قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي إن هناك شبه إجماع لدى مؤسسات البحث حول العالم بأن هناك علاقة طردية قوية بين كفاءة الإدارة العامة لأي بلد والقدرة على التعافي السريع من تداعيات الجائحة، والمرجح هو التباعد في المستوى الاقتصادي في المستقبل لصالح الدول ذات الإدارات الحصيفة.

وفي الكويت، وبتكاليف مزدوجة لتبعات الجائحة وهبوط أسعار النفط، استمر الغياب شبه الكامل لإدارتها العامة على مدى نصف عام، وعند التئام جناحها التنفيذي، يتخذ من القرارات ما يعمق آثار الإصابتين، مثل انتفاخ النفقات العامة رغم ضخامة أرقام العجز المالي، ومثل السحب غير المباشر من احتياطي الأجيال القادمة، ومثل قرارات تأجيل سداد القروض بلا نفع لأحد من التأجيل، ومثل تضخم كشوف الصفوف الأمامية، ومؤخراً مشروع قانون التمويل العقاري للسكن الخاص، والأخير غير مستدام لا من زاوية كفاية الأموال، ولا حتى زاوية الارتفاع الفاحش في تكاليف السكن، ولا من زاوية كفاية الأراضي، ولا من زاوية متطلبات البنى التحتية، ولا من زاوية دوره في اتساع فجوة الخلل في التركيبة السكانية، ولا من زاوية قدرة ورغبة البنوك التجارية في أخذ مخاطره.

Ad

الإدارة العامة

بمعنى آخر، إن تجاوز أي أزمة مرتبط بصلاح وجرأة وسرعة قرارات الإدارة العامة، وما يحدث في الكويت، ليس فقط غياب قرارات بتلك المواصفات، وإنما اتخاذ قرارات تؤدي إلى تعميق تبعات تلك الأزمة.

وفي ظروف الحاجة الملحة لإدارة شابة وفاعلة، تمر الكويت بحالة غير مسبوقة من خلل وشلل الإدارة، وحالة غير مسبوقة من الاحتقان السياسي، وعامل الوقت في غاية الأهمية، فإن استمر خلل وشلل الإدارة، وإن استمر تراكم التكاليف، فلن يقتصر الضرر على مؤسسات الدولة العامة، وإنما سوف يطال كل مكونات بيئة الأعمال، صغيرة ومتوسطة وكبيرة.

وإن بلغت الأوضاع تلك المرحلة، فلن ينفع معها حتى التغيير الجوهري في الإدارة العامة، فمصادر التمويل لكل احتياجات البلد غير مستدامة، والإدارة العامة بفرعيها التنفيذي والتشريعي سوف تقدم تلك الموارد قرباناً لاستمرارها حتى لا يعود هناك ما يكفي منها.

ضعف الاستقرار

والتغيير السريع للإدارة العامة متطلب جوهري، وفي بلد صغير ومحاط من قوى إقليمية كبرى، وفي واقع اضطرابات الإقليم وضعف الاستقرار العالمي، يبقى عنصر قوته في تلاحم جبهته الداخلية وتوافقها على خطة انقاذ، وذلك لن يحدث من دون وعي وقرارات سريعة وجريئة، عدا عن ذلك، فلن يكون في البلد رابح، الكل خاسر مهما اختلفت مشاربهم وتوجهاتهم، ويكفي خسارة نصف عام من خلل وشلل الإدارة لن تعوض في ظل أوضاع حرجة.