رسالة لسمو الشيخة بدور القاسمي!
يُجمع المثقفون العرب على أن سلسلة "عالم المعرفة"، التي أطلقها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب من الكويت في يناير 1978، وأسند مهامها للأستاذ الدكتور فؤاد زكريا، كانت إحدى أهم السلاسل الثقافية العربية، وأنها شكّلت وصلاً مهماً بين المثقف العربي وحركة الثقافة العالمية، خاصة وما تكفّلت به السلسلة في سنواتها الأولى من ترجمة ونقل أهم الكتب الصادرة في أوروبا وأميركا لتكون في متناول القارئ العربي.وإذا أضفنا إلى ذلك أن انتظام السلسلة في صدورها مطلع كل شهر، وبعدد نسخ يصل إلى 45 ألف نسخة، وأن هذه النسخ توزَّع في توقيت واحد لتغطي جميع الأقطار الوطن العربي، فإنّ هذا ما أعطى السلسلة مكانتها الثقافية المرموقة، وضمن لها الوصول للقارئ العربي أينما كان. وبحُكم عملي سابقاً في المجلس الوطني، مديراً لإدارة الثقافة والفنون، وعضويّتي في الكثير من اللجان، فلقد طرحت على المسؤولين فكرة إمكانية إصدار أعمال إبداعية عربية في القصة القصيرة والرواية والشعر، ولأهم المبدعين العرب، وقد نُوقِشت هذه الفكرة، وما لبثت أن تشتت في أسئلة التفاصيل: نبدأ بالقصة أو الرواية أو الشعر؟ من هم المبدعون المحليون والعرب الأكثر استحقاقاً للنشر في مثل هذه السلسلة؟ من تراها الجهة التي سوف تقترح أسماء المبدعين في كل قطر عربي؟ وأسئلة أخرى كانت كفيلة بردم الفكرة تحت تراب الوقت!الفكرة لا تزل حيّة في رأسي، فكيف يمكن إصدار كتاب لمبدع عربي، في مختلف الأقطار العربية، في الوقت نفسه، وبعدد نسخ يتجاوز ما اعتاده كل من الكاتب والناشر العربي، وأعني الـ 1000 نسخة؟ فقلّة قليلة هم الكتّاب العرب الذين تتجاور مبيعات كتبهم في طبعتها الأولى الـ 1000 نسخة، خلافاً لما نراه على أغلفة بعض الكتب من طبعة خامسة وسابعة، وقد تصل الأمور إلى جرأة بعض الناشرين لأن يكتب على أغلفة بعض إصداراته: الطبعة الـ 21، والطبعة الـ 32، وغير ذلك من لعب الناشرين المضحك وترغيبهم للقارئ للإقبال على شراء الكتاب.
وقد شهدت معارض الكتب العربي في السنوات العشر الأخيرة حركة نشيطة، قبل أن تفعل "كورونا" فعلها المدمّر في بنية معرض الكتاب العربي، وفي دعم الناشر العربي، وفي وصول الكتاب العربي للقارئ بشكل مباشر، وأخيراً في لقاء المبدع العربي بجمهوره.لذا فقد قمت، خلال الأسبوع الماضي، بالتواصل مع أكثر من ناشر عربي، وفي أكثر من قطر عربي لمناقشة الفكرة، والنظر في إمكانية تطبيقها عبر اتفاقيات بين الناشرين العرب وبعضهم، حيث يتوجه الكاتب العربي لدار نشر عربية واحدة، وهذه الدار تقوم بدورها بنشر إصداره متزامناً في أكثر من قطر عربي، حتى لو كانت الطبعات في كل قطر بحدود الـ 500 نسخة، فنشر رواية عربية جديدة في 10 أقطار عربية فقط، يعني طباعة 5000 نسخة من الرواية ووصولها لفئات القراء في مختلف الأقطار العربية.وهذا يضمن زيادة أعداد توزيع الرواية، وبما يعني بالضرورة تعميم الفائدة الفكرية والثقافية والمالية لكل من الناشر والكاتب والقارئ، وهذا ما قد يشكل في المستقبل وجود رواية عربية يمكن أن تحوز لقب "أكثر الكتب مبيعاً" على مستوى الوطن العربي. فتحقيق رواية أو مجموعة قصصية عربية أو ديوان شعر لمبيعات حقيقية تصل إلى 20 ألفاً، سيكون سبقاً عربياً ثقافياً مهماً.بتاريخ 24 فبراير الماضي، وتحت عنوان "كتاب الناشر العربي"، كتبتَ هنا مشيراً لتجربة الصديق الروائي حجي جابر بإصدار روايته الأخيرة متزامنة لدى خمسة ناشرين عرب. وتمنّيت أن تُعمم هذه التجربة، وها أنا أكرر النداء، لكن هذه المرة سيكون لسمو الشيخة بدور سلطان القاسمي، بمنصبها الرفيع، بوصفها رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، وحضورها المكين في أحد أهم معارض الكتب العربية، وأعني معرض الشارقة الدولي للكتاب، وذلك للتمكين لهذه الفكرة بين ناشرين عرب من مختلف أقطار الوطن العربي، وبما يعني البدء بمسيرة الألف ميل، لبروز الكتاب الإبداعي العربي الأكثر مبيعاً.