة أو الموجودة في أقبية بعض المساجد والحوزات العلمية والمدارس التابعة للأصوليين والتي تستخدم الكهرباء بتسعيرة مجانية أو شبه مجانية.

وطالب مندوبو الحكومة المجلس الأعلى للأمن القومي بإعطاء رخصة خاصة لوزارة الاستخبارات للتحقيق في القضية والسماح لها بتفتيش الثكنات وكل مكان يشك بأن فيه «مزارع للعملات» لاستيضاح ما إذا كان الأمر ينطوي على استغلال سياسي قبيل الانتخابات، أم أن الأمر يتعلق بضغط حقيقي على شبكة الكهرباء العامة.

إقصاء انتخابي

ولفت المصدر إلى أن موضوعاً آخر أدى إلى احتدام الخلافات بين الحكومة والمتشددين، وتمثل بمعلومات تفيد بأن مجلس «صيانة الدستور» قرر عدم السماح لبعض المرشحين الموالين للتيار المعتدل، بخوض الانتخابات الرئاسية، وعلى رأسهم نائب رئيس الجمهورية إسحاق جهانغيري، بسبب بعض ملفات الفساد التي تلاحقه، والرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني، بحجة أن إحدى بناته هاجرت للولايات المتحدة وحصلت على الهوية الأميركية.

في المقابل، يتحدث أنصار التيار المعتدل عن عدم أحقية رئيس السلطة القضائية الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي في الترشح لخوض السباق الراسي على أساس أن السلطة القضائية تعتبر أحد أركان العملية الانتخابية و6 من أصل 12 عضواً في «صيانة الدستور» يتم تعيينهم من قبله.

كما يشتكي الإصلاحيون من تعرضهم للتضييق والإقصاء مقابل غض الطرف عن موانع قانونية تحول دون أحقية رموز «التيار المتشدد» في خوض الانتخابات، وهو ما ينطبق على أمين مجلس «تشخيص مصلحة النظام» محسن رضائي الذي يعاني من مرض «الباركينسون».

واعتبر مندوبو الحكومة أن التيار الأصولي حول «صيانة الدستور» إلى «آلة حزبية» لهندسة الانتخابات وطالبوا «الأعلى للأمن القومي»، الذي يعتبر أعلى مرجع بعد المرشد علي خامنئي، باتخاذ قرار ضده.

من جانب آخر، أشار المصدر إلى أن أحد الخلافات الرئيسية التي طغت على اجتماعات المجلس تمثلت في أن مندوبي البرلمان والأصوليين أصروا على أن تقوم حكومة روحاني، الذي يستعد لمغادرة منصبه في أغسطس المقبل، بوقف تنفيذ البروتوكول الإضافي لاتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية حسب القانون الذي أقره «مجلس الشورى» ووقف الاتفاق الفني المؤقت مع المنظمة الدولية للطاقة الذرية، الذي انتهى السبت الماضي، لكن الحكومة رفضت وأصرت على ضرورة إعطاء فرصة جديدة لمفاوضات فيينا الدائرة حالياً وتمديد الاتفاق لمدة شهر بهدف التوصل لتفاهم لإحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. ويتشكك «التيار الأصولي» بأن حكومة روحاني تسعى لتمديد الاتفاق المؤقت لإبقاء كاميرات المراقبة الدولية بالمنشآت النووية حتى موعد الانتخابات المقررة في 18 يونيو المقبل بـ«هدف تفجير الوضع حال خسارة التيار المعتدل للسباق».

قائمة الرئاسة

وكانت «الجريدة» قد علمت من مصدر آخر بـ«صيانة الدستور» أن آية الله جنتي أمين عام المجلس المخول بتأييد أهلية المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية التقى بخامنئي، مساء أمس الأول، للبت في «طلبات ترشح لأشخاص لديهم بعض المشاكل» ولم يستطع أعضاء المجلس حسم أمرهم تمهيداً لإعلان القائمة النهائية اليوم. وبحسب المصدر فإن القائمة النهائية ستضمن نحو 8 مرشحين.

تفاهم فيينا

إلى ذلك، نفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، أمس، وجود تباين في التصريحات الإيرانية والغربية بشأن مخرجات مباحثات فيينا، ووصولها إلى انسداد، قائلاً، إنه «من الواضح جداً أن هناك تقدماً ملحوظاً، ونعتقد أن الاتفاق في متناول اليد، وهناك قضايا متبقية يجب متابعتها»، رابطاً حلّ تلك القضايا العالقة بـ«قرار سياسي من واشنطن وابتعادها عن سلوك ومفردات الإدارة السابقة وحملة الضغوط القصوى».

وربط المتحدث الإيراني عودة إيران عن خطواتها التصعيدية بتخصيب اليورانيوم، برفع العقوبات بشكل مؤثر والتحقق من رفعها، مضيفاً أن «الاتفاق في فيينا مرهون بقرار سياسي أميركي».

في موازاة ذلك، كتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، عبر «تويتر»، رداً على نظيره الأميركي أنطوني بلينكن، أنه يعتقد أن رفع عقوبات ترامب من قبل الإدارة الجديدة هو «واجب قانوني وأخلاقي، وليس وسيلة للتأثير على المفاوضات».

كما شدد مبعوث طهران للمحادثات النووية، عباس عراقجي، على أن «الولايات المتحدة يجب أن ترفع العقوبات أولا»، غداة مطالبة بلينكن طهران بضرورة العودة للقيود النووية التي يفرضه الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

وجاءت المواجهة الكلامية بين طهران واشنطن عشية انطلاق الجولة الخامسة من مفاوضات فيينا.

• طهران ــ فرزاد قاسمي

التيار الأصولي يتشكك بإقدام روحاني على تفجير «مسار فيينا» في حال خسارة تياره للانتخابات المقبلة
back to top