الكويت تفقد الصالح من مؤسساتها لمصلحة الطالح منها

«تثبيت ودعم مؤسسات الدولة الناجحة أحد أركان الإصلاح الرئيسية»

نشر في 30-05-2021
آخر تحديث 30-05-2021 | 00:00
No Image Caption
ذكر "الشال" أن ما يصنع الفرق بين مؤسسة وأخرى هو الإنسان، وأهمية الإنسان تكبر إذا كانت مسؤولياته إدارة مؤسسة عامة تؤثر سياساتها وقراراتها على البيئة العامة في البلد، ورغم ضعف الأداء لغالبية وزارات الدولة ومؤسساتها، تبقى في الكويت هيئات مضيئة، مثل بنك الكويت المركزي وديوان المحاسبة وهيئة أسواق المال.

وأصدر بنك الكويت المركزي في أبريل الفائت كتيبين، الأول توثيق لتدابيره في مواجهة الجائحة، والثاني رأي ورؤى المؤسسات ووكالات التصنيف الائتمانية العالمية في حصافة إجراءاته في تلك الظروف الاستثنائية، ولسنا بصدد استعراض ما جاء في الكتيبين، فقد سبقتنا وسائل الإعلام المختلفة في نشر كامل أو ملخص لمحتوياتهما، وفي حدود اطلاعنا، لم يدون أي رأي سلبي حولهما، وواقع أوضاع القطاع المصرفي تؤكد حصافتهما.

ما نود التعرض له هو أن التعليق والحرص يجب ألا يتوقف عند نقد إيجابي للتدابير، وإنما العودة إلى مقدمة الفقرة، فالأصل في الكويت بات تآكل المؤسسات الحصيفة، وانتشار مؤسسات الجينات والمحاصصة بديلا لها، وبعد أزمة العالم المالية عام 2008، تبنى بنك الكويت المركزي سياسة متشددة، بمعنى افتراض أسوأ سيناريو في زمن تساقطت فيه مؤسسات مالية ضخمة وعريقة مثل "ليمان براذرز" و"ميريل لينش"، في ذلك الزمن، انتقلت أزمة العالم إلى مرحلتها الثانية، أي من تصحيح جوهري لأسعار الأصول المالية والعقارية إلى تساقط بنوك وتدخل من حكومات ومؤسسات مالية أخرى لتعويمها.

ومع هبوط أسعار النفط حينها بشكل حاد، كان هم بنك الكويت المركزي إبقاء الأزمة في مرحلتها الأولى، أي أزمة تصحيح، واتهم يومها بالمبالغة في ذلك التشدد وفي دفع البنوك إلى أخذ مخصصات تحوطية ضخمة، وثبتت صحة الإجراءات عندما خرج القطاع المصرفي المحلي من الأزمة، ليس سليماً فقط، وإنما بتكوين طبقة شحوم استخدمها لاحقاً في حقبة سقوط أسعار النفط في خريف عام 2014.

وفي أزمة كورونا الحالية، عاد بنك الكويت المركزي إلى سياساته الاستباقية، وارتفعت مخصصات البنوك عام 2020 بنحو 56.2 في المئة مقارنة بعام 2019، ويبدو من تحاليل أداء المصارف، الكويتية فقط، للربع الأول من عام 2021، أنها سليمة مالياً، ومستوى أرباحها ارتفع بنحو 0.5 في المئة مقارنة بالربع الأول من عام 2020، أي أداء ما قبل الجائحة، وارتفع بنحو 102.5 في المئة مقارنة بأداء الربع الرابع من عام 2020.

تلك النتائج الإيجابية تتحقق بسبب سلامة النظرة لتطورات المستقبل، وبسبب سلامة المزاوجة بين العلم وتراكم الخبرات وتوفر دليل إجرائي جاهز للتصرف السريع، وذلك ما يفترض أن يتوفر لكل المؤسسات العامة، الرقابية والتنظيمية.

ونعتقد أن أحد أركان الإصلاح الرئيسية هو تثبيت ودعم مؤسسات الدولة الناجحة، والإفادة من واقعها لانتقال عدواها الحميدة إلى بقية مؤسسات الدولة، وذلك لا يحدث حالياً، فالكويت تفقد الصالح من مؤسساتها لمصلحة الطالح منها.

back to top