من إسرائيل، بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أول جولة له في الشرق الأوسط، التي بدا أنه دُفع اليها دفعاً بعد جولة التصعيد المفاجئة بين إسرائيل والفسلطينيين.

وقالت مصادر دبلوماسية اطلعت على أجواء المحادثات التي أجراها الوزير الأميركي في القدس إن بلينكن لم يحمل معه أي جديد، وأن جدول أعماله اقتصر على 4 نقاط: أولاً، كيفية مساعدة غزة مع تحييد «حماس» وتعزيز دور القاهرة في إعادة إعمار القطاع، وثانياً، تشجيع واشنطن لإعادة التواصل والتفاوض بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وثالثاً، سُبل «تحسين حياة» الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية وتخفيف الضغوط عنهم، ورابعها تعزيز المظلة الإقليمية التي أوصلت الى تهدئة غزة، بما في ذلك إعادة إشراك مصر والأردن في أي حسابات إقليمية.

Ad

وأشارت المصادر الى أن بلينكن لم يمارس أي ضغوط على رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، بل طلب منه «التصرف بحكمة».

وفي مؤتمر صحافي مشترك بينهما في القدس، وعد بلينكن نتنياهو بضمان عدم «استفادة» حركة حماس من المساعدات الدولية وأموال إعادة إعمار غزة، مشدداً على ضرورة توسيع الفرص في الضفة الغربية بقيادة السلطة الفلسطينية من خلال خلق الفرص للقطاع الخاص، وخطوات أخرى يجب أن تتخذ من قبل قادة الطرفين لضمان مستقبل أفضل.

وأوضح بلينكن أنه جاء للمنطقة في «محاولة الحد من التوتر وحشد التأييد الدولي لإعادة إعمار غزة والمساهمة فيه، والعمل مع جميع الشركاء بشكل وثيق لضمان عدم استفادة حماس من أموال المساعدات»، مؤكداً أن الرئيس جو بايدن يؤيد تماماً منذ سنوات حق إسرائيل في الدفاع عن النفس في مواجهة الصواريخ القادمة من غزة.

وفي حين استمع بلينكن من نتنياهو إلى الاحتياجات الأمنية لإسرائيل، بما في ذلك تعزيز القبّة الحديدية، أشار إلى أن هناك «الكثير من العمل الشاق» المطلوب لإعادة الأمل والاحترام والثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، قائلاً: «رأينا البديل، وأعتقد أن هذا يجب أن يدفعنا جميعا لمضاعفة جهودنا للحفاظ على السلام وتحسين حياة الطرفين على حد سواء».

وبيّن بلينكن أن «الهدنة في غزة بنيت على ضغوط الرئيس جو بايدن، ويجب الآن البناء عليها لتحقيق سلام دائم». وقال: «لقد تحدثنا عن العنف الداخلي في إسرائيل الذي بدأ مع الأحداث».

«حماس» وإيران

وإذ شكر نتنياهو بايدن على دعمه حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ودعم القبة الحديدية، وثمّن جهوده لوقف إطلاق النار، شدد على ضرورة منع «حماس» من إعادة بناء قدراتها، وكذلك على عدم قدرة إيران على امتلاك الأسلحة النووية.

وبينما وعد بالعمل على تحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في غزة والضفة الغربية، هدد نتنياهو بردّ «قوي للغاية» في حال خرق وقف إطلاق النار، وقال: «في حال خرقت حماس الهدوء، وقامت بمهاجمة إسرائيل، فإن ردنا سيكون قويا للغاية».

وأضاف أن «إيران أهم القضايا التي ناقشناها، وطلبت من إدارة بايدن ألا تعود للاتفاق النووي معها، لأن ذلك يعني حصولها على الترسانة النووية بغطاء دولي»، مشيراً إلى أنه «حتى لو تمت العودة إلى الاتفاق، فإن إسرائيل ملتزمة بالدفاع عن نفسها ضد مساعي النظام الإيراني للحصول على السلاح النووي».

ومضى يقول: «ناقشنا توسيع دائرة التطبيع بين إسرائيل والدول العربية»، مؤكداً أنه «اتفق مع بايدن في نظرته للسلام حين قال إنه لا يمكن الحصول على السلام إلا بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وأنه لا يمكن إلا الاتفاق معه في هذه النقطة».

وبعد لقاء مماثل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الضفة الغربية المحتلة، يتوجّه بلينكن إلى مصر للقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي أدى دوراً أساسياً على صعيد التوصل إلى وقف إطلاق نار دخل الجمعة حيّز التنفيذ.

وفي المحطة الأخيرة من جولته يزور بلينكن قبل عودته الخميس إلى الولايات المتحدة، الأردن، الذي يقيم منذ زمن - وعلى غرار مصر - علاقات دبلوماسية مع الدولة العبرية.

وفيما أكد المضي قدما في عملية إعادة فتح القنصلية الأميركية الخاصة بالفلسطينيين في القدس، أوضح بلينكن أنه سيطلب من الكونغرس 75 مليون دولار في 2021 لمساعدة الفلسطينيين، موضحاً أن الإدارة ستقدم 5.5 ملايين دولار للإغاثة من الكوارث الطارئة في غزة، و32 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة للإغاثة وآخرين.

أوروبا والأردن

وقبل لقائه بلينكن، تسلّم عباس من وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي رسالة من عاهل المملكة عبدالله الثاني «أكدت تنسيق الجهود للتعامل مع المرحلة الحساسة بعد وقف العدوان على غزة وضمان التقدم إلى الأمام لإيجاد الأفق السياسي الحقيقي الذي يشكل السبيل الوحيد لعدم تكرار التصعيد».

وقال الصفدي إن الحفاظ على التهدئة يتطلب إيجاد أفق سياسي وحتى لا يتكرر التصعيد يجب «وقف الاعتداءات والانتهاكات في المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف، وعدم ترحيل سكان حي الشيخ جراح وأهالي حي سلوان، معتبراً أن موضوع الترحيل سيشكل دائماً جريمة حرب لا يمكن أن يسمح بها المجتمع الدولي، وأيضاً سيعيد تفجير الوضع».

ودعا عباس إلى «ضرورة الانتقال إلى مسار سياسي تحت إشراف اللجنة الرباعية الدولية، ينهي الاحتلال عن ويؤدي لنيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله في دولة ذات سيادة بعاصمتها القدس الشرقية».

وخلال استقبله وزير الخارجية المصري سامح شكري في قصر الحسينية، أمس الأول، أكد العاهل الأردني ضرورة البناء على وقف إطلاق النار والاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية لتفعيل المسار السياسي.

إلى ذلك، استقرت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على إصدار بيان مقتضب من ثلاث جمل يغطي آخر اندلاع للعنف في قطاع غزة. وكان وزراء خارجية التكتل فشلوا في القيام بذلك الأسبوع الماضي، بسبب معارضة المجر، التي يحتفظ رئيس وزرائها فيكتور أوربان بموقف شديد الولاء لإسرائيل ونتنياهو شخصياً.

وجاء في إعلان مشترك للاتحاد الأوروبي وقّعه قادة الاتحاد الأوروبي الذين عقدوا اجتماعا في وقت متأخر أمس الأول في بروكسل: «نرحب بوقف إطلاق النار الذي يجب أن ينهي أعمال العنف، وسنواصل العمل مع الشركاء الدوليين لاستئناف عملية سياسية، ونؤكد مجددا التزامنا الثابت بحل الدولتين».

ولم يتمكن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي من الاتفاق بالإجماع على بيان رسمي عندما اجتمعوا يوم الثلاثاء الماضي، لأنّ بودابست أعلنت أنها لن توقّعه، وفقا لما ذكره حينها كبير الدبلوماسيين بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، وعوضا عن ذلك، نشر بوريل بيانًا باسمه.