أقام الملتقى الأول للإبداعات السردية العربية جلسة نقاشية حاضر فيها مدير الجلسة الشاعر والروائي د. طارق الطيب، والناقدة والروائية التونسية فتحية دبّش، لتقديم مناقشة نقدية لنصوص ثلاث كاتبات، هن: القاصة والحكواتية العمانية وفاء سالم، والكاتبة التونسية نجاة نوّار، والكاتبة استبرق أحمد، كما شارك في المناقشة الأديب صبري يوسف، والكاتب والناقد محمد المقداد. فيما قدَّم الموسيقي والشاعر زكريا الشيخ أحمد فقرة فنية شيقة، كفواصل ممتعة على العود.

في البداية، قدمت استبرق نبذة عن سيرتها الذاتية ومشوارها الأدبي للمشاركين، وعن شغفها الأول والكامن في القصة القصيرة.

Ad

ولفتت إلى أن بدايتها في الكتابة كانت من خلال نصوص شعرية وخواطر، وأن اتجاهها اللاحق للقصة أتى بعد انضمامها لمنتدى المبدعين الجدد، وشجعتها الآراء التي وجدت في نصوصها خطا قصصيا للمُضي للقصة، فكانت أول إصداراتها مجموعة «عتمة الضوء»، التي حصلت عام 2004 على جائزة الأديبة ليلى العثمان للإبداع الشبابي في دورتها الأولى. وفي عام 2011 كانت لها مجموعة قصصية بعنوان «تلقي في الشتاء عاليا»، وحازت عنها جائزة الدولة التشجيعية لعام 2011، ثم توالت الإصدارات، منها كتاب نصي بعنوان «الأشياء الواقفة في غرفة 9» و«الطائر الأبيض في البلاد الرمادية».

بعد ذلك، قرأت استبرق نص «السّلالة»، وهــــو من كتـــــاب «مرصـــــــد المتاهـــة». وافتتح د. الطيب باب النقاش، فقال إنه نص إنساني جميل، ويسلط الضوء على الدعوات العنصرية التي تعمل على تصنيف البشر، لافتا إلى أن «النص يقدم ما نراه في عالمنا الآن، وأيضا ما حدث في الأراضي المحتلة، كما أن الحب سمو، إلا أنه هنا كان بين كلمات لها معنى الانزلاق والسقوط في النص».

أما فتحية دبّش، فتحدثت حول اختيارها للنص، لجماله وعنوانه اللافت، وأن هذه هي مهمة العنوان التي هي بوابة النص، كما أن النص يتناسب مع فكرة الهوية، وهو هنا نص تجريبي بامتياز، لأن هناك اشتغالا على لعبة ضمائر السرد، فالضمير يوجه حديثه للأنت وللقارئ أيضا، كما أن هناك شخصية توجه حديثها بضمير متكلم، إضافة إلى المنحى التجريبي في تضمين المترادفات.

وأشارت دبّش إلى أن «السلالة في النص ليست فقط ارتقاء بالنوع والموروث والعائلة، بل إن الثابت في السلالة مستبعد، والنص يحيلنا إلى مفردات كثيرة تشير لحقل الكتابة ذاتها، وهناك نصان، هما: نص مجتمع يحافظ على سلالة نقية، ونص غائب يتمثل في أنهم أنفسهم يشوّهون سلالات الغير، وهناك التوازي بين سلالة البشر وسلالة الكُتاب التقليديين والتجريب».

وقالت إن هناك عذوبة في اللغة التي استخدمتها، فهي مشحونة وجدانيا، وفيها الكثير من الشاعرية والشعرية، لكنها تبقى لغة السرد، وهو نص متحرك لوجود الأفعال والجُمل القصيرة، وهناك اشتغال على التوزيع البصري للنص، وفيه اشتغال جيد على البُعد الإنساني، «فيخرج بنا من النص المغلق إلى النص المفتوح».

وتابعت: «أعتقد أن القراءات في هذا النص لامتناهية، وكما يمكن أن يقرأ وفق قراءاتي وتأويلي الذي قدمته، فإنه يمكن أن يُقرأ وفق الأنساق، مثلا الثقافية، أو وفق وفاء النص الأدبي لنوعه أو تمرده عنه، وأيضا من حيث الوجه النضالي للكتابة، التي تنطلق من الإنسان وتنتهي إليه. النص أراد أن يقدم لنا مقولة خلاصتها أن الجوهر ليس النقاء، وأن النقاء في نهاية الأمر، لأن النقاء هنا هو فعل انغلاق على الذات فيما العالم ينزع إلى الانفتاح على الآخر».

فضة المعيلي