أدلى الناخبون السوريون في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بأصواتهم، أمس، في ثاني استحقاق رئاسي منذ عام 2011 عندما اندلعت انتفاضة شعبية؛ ما لبث أن تحولت الى حرب أهلية لم تنته فصولها إلى اليوم.

Ad

«10 أصفار»

وعلى وقع هتافات مؤيدة من المحيطين به أبرزها «بالروح بالدم نفديك يا بشار»، أدلى الرئيس الأسد أمس، ترافقه زوجته أسماء بصوتيهما في مدينة دوما.

وغداة صدور بيان خماسي يجدد رفض الاعتراف بالانتخابات، قال الأسد: «لا يمكن لدول ذات تاريخ استعماري أن تعطي تقييماً وتحدد شرعية وعدم شرعية هذه الانتخابات»، وأضاف: «نحن كدولة لا نقبل أبداً بمثل هذه التصرّفات، لكن الأهم مما تقوله الدولة أو تصمت عنه، هو ما يقوله الشعب».

وأعرب عن اعتقاده بأن «الحراك الذي رأيناه خلال الأسابيع الماضية كان الرد الكافي والواضح، وهو يقول لهم: قيمة آرائكم هي صفر وقيمتكم 10 أصفار»، في إشارة إلى عشرات آلاف السوريين الذين شاركوا، خصوصاً في لبنان المجاور الذي يستضيف أكثر من مليون ونصف المليون سوري، في عملية الاقتراع بسفارات بلادهم وقنصلياتها في اليوم المخصص للمقيمين خارج سورية الخميس الماضي.

وشدّد الأسد، الذي سيفوز بولاية رئاسية رابعة من 7 سنوات، على أنّ «المواطن السوري حر وقراره بيده وليس بيدّ أي جهة أخرى».

وقال: «سورية ليست كما كانوا يحاولون أن يسوقوها، منطقة ضد منطقة ومدينة ضد مدينة وطائفة ضد طائفة أو حرب أهلية، زيارتي إلى دوما وإدلائي بصوتي هنا، يدلّ على أنّ الشعب السوري هو شعب واحد في مواجهة الإرهاب والخيانة والعمالة».

لماذا دوما؟

وبدا لافتاً اختيار الأسد دوما للإدلاء بصوته، إذ شكّلت المدينة، التي استعادت قواته السيطرة عليها عام 2018 إثر هجوم واسع بدعم روسي أعقب حصاراً طويلاً، أحد أبرز معاقل المعارضة خلال النزاع. واتهمت دول غربية دمشق باستخدام غاز الكلور خلال الهجوم عليها، مما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الى شنّ ضربات جوية، رغم نفي دمشق.

بيان خماسي

وجاء موقف الأسد بمنزلة رد مباشر على تشكيك وزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، أمس الأول، بنزاهة الانتخابات حتى قبل إجرائها.

وقال وزراء خارجية الدول الخمس في بيان مشترك، إن هذه الانتخابات «لن تكون حرة ولا نزيهة». واستنكروا قرار نظام الأسد إجراء الاقتراع خارج إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الذي ينص على إجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف الأمم المتحدة.

وأكدوا أنه «لتكون الانتخابات ذات مصداقية، يجب أن تكون مفتوحة لجميع السوريين»، بمن فيهم النازحون داخل البلاد واللاجئون خارجها والمغتربون، منبهين إلى أنه «من دون توافر هذه العناصر، فإن هذه الانتخابات المزورة لا تمثل أي تقدم نحو حل سياسي». وأعلن الوزراء دعمهم أصوات جميع السوريين، بمن فيهم منظمات المجتمع المدني والمعارضة، وحضوا المجتمع الدولي على أن «يرفض من دون لبس هذه المحاولة من نظام الأسد ليكتسب مجدداً الشرعية».

وأمس أيضاً، كرّر وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان وصف الانتخابات بأنها «خدعة» باعتبار أن «جزءاً فقط من السوريين سيشارك فيها، فيما كثرٌ من السوريين النازحين... وكثرٌ من السوريين اللاجئين» لن يدلوا بأصواتهم.

من جهتها، شددت الأمم المتحدة، على أن الاقتراع ليس جزءاً من العملية السياسية التي تم اعتمادها بموجب القرار 2254.

حضور أمني

وعلى وقع إجراءات أمنية على مداخل دمشق والساحات والنقاط الرئيسية، شهدت مراكز الاقتراع في الجامعات خصوصاً إقبالاً باكراً من الطلاب.

وارتفعت الأعلام السورية وصور الأسد والمنافسَين الآخرَين، وزير الدولة السابق عبدالله سلوم عبدالله والمحامي محمود مرعي، في المراكز الانتخابية، لكن صوراً عملاقة للأسد اكتسحت الشوارع والساحات العامة.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها، عند السابعة صباحاً وأغلقت عند السابعة مساء على أن تصدر النتائج خلال 48 ساعة من إغلاق الصناديق. وعرض التلفزيون السوري مشاهد تظهر صفوفاً طويلة من الناخبين تتشكل أمامها في عدد من المناطق.

إقبال فاق التوقعات

وأعلنت اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات، أمس، أن الإقبال على مراكز الانتخاب بمختلف المحافظات «كبير جداً وفاق كل التوقعات». وقال رئيس الحكومة السورية حسين عرنوس، إن إقبال المواطنين على مراكز الانتخاب وعددها نحو 12 ألفاً في مختلف المحافظات «غلب التوقعات من حيث الكثافة».

من جانبه، قال وزير الإعلام عماد سارة، إن «تدفق» السوريين على المراكز الانتخابية يؤكد «فشل محاولات التأثير على إرادة المواطن وقناعته» كالإجراءات الاقتصادية القسرية المفروضة، ومنها قانون قيصر الأميركي».

وخلال مؤتمر صحافي سبق الانتخابات، قال وزير الداخلية محمد رحمون أمس الأول، إن عدد من يحق له الانتخاب في كامل المناطق السورية وخارجها يتخطى 18 مليون شخص.

لكن الانتخابات جرت، في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية المقدرة بأقل من ثلثي مساحة البلاد، ويقطن فيها نحو 11 مليون شخص.

أنصار تركيا

وغابت الانتخابات عن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي سورية، وعن مناطق تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» «جبهة النصرة سابقاً» وفصائل أخرى مسلحة موالية لأنقرة.

وتظاهر الآلاف من سكان محافظة إدلب الشمالية رفضاً للانتخابات، بينما شهدت بعض مناطق محافظة درعا الجنوبية إضراباً عاماً.

وكُتب على لافتة في بلدة تقع على الحدود مع تركيا وتسيطر عليها المعارضة المسلحة «إنه يوم الغضب».

القوات الأميركية

واشتكت تقارير من وسائل إعلام موالية لدمشق من أن مقاتلي قوات سورية الديمقراطية «قسد» المدعومة من الجيش الأميركي، اغلقت كافة المعابر النهرية والبرية، التي تربط مناطق سيطرتها في ريف دير الزور لمنع الناخبين من التوجه إلى مراكز الاقتراع في المناطق التي تديرها الدولة.

لكن وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» شددت، في بيان، على أنّ «مهمة القوات الأميركية في سورية، التي يقلّ عددها عن ألف جندي، تنحصر في محاربة التنظيمات الإرهابية، وليست منخرطة في شؤون سورية الداخلية».

الزيارة الأولى

يأتي ذلك، فيما شارك وفد من وزارة السياحة السورية برئاسة وزير السياحة محمد رامي رضوان مرتيني بالاجتماع الـ47 للجنة منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط في الرياض، أمس الأول، بدعوة من وزارة السياحة في المملكة ومنظمة السياحة العالمية.

وتعد زيارة مرتيني الأولى المعلنة لمسؤول سوري على هذا المستوى إلى السعودية منذ عام 2011.